fbpx

إسرائيل تتّهم مصر أمام العدل الدوليّة.. مَن المتورّط؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المواقف المتراخية الكثيرة من النظام المصري صنعت مبرراً لإسرائيل لجعله في موضع اتهام، بخاصة مع اشتداد القبضة الأمنية ومنع المواطنين المصريين من إعلان التضامن مع فلسطين، بعدما اعتقل الأمن المصري عشرات المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين في بداية الحرب، ولم يُفرج عنهم حتى اللحظة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ألقت إسرائيل باللوم على مصر، في جلسة الاستماع الأولى بمحكمة العدل الدولية، في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وقال ممثل إسرائيل إن مصر هي “المسؤولة بشكل كامل عن منع دخول المساعدات الإنسانية ولجان تقصّي الحقائق والبعثات الدبلوماسية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، فإسرائيل ليست لها سيادة أو سلطة على المعبر”.

ليست هذه المرة الأولى التي تتورط فيها مصر بالتواطؤ في أزمات دولية وإنسانية بسبب إسرائيل، فعندما تقدم خدماتك إلى إسرائيل، ضارباً بإرادة الشعب المصري عرض الحائط، أو تحاول أن تكون صديقاً وحليفاً لدولة لا تمتلك قبولاً شعبياً، هذا ما تتلقاه في المقابل؛ إلقاء اللوم والاتهام والهرب من مسؤولية الجرائم الإنسانية.

نذكر الجملة الشهيرة للرئيس المصري الأسبق أنور السادات، الذي سعى إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، “بلَّغ بيغن احتجاجي الرسمي على ضم القدس”، تلك الجملة التي أصبحت رمزاً بعدما جسّدها الفنان أحمد زكي في فيلم أيام السادات، مستنكراً: “شعبي يقول عليّا إيه؟”، فبعدما سعى السادات إلى إقرار السلام وتوقيع اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل، أحرجه رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام الرأي العام بضم القدس، وهو ما ترتبت عليه الوثيقة التاريخية الممثلة في رسالة السادات إلى بيغن، بتاريخ 3 آب/ أغسطس، إثر سن القانون الأساسي الإسرائيلي بشأن القدس.

جاء في الرسالة على لسان الرئيس المصري، رفض الإجراءات كافة التي تتخذها إسرائيل من جانب واحد تحدياً للإجماع العالمي، في ما يتعلق بالقدس أو في صدد المستوطنات، وأن هذه الإجراءات باطلة بطلاناً مطلقاً، كما جاء على لسان السادات متحدثاً إلى بيغن: “قد يكون مفيداً أن أنعش ذاكرتك في صدد موضوع القدس، فلعلّك تذكر أن هذا الموضوع كان أول أمر أثرته معك ومع زملائك عندما بدأت مبادرة السلام. وقد أكد لك طول حديثنا مركزية هذا الموضوع والأهمية الكبرى التي يحتلها في قلوب وعقول ثمانمائة مليون مسلم ولعدد أكبر من المسيحيين”… فما الذي تلقاه السادات في المقابل غير تنصّل إسرائيل من وعودها والتزاماتها ومسؤولياتها مثلما اعتادت أن تفعل.

هل مصر متورّطة في منع دخول المساعدات الإنسانيّة؟

تقع المسؤولية بالكامل على الجانب الإسرائيلي. وما قام به فريق الدفاع الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، هو محاولة جديدة لإلقاء التهمة بعيداً من حكومته أو على الأقل تشتيت الأنظار. مع ذلك، فمن المثير للريبة ألا يكون هناك رد رسمي مصري على قدر خطورة الموقف، حتى لحظة كتابة هذه الكلمات.

الرد الرسمي الوحيد جاء على لسان ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في مداخلات هاتفية مع البرامج التلفزيونية، أو من خلال مواقف فردية لبعض نواب مجلسي النواب والشيوخ أو تكذيب هزيل من بعض أحزاب الموالاة المحسوبة على السلطة أو عبر البيان الرسمي الذي أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات، والذي نفت فيه بشكل قاطع “مزاعم وأكاذيب” فريق الدفاع الإسرائيلي. وأشار البيان إلى أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصري من معبر رفح، ويخضع الجانب الآخر منه لسلطة إسرائيل، وأقر بآلية دخول المساعدات من الجانب المصري بعد تفتيشها وفرزها عبر معبر كرم أبو سالم.

من غير المفهوم كيف تتعامل السلطات المصرية مع اتهام بهذه الجسامة بهذا الشكل من التراخي، فالهيئة العامة للاستعلامات، دورها في الأساس، هو الرد على الإعلام الأجنبي والتواصل مع المراسلين الأجانب واستخراج التصاريح الخاصة بهم، وهي غير معنية بالرد على اتهام كهذا.

صرّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك وزير خارجيته سامح شكري، في أكثر من مناسبة، بأن معبر رفح مفتوح من الجانب المصري ولم يُغلق طوال الوقت، وبغض النظر عن دقة تلك التصريحات، لكن أليس هذا الوقت المناسب كي يخرج علينا مسؤول ليس أقل من وزير الخارجية كي يفنّد اتهامات إسرائيل؟ أو على الأقل إعادة نشر أو الإشارة إلى بيان الخارجية المصرية بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، الذي أكّد عدم إغلاق المعبر منذ بداية الأزمة، وأن الجانب الإسرائيلي هو من يعيق دخول المساعدات إلى القطاع من خلال “الإجراءات والشروط المعيقة والمبررات الواهية”.

 أليس هذا الوقت المناسب كي يخرج الرئيس السيسي مكذّباً إسرائيل ومتحدثاً بوضوح عن حقيقة الوضع عند معبر رفح، كما فعل في تشرين الثاني 2023 عندما أعلن في فعالية تحيا مصر وفلسطين أن مصر لم تغلق المعبر أبداً!.

موقف مصر الملتبس يسهّل مهمة إسرائيل

قد يكون موقف النظام المصري السلبي الضعيف منذ بداية الحرب على غزة، دفع الإسرائيليين الى إلقاء التهمة على مصر والتنصل من المسؤولية، بخاصة مع وجود عدد من المؤشرات والمواقف التي اتخذها النظام المصري، والتي تسهّل من مهمة الإسرائيليين في ترويج روايتهم.

منذ أيام، نشرت جريدة الغارديان البريطانية تحقيقاً صحافياً يوثق إدارة معبر رفح عبر شبكة من السماسرة الذين يفرضون مبالغ باهظة على سكان القطاع، تصل إلى عشرة آلاف دولار للفرد الواحد، للسماح بعبورهم إلى الجانب الآخر، وكذلك تصريح الرئيس السيسي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في المؤتمر الصحافي مع المستشار الألماني، والذي عبّر فيه بوضوح عن رفض مصر مخططات تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء قائلًا: “إذا كانت هناك فكرة للتهجير، توجد صحراء النقب في إسرائيل.. يمكن نقل الفلسطينيين إليها حتى تنتهي إسرائيل من مهمتها المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة في حماس والجهاد الإسلامي.. ثم تعيدهم إن شاءت”، وهو التصريح الذي اعتبره البعض موافقة ضمنية من النظام المصري أو غض نظر في أفضل الأحوال.

سألنا السفير عبد الله الأشعل، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، عن الموقف القانوني لمصر أمام محكمة العدل الدولية، فقال في تصريحات خاصة لـ “درج”، إنه “قانونياً لا إدانة على مصر ولا تتحمل أي مسؤولية”. ونوّه بأن “منع دخول المساعدات الإنسانية هو عمل من أعمال الإبادة الجماعية تتملص منه إسرائيل وتحاول الإفلات من المسؤولية عن طريق إلقاء التهمة على مصر، عبر حجج تافهة وكاذبة”.

وأشار الأشعل إلى أن “معبر رفح مفتوح من الجانب المصري، ولذلك قصفته إسرائيل لمنع وصول المساعدات، ثم اعتذرت بعد ذلك وقالت إن القصف تمّ عن طريق الخطأ”. وأضاف أن إسرائيل تشترط أن تذهب قوافل المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم، وهناك يتم فرزها، ثم تحديد نوعيات المساعدات المسموح بدخولها وكمياتها والمستفيدين منها.

سبق أن تعرض معبر رفح للقصف الإسرائيلي أربع مرات في تشرين الأول الماضي، وقد اعتذرت إسرائيل وادّعت أنه عن طريق الخطأ، كما صرّح وزير الخارجية سامح شكري في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن الأمر متروك للإسرائيليين لتحديد وتقديم قوائم بأسماء الأشخاص المسموح لهم بالخروج من معبر رفح، وأن دور مصر هو تسهيل خروجهم.

كسر الحصار… مسؤولية من؟

عرقلت السلطات المصرية في تشرين الثاني الماضي، قافلة ضمير العالم، وهي الدعوة التي انطلقت من نقابة الصحافيين المصريين، لكل أحرار العالم، بغرض المشاركة في قافلة تتجه إلى رفح لكسر الحصار. ولاقت الدعوة رواجاً كبيراً على المستوى الدولي من الناشطين والحقوقيين والصحافيين وبعض المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان في الدول الأوروبية. على رغم ذلك، تعنتت السلطات المصرية في منح التصاريح الأمنية اللازمة لتسيير القافلة، وصدر بيان حقوقي موقعاً من 15 حزباً ومنظمة مجتمع مدني، بعنوان “لا لعرقلة سير قافلة ضمير العالم“، يطالب الحكومة المصرية بتسهيل إصدار التصريحات الأمنية.

ومع تعنّت السلطات المصرية، لجأ أربعة ناشطين من جنسيات أجنبية إلى التظاهر أمام وزارة الخارجية المصرية، مطالبين بكسر الحصار وتسهيل التصاريح الأمنية، فتم اقتيادهم إلى داخل الوزارة ثم ترحليهم إلى بلدانهم لاحقاً.

يقول السفير الأسبق عبد الله الأشعل، إن “هناك تنسيقاً في القرار المصري مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وإن مصر لا تريد التصعيد معهم، فقبلت بهذا الوضع”. ويضيف، “لو سمحت مصر بتسيير قافلة ضمير العالم ومنحت التصاريح الأمنية اللازمة، وبدأت القافلة في السير من العريش إلى رفح، وأعلنت إسرائيل أنها لن تسمح بدخول القافلة، فكيف لمصر أن تسمح بها؟”.

المواقف المتراخية الكثيرة من النظام المصري صنعت مبرراً لإسرائيل لجعله في موضع اتهام، بخاصة مع اشتداد القبضة الأمنية ومنع المواطنين المصريين من إعلان التضامن مع فلسطين، بعدما اعتقل الأمن المصري عشرات المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين في بداية الحرب، ولم يُفرج عنهم حتى اللحظة.

اتهمت مؤسسة مراسلون بلا حدود، النظام المصري، منذ شهر تقريباً، بالتواطؤ في الحصار الإعلامي المفروض على قطاع غزة، بسبب التعنت في منح التصاريح الأمنية اللازمة للصحافيين والمراسلين الأجانب، وتنصلت إسرائيل أيضاً من المسؤولية في تصريح مسؤولة العلاقات الإعلامية للحكومة الإسرائيلية بأن “إسرائيل لا يمكنها منح تصاريح عبور بوابة حدودية لا تخضع لسيطرتها”، وألقت باللوم على مصر.

من الضروري وجود رد مصري عاجل من أعلى المستويات على الادعاءات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية، وهذا التأخير ليس في صالح موقف النظام المصري، ولا يكفي تصريح ضياء رشوان بـ “السعي مع السلطات المصرية لإرسال رد مصري متكامل، لكي يرفق مع الفريق القانوني الموجود أمام محكمة العدل الدولية في ما يتعلق بالموقف المصري من معبر رفح”.

وفي هذا السياق، لا يكفي النفي والتكذيب، بل بإمكان مصر أن تستفيد من هذا الأمر، لإعادة تأسيس علاقتها مع إسرائيل وإعادة تموضعها في المنطقة، قد تكون فرصة ذهبية لمصر عبر فرض السيادة الكاملة على معبر رفح وفتحه بشكل كامل وبقرار أحادي من جهتها، وتوريط إسرائيل إذا منعت المساعدات والقوافل من الجانب الآخر أو تورطت في أي أعمال عنف.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.