fbpx

لقاء بايدن – وبينغ: هل يعزّز انحياز واشنطن الى إسرائيل فرص بكين في المنطقة؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تجلّى الاهتمام الصيني في الشرق الأوسط من خلال وساطة الصين بين إيران والسعودية في آذار/مارس من هذا العام، التي أعادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ما وصفه الكثيرون بأنّه “تقدّم دبلوماسي رئيسي للصين، وإشارة إلى استعدادها للعب دور سياسي أكبر في المنطقة”، بحسب مجلة الـ Foreign Policy.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد سنة من انقطاع التواصل بشكل نهائي بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ، اجتمع الاثنان أخيراً في ظروف أقل ما يُقال عنها إنّها مأزومة، من حرب روسيا وأوكرانيا إلى حرب إسرائيل على غزة، إلى القرب الصيني – الروسي والإيراني، وغيرها من الملفّات. أربع ساعات متواصلة تناول فيها الرئيسان الكثير من الملفات الشائكة، من بينها الحرب الإسرائيلية على غزّة. 

لكن، لماذا توقّف التواصل الأميركي – الصيني؟

انقطعت الاتصالات العسكرية بين البلدين العام الماضي، بعدما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي، تايوان. في هذه الفترة، تعزّزت العلاقات بين الصين وروسيا. وفي لقاء سابق جمع شي جين بينغ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في الصين، أي بعد نحو أسبوع من عملية “طـــــوفــــان الأقصى” وبداية العدوان على غزّة، تحدّث جين بينغ عن نظام عالمي جديد وعن ضرورة اللجوء إلى حل الدولتين كحل سياسي لأزمة الفلسطينيين، متحدّثًا عن حقوقهم في اللقاء مع بوتين. 

“هناك مصلحة مشتركة في التأكيد على الدور السلبي للولايات المتحدة في النزاع”، قال جان لوب سامان، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية في سنغافورة، لرويترز. “وهذا يتناسب مع خطاب الصين حول الحاجة إلى بناء نظام عالمي بديل للولايات المتحدة”. فهل ستتغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط لمصلحة المحور الروسي – الصيني، وهل ستشهد المنطقة توازناً مختلفاً للقوى بعد الحرب على غزّة؟

“عندما يتعلق الأمر بتوازن القوى في المنطقة، وإذا نظرنا إلى الغرب من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، لا أرى حقاً حالة تأتي فيها روسيا والصين وتحلّا محل وسطاء القوة التقليدية في المنطقة واللاعبين الكبار التقليديين الذين لديهم علاقات ومصالح طويلة الأمد في المنطقة. أحد الأمور الرئيسية التي ستمنع مثل هذا الأمر، هو أن الصين لا ترغب حقاً في التورط سياسياً في المنطقة. ليس لديها أي علاقات سياسية إلا أنها ترى الشرق الأوسط من خلال عدسة اقتصادية تماماً”، وفق ما قالت ياسمين الجمل، مستشارة سابقة في قضايا الشرق الأوسط في البنتاغون الأميركي، في مقابلة لموقع “درج”، “أمّا روسيا، فهي داعمة لنظام الأسد، وتعتمد على إيران. والأخيرة تقدم دعماً لروسيا في حربها ضد أوكرانيا… لا أرى أن أياً من هذا سيحلّ محل العلاقات طويلة الأمد التي تمتلكها الدول، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، مع دول المنطقة”.

في لقائهما يوم الأربعاء في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، ناقش الرئيسان بايدن وجين بينغ أيضاً، الصراع في إسرائيل وغزة. وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، إن بايدن طلب من الصين استخدام نفوذها لدى إيران لحثها على عدم اتخاذ خطوات يمكن اعتبارها استفزازية، بحسب مقال للـ BBC. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزّة، حذّر بايدن إيران وحلفاءها مثل “حزب الله”، مراراً، من الدخول في الحرب أو فتح جبهة جديدة. 

عقب اللقاء الذي جمعهما، جدّد بايدن في مؤتمره الصحافي دعمه لإسرائيل، خصوصاً في ما يخصّ قناعته بوجود قيادات وأسلحة لحركة “حماس” تحت المستشفى، الأمر الذي فشل الإسرائيليون فشلاً ذريعاً في إثباته حتى اللحظة.

من الواضح أنّ بايدن، كحلفائه الإسرائيليين، يواجه تخبّطاً كبيراً في تبرير جرائم الحرب الإسرائيلية، لا سيما الغارات المتكررة على المستشفيات، آخرها مجمع الشفاء. وذكر بايدن ما أسماه بـ “المعضلة الرهيبة” لأن “حماس”، وفقاً له، “قالت إنها تخطط لمهاجمة الإسرائيليين مرة أخرى”، وأن الجيش الإسرائيلي يعرف أن عليه واجب توخي أكبر قدر ممكن من الحذر في ملاحقة أهدافه.

بالعودة الى الصين، لطالما اتبعت القوة الاقتصادية الكبرى سياسة “الدبلوماسية المتوازنة” و”التوازن الإيجابي”، وذلك عبر الحفاظ على حيادها في القضايا الشائكة للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط وتعزيزها. “الدبلوماسية المتوازنة تتضمن عدم اتخاذ جانب في مختلف النزاعات – بما في ذلك النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني – وعدم خلق أعداء. التوازن الإيجابي يركز على متابعة التعاون الوثيق مع إحدى القوى الإقليمية، على سبيل المثال إيران، في الاعتقاد بأن هذا سيحفز الآخرين – على سبيل المثال، دول الخليج العربي – على القيام بالمثل”، بحسب د. أندرو لاثام، أستاذ العلوم السياسية في كلية ماكاليستر، على موقع The Conversation الذي يعتبر أنّ الحرب الحالية تشكّل أحد أصعب التحديات للحفاظ على استراتيجية الحياد و”الدبلوماسية المتوازنة” التي يتبعها الرئيس الصيني شي جين بينغ في الشرق الأوسط.

إلا أنّ ما يتفق عليه الكثير من الخبراء أنّ رؤية الصين للمنطقة تتضمّن الحدّ من القوة والهيمنة الأميركية وزيادة قدرة الصين التأثيرية، لأن ذلك يضمن مصالحها الاقتصادية في المنطقة ووصولها إلى صادرات النفط والغاز. في هذا السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ من مصلحة الصين الاقتصادية الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، لأن نحو نصف واردات الصين من النفط مصدرها الشرق الأوسط.

تجلّى الاهتمام الصيني في الشرق الأوسط من خلال وساطة الصين بين إيران والسعودية في آذار/مارس من هذا العام، التي أعادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ما وصفه الكثيرون بأنّه “تقدّم دبلوماسي رئيسي للصين، وإشارة إلى استعدادها للعب دور سياسي أكبر في المنطقة”، بحسب مجلة الـ Foreign Policy.

لكن “هذا لا يعني أن بكين تسعى لتحل محل الولايات المتحدة كقوة هيمنة في المنطقة، إذ إن ذلك أمر غير قابل للتحقيق نظراً الى قوة الدولار والعلاقات الطويلة للولايات المتحدة مع بعض أكبر اقتصادات المنطقة”، بحسب مقال لـد. أندرو لاثام، على موقع The Conversation.

الموقف الصيني لطالما كان داعماً لفلسطين، فقد اعترفت الصين بفلسطين كدولة في عام 1988، رغم أنّها أسّست علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل في عام 1992.

بحسب الجمل، “الأمر المثير للاهتمام سيكون رؤية ما هو تأثير هذا الدعم غير المشروط الذي قدمه الغرب لإسرائيل، بخاصة في الأسبوع الأول من النزاع، قبل أن يبدأوا في الحديث عن وقف إطلاق النار والممرات الإنسانية ومعاناة الناس في غزة… لقد رأينا احتجاجات من الشرق إلى الغرب تدين الرد الإسرائيلي في غزة. فماذا سيكون تأثير هذا على العلاقات والمصالح الغربية في الشرق الأوسط، وحتى على السياسة الداخلية. يتحدث الناس في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، عن عدم التصويت للرئيس بايدن في الانتخابات المقبلة بسبب رد الولايات المتحدة. وهو الأمر نفسه بالنسبة الى حزب العمل في المملكة المتحدة. لذلك يتبقى أن نرى كيف سيؤثر هذا كله. ولكن بالتأكيد، نحن نعلم أنه سيكون لذلك تأثير في المستقبل”.