fbpx

ماذا يحدث للنساء في أفغانستان مع صعود حركة طالبان من جديد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فرَّ عدد لا يحصى من الرجال الأفغان في الآونة الأخيرة من البلاد، بحثاً عن العمل وطلباً للأمان. لكن حياة النساء الباقيات في أفغانستان تتدهور

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تجلس طاهرة* في غرفتها المستأجرة بالعاصمة الأفغانية كابول في أحد الأيام قارسة البرودة. ومع أن طاهرة متزوجة ولديها ثلاثة أطفال صغار، لكن آخر مرة اجتمع فيها جميع أفراد العائلة معاً كانت عام 2018، في اليوم الذي حاولوا فيه الهرب من أفغانستان. 

فقد دفع انعدام الأمن في مدينة ميدان بولاية وردك طاهرة (27 عاماً) وعائلتها إلى محاولة الفرار إلى تركيا عن طريق إيران. لكن عندما جاء يوم الرحيل، لم يتمكن سوى زوجها وابنهم وابنتهم ذات السبعة أعوام من عبور الأراضي الإيرانية، بينما لم يحالف الحظ طاهرة وابنتها ذات الستة أعوام. فقد ألقت الشرطة الإيرانية القبض عليهما على الحدود الإيرانية التركية، وأُعيدتا إلى أفغانستان.

تحكي طاهرة قائلةً، “علقت ملابس ابنتي بالسياج. لذا لم نكن سريعتين بما يكفي لعبور الحدود في الوقت المناسب”، مضيفةً، “فطر تفرق أفراد عائلتي عن بعضهم البعض فؤادي. كان من الصعب للغاية بشكل خاص الافتراق عن ابني ذو الثلاثة أعوام، الذي في أشد الحاجة إلى أمه”. 

فر عدد لا يحصى من الرجال الأفغان في الآونة الأخيرة من البلاد، بحثاً عن العمل وطلباً للأمان. لكن حياة النساء الباقيات في أفغانستان تتدهور دون رعاية وحماية أقاربهن الذكور، لا سيما مع مواصلة حركة طالبان إحكام قبضتها على أفغانستان.  

أظهر استطلاع للرأي أُجري مؤخراً أن 41% من الرجال الأفغان يرغبون في الرحيل عن أفغانستان، وهو ما يُعد رقماً قياسياً. وترتفع هذه النسبة لتصل إلى حوالي 50% في صفوف النساء، ما يعكس وضع أفغانستان باعتبارها واحدة من أقسى بلدان العالم على النساء.

لكن إعداد خطط الرحيل قد تكون مهمة مستحيلة، خاصة بالنسبة للنساء. وذلك لافتقارهن إلى التعليم أو المال الكافي -إذ إن 80% من الأفغانيات عاطلات عن العمل و91% منهن لم يحصلن سوى على التعليم الابتدائي أو بلا تعليم- لذا تتضاءل فرص النساء في العثور على عملٍ في البلدان الأخرى. وغالباً ما تخاطر النساء اللاتي يحاولن الرحيل بكل شيء.

حاولت طاهرة مجدداً الفرار إلى تركيا بعد شهر من افتراقها عن عائلتها. فقد اقترضت مالاً من أقاربها، وفي هذه المرة لم تستطع الوصول لأبعد من إيران. 

قالت طاهرة، “كنتُ المرأة الوحيدة بين أفراد المجموعة المُتجهة إلى تركيا. وبعد ساعات من المرور عبر الأراضي القاحلة، أدركت فجأة أن المُهرب يأخذنا في اتجاه مختلف عن باقي أفراد المجموعة”.  

وعندما صرخت طلباً للنجدة، قال لها المُهرب “لا بأس، لن أجبرك على ممارسة الجنس معي إذا لم ترغبي في ذلك”. لكن طاهرة خافت أن تُغتصب “ليس فقط من قبل المُهرب، وإنما من قبل مجموعة منهم. لذا اضطررت إلى إنهاء رحلتي. فضلت اعتقالي من قبل الشرطة الإيرانية على اغتصابي”.

وحينما وجدت الشرطة طاهرة وابنتها، أُعيدتا مجدداً إلى أفغانستان.

تعيش طاهرة وابنتها الآن بمفردهما في كابول. “لا أحد هنا يعتني بي أو يُقدم لي الدعم المالي. وصرت أُكابد الكثير من المتاعب ,الحياة أصبحت صعبة للغاية، فالجميع يسيئون الظن بي وينظرون إلي بازدراء، لأنني أعيش بمفردي دون زوجي”.

“جفاني النوم كل ليلة ولا يسعني سوى التفكّير في ابني. وعندما أخلد للنوم أخيراً، أحلم بأنه يناديني…أرجو من الله أن يَلم شمل عائلتي في أقرب وقت وأن أحتضن ابني مرة أخرى. أتمنى أكثر من أي شيءٍ أن تتاح لي فرصة رؤية أطفالي وزوجي، حتى نستطيع جميعاً أن نأكل سوياً، ونضحك بسعادة، ونكون ببساطة عائلة مرة أخرى”.

قلة من النساء الأفغانيات يحظين بفرص عمل

انفصلت باري هي الأخرى عن عائلتها. فقد عاشت لفترة طويلة في ولاية وردك، هي وبناتها الأربع بمفردهن.

تحكي باري قائلةً، “بعد فترة، اكتشف الجيران أننا نعيش دون وجود رجل في الأسرة، لذا خفت من أن يحدث شيئاً سيئاً لبناتي. وفي النهاية، اضطررت للزواج من أحدهم في سن مبكرة. ابنتي هي الأخرى لا يتجاوز عمرها 16 عاماً، ومخطوبة بالفعل”.

مضيفةً “عندما أرى الفتيات الصغيرات في سن بناتي وهن في طريقهن إلى المدرسة، ينفطر قلبي. وأتمنى لو كان بوسعهن أن تتاح لهن نفس الفرصة مثل هؤلاء الفتيات”.

باري هي أم لأربع بنات وولد. توفي عنها زوجها قبل ست سنوات. وفي عام 2015، أخذت باري أطفالها وغادرت، مثل طاهرة، مُتوجهةً إلى إيران، ومنها إلى تركيا.

تمكن ابنها فقط من الوصول إلى تركيا. أما بقية أفراد العائلة، فقد أُلقي القبض عليهم وأعيدوا إلى أفغانستان.

تقول باري، “كانت جميع بناتي الأربع صغيرات السن عندما عدنا إلى أفغانستان. وكان من الصعب للغاية إيجاد منزل للإيجار، نظراً إلى أن الجميع يطلبون وجود رجل بين أفراد العائلة”.

لم يكن بوسعها أن تنام لأسابيع، إذ لم يكن مكان إقامتهن آمناً، وكانت تخشى على سلامة بناتها.

أضافت باري، “سأتمكن قريباً من إعالتهن مالياً من خلال العمل في تفصيل الملابس. أتمنى حقاً أن يجتمع شملنا مع ابني في يومٍ من الأيام، وألا أضطر بعد الآن إلى القلق بشأن سلامة بناتي”.

وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين المُسجلين في أفغانستان يبلغ نحو 2. 5 مليون لاجئ، وهو ثاني أكبر عدد من اللاجئين على مستوى العالم. ومع عودة طالبان إلى السلطة، واستمرار أعمال العنف التي تعصف بالبلاد، فمن المتوقع تزايد هذه الأعداد.

وعلى الرغم من أن الرجال يشكلون أغلبية اللاجئين، فإن المزيد من النساء الشابات يغادرن الآن بحثاً عن حياة جديدة.

وفي حين تحظى النساء المتعلمات بفرصة أفضل، فإن الأمهات مثل طاهرة وباري يبقين مكتوفات الأيدي، وغالباً ما يترملن، ويتشتت الأطفال في مختلف أنحاء العالم، ولا يعرف أي منهم متى سيتمكنون من رؤية عائلاتهم مرة أخرى.

*  تم تغيير الأسماء بناءً على طلب الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات.

هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

مجتمع التحقق العربي | 25.04.2024

الضربات الإيرانيّة والإسرائيليّة بين حملات تهويل وتهوين ممنهجة

بينما تصاعدت حدّة التوترات الإقليمية بعدما قصفت إيران إسرائيل للمرة الأولى منتصف نيسان/ أبريل، كان الفضاء الافتراضي مشتعلاً مع تباين المواقف تجاه أطراف التصعيد غير المسبوق.