مذ صادق الدستوريون على “التعديلات الدستورية” في جلسة البرلمان الأولى في أيلول/ سبتمبر 1907، حُرمت النساء من حقّ التصويت والانتخاب، إذ وُضعن في فئة المجانين والمجرمين والأطفال، وبدأت همسات حول الاعتراض على عدم أحقيتهن في التصويت. في الجولة الأولى من البرلمان، كانت هذه الاعتراضات من طريق مقالات نشرها رجال ونساء في الصحف، مسجلين احتجاجهم على الموقف الظالم من النساء. لكن في الجولة الثانية عام 1911 ظهرت هذه الاعتراضات في قبّة البرلمان، ودعا محمد تقي وكيل الرعايا ممثل همدان (مدينة إيرانية وعاصمة محافظة همدان) في المجلس، صراحة إلى منح المرأة حقّ التصويت، وواجه مطلب وكيل الرعايا معارضة شديدة في البرلمان من غالبية النواب، ولم يأت بأي نتيجة، لكنّ ناشطات قليلات ثابرن للحصول على الحقّ المشروع.
كانت صديقة دولت آبادي من أول المعترضات على حرمان المرأة من التصويت في محاضراتها في المجالس الاجتماعية وفي مقالاتها في المجلات النسائية. كتبت مقالاً في 18 نيسان/ أبريل 1920 قالت فيه: “نحن متأسفون جداً لأنّ إخواننا في انتخابات البرلمان والمجالس الإقليمية والمقاطعات لم يمنحونا حقّ التصويت فيها، ولم يشركونا فيها ووضعونا مع فئة القتلة والمجانين والمفلسين. إذا نظروا بدقّة سيذهب بهم الظن إلى تصديق أنّنا نحن النساء بلا حقّ، ليس لنا حق أبداً، ولن يتم اختيارنا كإخواننا الذين لهم الحق في البرلمان وغيره، من مستبدّين وملاكي أراضي… لأجل تقدّم الشعب الكادح والعمال وسعادتهم وتقدّم الحرية”.
نشرت مجلة “شكوفه” أثناء الدورة الانتخابية الثالثة للبرلمان، أسماء 12 مرشحة من قبلها، وطلبت من الرجال التصويت لهنّ. وأدى إقدام المجلة على هذه الخطوة إلى توقيفها موقتاً، لكن مساعي النساء لدخول الساحة السياسية استمرّت، وترجمت الناشطات انتصارات نساء أوروبا وأميركا في الحصول على حقّ التصويت، ونشرن أخبارها. وكتبت تاج السلطنة، وهي واحدة من أهم المناضلات، في مذكراتها، إثر متابعتها أخبار نجاحاتهنّ: “النساء الإيرانيات ينظرن إلى المستقبل البعيد، ويستمعن ويقرأن في الصحف، مدى الجدية في مطالبات النساء في أوروبا بحقوقهن. إنهنّ يردن الحقّ في الانتخاب والحقّ في التدخل في الأمور السياسية وشؤون الدولة، وقد نجحن في ذلك، في الولايات المتحدة الأميركية تم تثبيت هذه الحقوق بالكامل، والعمل بها بشكل جاد، وكذلك الأمر في باريس ولندن”.
تزامنت مطالبات مجموعة النسويات الإيرانيات للحصول على حقّ التصويت مع ذروة حركات النسوية وحقّ التصويت في الولايات المتحدة 1920 وبريطانيا 1918، وليس في إيران فحسب، ولكن أيضاً في العالم كمطالبات تقدّمية، وأحياناً تُعد مطالبات راديكالية. لذلك، في حين تم قمع مطالبات من قبيل تعليم البنات، بشدة، لذا لم تكن المطالبة بحقّ التصويت أولوية للنساء، أما الاعتراضات والاحتجاجات لكسب حقّ التصويت، فحصلت بعد سنوات وعلى نحو فعّال في الجيل التالي من المدافعات عن حقّ المرأة في إيران.
الخط الزمني لسعي المرأة الإيرانية للحصول على حقّ التصويت:
1907
القانون الأساسي للدستور، يضع المرأة في صفّ المجانين والأطفال والمجرمين، ويحرمها من حقّ التصويت.
1911
دعا ممثل همدان في المجلس محمد تقي وكيل الرعايا، إلى حقّ المرأة في التصويت، لكن بقية أعضاء البرلمان عارضوا ذلك.
1920
نشرت ناشطات مدنيات من قبيل صديقة دولت آبادي مقالات في المطبوعات، واعترضن على حرمان المرأة من حق التصويت.
1932
في المؤتمر الدولي الثاني للمرأة، الذي عقد في طهران، طالبت الناشطات بأن يكون للمرأة حقّ في التصويت في المنطقة.
1944
عقدت “المنظمة النسائية” التابعة لحزب “توده” مئات المؤتمرات في مختلف المدن لدعم هذا الحق.
1946
قام الحزب “الديموقراطي الآذربيجاني” بعد الإعلان عن استقلال آذربيجان بمنح المرأة حق المشاركة في الانتخابات.
1947
قوبل المقترح الذي تم تقديمه من قبل حزب “توده” والذي تضمن حقّ التصويت للنساء، بالرفض في البرلمان، وقيل إنّه معاد للإسلام.
1952
نشر ائتلاف من مجموعات نسائية بياناً يحمل مئات التوقيعات، يدعو إلى المساواة في الحقوق السياسية والاقتصادية.
17 كانون الأول/ ديسمبر 1952
قدّم محمد مصدق، رئيس الوزراء حينها حق المرأة في التصويت في مشروع القانون الجديد.
1 كانون الثاني/ يناير 1953
كانت التظاهرات المؤيدة حصول المرأة على حق التصويت في ساحة “بهارستان” في طهران مصدر جدل حاد بين المؤيدين والمعارضين لمشاركة المرأة في الانتخابات.
كانون الثاني 1953
بضغط من رجال الدين والقوى المحافظة في الجبهة الوطنية، أسقط الدكتور مصدق حقّ المرأة في التصويت من مشروع القانون الانتخابي، ما أدى إلى احتجاج المجموعات النسائية.
23 حزيران/ يونيو 1955
قامت المنتسبات إلى “مجلس المرأة الإيراني”، حين عودة الشاه وثريا من الاتحاد السوفياتي، بحمل لافتات كبيرة كتب عليها “المساواة في الحقوق للمرأة الإيرانية”.
1956
قامت نساء من “مجلس المرأة الإيراني” برئاسة صفية فيروز بالمطالبة بحقّ المرأة في التصويت أثناء لقاء جمعهنّ بالشاه.
23 تموز/ يوليو 1960
بعد احتجاج المرجع التقليدي الشيعي آية الله بروجردي، ألغى رئيس الوزراء الدائرة الانتخابية النسائية للحصول على حق التصويت.
23 آب/ أغسطس 1960
في استفتاء حكومي، ذهبت 20 ناشطة إلى مجلس شورى النظام الملكي الإيراني وطالبن بالحق في التصويت.
22 أيار/ مايو 1961
دعت مجموعة من الناشطات في اجتماع مع رئيس بلدية طهران، إلى حق النساء في المشاركة في انتخابات مجلس المدينة. بالتزامن مع ذلك، ترشّحت امرأة لمجلس المدينة في أصفهان.
6 تشرين الأول/ أكتوبر 1962
ألغى مجلس الوزراء حرمان المرأة من حق التصويت في “مشروع قانون الانتخابات في مجالس الولايات والمقاطعات”.
29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1962
بعد احتجاجات قام بها آية الله الخميني والقوى المحافظة ضد حقّ المرأة في التصويت، ألغت الحكومة مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقاليم.
7 كانون الثاني 1963
قامت 350 امرأة بالاعتصام أمام مبنى رئاسة الوزراء اعتراضاً على إلغاء قانون حق التصويت للمرأة.
9 كانون الثاني 1963
أعلن الشاه أنّه سيتم التصويت على قانون يضمن حق التصويت للمرأة، باعتباره من مطالب “الثورة البيضاء”.
توجّهت الناشطات إلى مكتب رئيس الوزراء وطالبن بالحق في التصويت في استفتاء عام.
23 كانون الثاني 1963
عقب تظاهرات قام بها رجال الدين والمحافظون المعترضون على حقّ المرأة في التصويت، نفّذ المؤيدون إضراباً في المؤسسات الحكومية والمدارس.
25 كانون الثاني 1963
سألت ناشطات نسويات وزير الزراعة في برنامج تلفزيوني مباشر: “لماذا لا نستطيع التصويت؟ ألسنا جزءاً من الشعب في هذه البلاد؟”.
26 كانون الثاني 1963
أُعلن في صبيحة الاستفتاء أنّ بإمكان النساء التصويت، إنما في صناديق منفصلة.
27 شباط/ فبراير 1963
أعلن الشاه أنّ من حقّ النساء التصويت.
03 آذار/ مارس 1963
أعلنت الحكومة إلغاء قانون الانتخابات الذي منع النساء من التصويت.
1963
بعد 55 سنة من السعي لكسب حقّ النساء في التصويت، شاركت النساء الإيرانيات في الانتخابات، ووصلت 6 نساء إلى البرلمان.
ترجمة عبّاس علي موسى
هذا المقال مترجم عن موقع آسو ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي