fbpx

ملاحظة سريعة حول العونيّة الثقافيّة…

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“العونيّة”، زجل محض، وزجل رحبانيّ خصوصاً: إنّ حلّ المعضلات يبدأ بإنشاد الأناشيد والتعويل على “مختار” أو “شاويش” يصالح “المتخانقين” في احتفال أو سهرة عامرة. “بيي راح مع العسكر” و”هلّي عالريح” و”بحبّك يا لبنان”… لو سمعها نوّاف الموسوي، وخصوصاً لو أنشدها، لتخلّى “حزب الله” عن سلاحه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في يومي 21 و22 تشرين الأوّل/ أكتوبر، كان على مَن يستخدم التليفون أن يدفع ضريبة باهظة: إرجاعه إلى زمن الحضانة، أو في أحسن الأحوال، الصفوف الابتدائيّة. ذاك أنّه سيستمع، شاء أو أبى، إلى مطلع النشيد الوطنيّ مُلحّناً: “كلّنا للوطن/ للعلى للعلم”. للحظةٍ قد يتراءى للسامع أنّ عليه أن يقف إجلالاً حيث هو، وأن يؤدّي التحيّة بصدر منتفخ قبل أن “يدخل إلى الصفّ”.

نائب “حزب الله” نوّاف الموسوي استقبل عيد الاستقلال بطريقة أخرى: قال إنّ “بطل الاستقلال الحقيقيّ” هو أدهم خنجر. وخنجر، في الحدّ الأدنى، شخصيّة خلافيّة بين اللبنانيّين. آخرون رأوا، وهو ما يرونه مرّة في العام، أنّ صانع الاستقلال “الوحيد” هو السوريّ القوميّ سعيد فخر الدين. غيرهم ذهب أبعد: لم نحظ بالاستقلال بعد.

التليفون كان يدعونا إلى دخول الصفّ. الموسوي ومَن يشبهونه ينذرون الصفّ إيّاه بـ “خناقة” بين التلاميذ لا نهاية لها.

الهوّة تشي بأنّ الرهان على التليفون آخر تعابير تلك المنظومة الإيديولوجيّة التعيسة التي تتوهّم حلّ مشاكل “الكبار” عن طريق تطفيلهم وتجاهل الأسباب المقيمة وراء مشاكلهم. هذه الإيديولوجيا، التي يسعنا أن نصفها بـ “العونيّة”، زجل محض، وزجل رحبانيّ خصوصاً: إنّ حلّ المعضلات يبدأ بإنشاد الأناشيد والتعويل على “مختار” أو “شاويش” يصالح “المتخانقين” في احتفال أو سهرة عامرة.

 

“المختار” و”الشاويش” في موقع رئاسة الحمهوريّة غيرهما في القرية الرحبانيّة: إنّهما عاجزان عن التحكّم بنوّاف الموسوي بما يتعدّى تسريب النشيد الوطنيّ، وربّما بعض الأغاني الأخرى، إلى مسامعه. أمّا تشكيل الحكومة، كي لا نقول جمع السلاح، فشيء آخر تماماً.

 

“بيي راح مع العسكر” و”هلّي عالريح” و”بحبّك يا لبنان”… لو سمعها نوّاف الموسوي، وخصوصاً لو أنشدها، لتخلّى “حزب الله” عن سلاحه.

الإنجاز الأوّل تحقّق: أجبرناه أن يسمع مطلع النشيد الوطنيّ. باقي الأغنيات على الطريق.

هذا السلوك الثقافيّ العونيّ يجمع بين تحليلين رائجين – وخاطئين – للطائفيّة في لبنان: واحد يرى فيها ثابتاً جوهريّاً متأصّلاً في اللبنانيّين منذ أن وُجدوا على هذا الكوكب. وآخر يراها ظاهرة سطحيّة هي إمّا انعكاس لواقع اجتماعيّ أصلب عوداً، طبقيّ مثلاً، أو نتاج لمؤامرة خارجيّة علينا. التحليل الأوّل هو ديدن العونيّة في المجتمع والاجتماع حيث يسود التشدّد والحذر من الآخر الطائفيّ. التحليل الثاني هو ديدنها في رئاسة الجمهوريّة حيث يستطيع “المختار” و”الشاويش” تبديد مشكلات لا تعدو أن تكون سوء فهم عابر.

ما من شكّ في أنّ العونيّة لا تشرب من نبع الطوبى وحده. ذاك أنّ في فمها الكثير من المياه الآسنة أيضاً. هذا ما يجعل الرابسوديا الوطنيّة مُطالَبة، بين مطالَبات أخرى، بالتطهير الذاتيّ وبإنقاذ صورة النفس أمام نفسها وأمام الآخرين. بدوره فموقع رئاسة الجمهوريّة يسهّل مهمّة التنزيه والصعود إلى الأعلى. لكنّ “المختار” و”الشاويش” في موقع رئاسة الحمهوريّة غيرهما في القرية الرحبانيّة: إنّهما عاجزان عن التحكّم بنوّاف الموسوي بما يتعدّى تسريب النشيد الوطنيّ، وربّما بعض الأغاني الأخرى، إلى مسامعه. أمّا تشكيل الحكومة، كي لا نقول جمع السلاح، فشيء آخر تماماً.

 

إقرأ أيضاً:

لا يكفي أن يكون المرء ضد إيران

٧٥ عاماً على الاستقلال

كريم شفيق - صحفي مصري | 26.04.2024

حملة “نور”: حرب “آيات الله” الجديدة على أجساد النساء

تتزامن الحرب على أجساد النساء مع إخفاقات سياسية عدة، محلية وإقليمية، لـ"آيات الله"، بداية من تأثيرات المعارضة السياسية على الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت انحساراً شديداً، وتراجعاً لافتاً في مستوى إقبال الناخبين وتدنّي نسب المشاركة. فضلاً عن الهجوم المحدود والاستعراضي للرد الإيراني على اعتداءات إسرائيل على القنصلية، والهجوم الذي طاول قياداتها بين سوريا ولبنان.