fbpx

القنوات المصرية المعارضة في تركيا: “استراحة إيمانية”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

السؤال الآن.. هل تبث القنوات المصرية محتوى مخالفاً لمواثيق الشرف الإعلامية يستدعي تحجيمها أو غلقها؟ سقطت أول ورقة من شجرة القنوات التي تبث من تركيا، واسمها “رابعة”…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لم تعرض قنوات المعارضة المصرية في تركيا أغنية “تسلم الأيادي” حتى الآن”. العبارة نشرتها صفحة ساخرة على “فايسبوك” ينشط فيها من يطلقون على أنفسهم في مصر “الدولجية” أي الموالين للدولة، والتي غمزت من احتمال عرض القنوات، التي عرفت في السنوات الأخيرة بمعارضتها الشرسة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الأغنية الأشهر التي يستخدمها الموالون، لكن ربما تذيعها حقاً يوماً ما، من يدري؟

فكما بات متداولاً، طلبت الحكومة التركية إغلاق القنوات الإعلامية المصرية المعارضة لنظام السيسي ومعظمها قنوات إخوانية، أو إحالتها إلى قنوات “فن ومنوعات”.. 

لا أحد يعرف مصدر المعلومة التي انتشرت، إلا أن البحث العميق في مواقع التواصل الاجتماعيّ يكشف أن جناحاً معارضاً للنظام المصري، ليس على وفاق مع السياسي المصري أيمن نور، تولى نشر المعلومة، لتبدأ التوقعات بـ”غدر” محتمل من جانب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالإخوان بعد 8 سنوات من الدعم والاحتواء، ورفع “كف رابعة” وهي العلامة الشهيرة التي اقترنت بتظاهرات الإخوان ضد السيسي عن القنوات .

“السلطات التركية لم تكن تتابع القنوات المصرية التي تبث من أراضيها، وجاءتها ملاحظة من السلطات المصرية بشأن محتوى هذه القنوات، وعندما تابعنا وجدنا بعض الخروقات فطلبنا منها الالتزام بالمواثيق الإعلامية”. 

وقف البرامج السياسية

كانت الأنباء الواردة من تركيا تؤكد أن شيئاً ما يتغير: القنوات تحجب بعض برامجها، والبرنامج السياسي للإعلامي المصري المعروف محمد ناصر يذيع حلقة عن “الإسراء والمعراج” تحت عنوان “استراحة إيمانية”، منشور متداول بين الوجوه الداعمة لجماعة الإخوان يشير إلى طلب تركي – رسمي – من قنوات “الشرق” و”مكملين” و”وطن” بإغلاق برامجها السياسية، ووقف أي حديث متعلق بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. 

تتزامن مع الأنباء الواردة من أنقرة تسريبات “عاجلة على ألسنة مصادر مجهولة” بثتها قناة “العربية” الممولة سعودياً، حول وضع تركيا قيادات الإخوان “قيد الإقامة الجبرية”، ومطالبة آخرين بـ”توقيع وثيقة أمنية” مقابل البقاء على أراضيها، ومفاوضات تشمل ترحيل قيادات إخوانية. 

وبدأت ماكينة “المنشورات الشامتة والشائعات” المصرية تصور الأمر وكأنه تخلٍ كامل من تركيا، ورئيس وزرائها، رجب طيب أردوغان، عن جحافل الإخوان والمعارضين في أنقرة حتى إنها فبركت صورة لقناة “الشرق” تعرض أغنية “تسلم الأيادي” الداعمة للجيش المصري، ولم يكن أكثر المتفائلين في مصر يتخيّل هذا المشهد أبداً.

لكن الخيال الجامح إن لم يجدْ الفضيحة، صنعها، ونشرها، ليبدو ما يحصل تنكيلاً بالمعارضة المصرية، تمهيداً لتسليم رموزها إلى القاهرة، على خلفية تقارب “مصري – تركي” يتم الترتيب له طوال الأشهر الماضية، لكن هل تلقي أنقرة بأوراق اللعب كلها دفعة واحدة؟ 

مناورة تركية على حساب القنوات المصرية؟

الشخص الوحيد في المعارضة المصرية، الذي اجتمع بمسؤولين سياسيين أتراك، راهناً، هو أيمن نور، المرشح الرئاسي الأسبق ورئيس حزب “غد الثورة” والمسؤول عن قناة “الشرق”، وروى أن “الأتراك لديهم طلب أو رجاء للقنوات الناطقة بالمصرية أن تلتزم بمواثيق الشرف الإعلامي“.

وقال لقناة “مكملين” إن حواراً داخلياً يدور بين القنوات المصرية – التي يطلق عليها نور مسمى “قنوات الثورة” – لضبط الأداء، وأنها ليست قنوات تركية، إنما مصرية، وتبث عبر الأقمار الأوروبية، وبالتالي يمكن أن تبثّ من أي دولة أخرى داخل أوروبا، واعترف بأن “تغير السياسة التحريرية سيحدث، لكن إلغاء السياسة من القنوات لن يحدث”.

لم يجزم أيمن نور بشيء، كان وقوفه على الحياد يعني أنه لا يملك الكثير ليقوله، ملقياً بمزيد من القلق في صدور المصريين في تركيا، حتى أطلّ ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان ضيفاً دورياً في قناة “الشرق”، على تطبيق “كلوب هاوس” للمحادثات الصوتية، ليبعث برسالة طمأنة للمعارضة المصرية في تركيا، مفادها أنّ “الأخبار المتداولة بشأن إغلاق القنوات وتسليم المعارضين للقاهرة مفبركة ولن تحدث“.

الطمأنة من الجانب التركي لم تخفِ وقوفاً على الحياد، فأتبع “أقطاي” تصريحه بتصريح آخر: “السلطات التركية لم تكن تتابع القنوات المصرية التي تبث من أراضيها، وجاءتها ملاحظة من السلطات المصرية بشأن محتوى هذه القنوات، وعندما تابعنا وجدنا بعض الخروقات فطلبنا منها الالتزام بالمواثيق الإعلامية”. 

يقول مستشار الرئيس التركي، إن السلطات التركية لم تكن تتابع القنوات المصرية التي تبث من أراضيها، على رغم أنه كان يحلّ ضيفاً فيها، بينما تحرض على النظام والجيش المصريين، ليثير شكوكاً حول مناورة تركية على أراضيها، باستخدام المعارضة المصرية، والمحادثات المخابراتية المتبادلة بين البلدين.

القنوات قد تنتقل إلى إسبانيا

وفق مسؤولين أتراك، كانت استضافة أنقرة المصريين والسوريين والليبيين موقفاً إنسانياً وليس سياسياً ولا تراجع فيه، مهما بلغت أهمية المصالح الموقتة واليومية، التي تدفعها للتفاوض والتصالح مع مصر. برَّر أقطاي هذا الموقف بأن تركيا لا تسلم مطلوبين لدول فيها أحكام بالإعدام. 

حوالى 500 مصري يعملون بالقنوات التي تُبث من تركيا، وفق دعاء حسن، مقدمة برنامج “أنا الشعب” على قناة “الشرق”، أمضوا ليالي صعبة، قلقين من الترحيل، وفي عقول أغلبهم استقرّ يقين بأن تركيا تضيق بهم تدريجاً، مهما أبدَت العكس، وبدأوا الترتيب لهجرة جديدة إلى دولة أخرى. 

مصادر إعلامية قالت لـ”درج”، إن إسبانيا أولى الدول المرشّحة لهجرة القنوات، فالمطلوب – الآن – بلد أوروبي، لا يقر اتفاقية “تسليم متهمين أو هاربين” مع مصر، ولديه سوابق في عدم تسليم مطلوبين إلى السلطة المصرية، فهناك يعيش المقاول والفنان محمد علي، صاحب الدعوات السنوية إلى التظاهر في القاهرة، وعلى رغم إعلان إسبانيا طلب مصر تسليمه إليها رسمياً، لا يزال يعيش هناك من دون أي قيود قانونية أو أمنية، لكن ما يؤجل القرار بالرحيل إلى إسبانيا هو غلاء أسعارها وتكلفة المعيشة فيها، مقارنة بتركيا، بينما لا تتوفر تلك الميزانيات الآن.

النزوح الإخوانيّ من تركيا إلى دول أخرى لن يبدأ الآن للمرة الأولى، بدأ قبل أشهر، لسببين، الأول هو معاناة المصريين مالياً في أنقرة لأسباب ترجع إلى الوضع الاقتصادي التركي المتدهور، حيث “لا ضوء في نهاية النفق“، بحسب وصف “دويتشه فيلله”. السبب الثاني، هو المداعبات المصرية- التركية، التي انتشرت بعض أخبارها نهاية العام الماضي، للتوصل إلى حل للصراع الدائر في ليبيا، ومعركة “الغاز” المشتعلة في شرق المتوسط.

حوالى 500 مصري يعملون بالقنوات التي تُبث من تركيا، وفق دعاء حسن، مقدمة برنامج “أنا الشعب” على قناة “الشرق”، أمضوا ليالي صعبة، قلقين من الترحيل.

فرار مطلوبين خوفاً من “الترحيل”

لتركيا تاريخ في ترحيل المصريين المطلوبين إلى القاهرة، وفق لعبة “عض الأصابع” التي تتبعها دائماً. مطلع 2019، كانت تنشد تقارباً سياسياً مع القاهرة، تزامن مع وصول محمد عبد الحفيظ حسين، الشاب المصريّ المحكوم عليه بالإعدام في قضية “اغتيال النائب العام هشام بركات”. وصل محمد إلى تركيا من مقديشو قبل أن يطلب اللجوء السياسي، ولم يخرج من مطار إسطنبول، رُحِّل إلى القاهرة في الحال، وبرَّر أقطاي ترحيله بأن “التأشيرة لم تكن مناسبة”.

تغاضى المعارضون المصريون عن الواقعة لحساب تربيطات أخرى، بعضهم استشعر الحرج، والبعض الآخر كان يقترب من الحصول على الجنسية التركية، بينما بدأ آخرون يتحسّسون سبلاً للحياة، بعيداً من التهديدات والصفقات السياسية. ويقول ماهر فرغلي، الباحث المصري في الإسلام السياسيّ، في دراسة حديثة نشرها مركز “المسبار” للدراسات، إن 2000مصري من ذوي الخلفيات الإسلامية غادروا تركيا منذ بداية إجراءات التقارب المصري- التركي: “267 طلبوا اللجوء إلى كوريا الجنوبية، وآخرون سافروا إلى كندا وماليزيا وجنوب أفريقيا لتصبح دول النزوح الجديدة”.

أجنحة الإعلام المصري المعارض: أيمن نور ليبرالي في ظهر الإخوان!

ينقسم الإعلام المصريّ المعارض في الخارج إلى فِرَق وفق اختلاف جهات التمويل، فلم يفاجأ المقرّبون من ملف الإعلام الخارجي حين تصيّد الإعلامي المصري بتركيا، محمد ناصر، أخطاءً ليوسف حسين، المعروف باسم “جو شو”، ليصفه بـ”الفلاح العِفش”، الذي رد بتخصيص نصف حلقة من برنامجه الساخر لـ”تأديب” ناصر ورفاقه في تركيا. كانت معركة ساخنة تطرق أطرافها إلى المبالغ الضخمة التي يحصلون عليها، وتكشف انقساماً هائلاً في الرؤى والسياسات، وخلافاً بين جهات التمويل، لتتشكّل خريطة إعلامية واضحة.

جناح عزمي بشارة، ويضم مصريين وسوريين وليبيين في قنوات بتمويل قطريّ، دشّنت بعد ثورات الربيع العربي لتدعمها وتوفر عملاً للمهاجرين أو اللاجئين أو المعارضين السياسيين بعد الثورات، وأبرزها “التلفزيون العربي” وصحيفة “العربي الجديد”، التي رأس تحريرها في وقت الصدور الصحافي المصري وائل قنديل، ومجموعة مواقع أخرى، بعضها يصدر من لندن، والبعض الآخر يُدار “من بعد”.

جناح أيمن نور، وهو المسؤول عن تشغيل المصريين في تركيا واحتوائهم، وتموله قيادات إخوانية ورجال أعمال متعاطف، ميزانيته “ضعيفة” مقارنة بالجناح الأول، فراتب المعد في إحدى القنوات لا يتجاوز 1000 دولار شهرياً، ولا يتطرّق إلى قضايا دولية إلا نادراً، فقضيته الأولى هي الداخل المصري، وهدفه الوحيد هو الإطاحة بالنظام المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعظم العاملين هم أعضاء سابقون أو حاليون في جماعة الإخوان، أو معارضون غادروا مصر عقب 30 يونيو مباشرة. 

أيمن نور، الذي يحمل لقباً آخر هو “رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية بتركيا” يعتبر كبير المعارضة المصرية في أنقرة وقنواتها المتعددة، ويمتلك قناة “الشرق”، التي يعرفها بـ”صاحبة التوجه الليبرالي” لتجذب مذيعين وصحافيين مصريين من أهواء وخلفيات متنوعة، فتضم أعضاءً سابقين بالاشتراكيين الثوريين، وشباباً من ثورة “25 يناير”، وغير ذلك من الغاضبين من تحرك الجيش في 3 تموز/ يوليو، أو من لم يجدوا لهم مكاناً في الصفوف الأولى لرجال النظام المصري الجديد.

إقرأوا أيضاً:

“مرسى الغاضبين”… كيف تكونت القنوات المصرية في تركيا؟

أبرز الوجوه الغاضبة معتز مطر، مقدم برنامج “مع معتز” على قناة “الشرق”، أحد الداعمين السابقين لحركة “تمرد”، الذي هاجم الرئيس الأسبق محمد مرسي، ووصف السيسي بـ”منقذ مصر”

بدا أنه كان مؤمناً بما يحصل، ومن أشدّ المتحمسين له، على رغم أنه كان – حينذاك – خارج المشهد الإعلامي، فبدايته تصادفت مع افتتاح قناة جديدة، هي “مودرن سبورت” عام 2007، ليصبح مقدماً لأحد البرامج الرياضية، قبل أن يقدم برنامج “محطة مصر” على قناة “مودرن حرية” لتقطع عنه القناة الصوت على الهواء، اعتراضاً على تناوله “غير المهني” لبعض القضايا.

غاب معتز مطر طويلاً، وعاد ليقدم برنامجاً على قناة “مصر 25″، الناطقة باسم جماعة الإخوان المسلمين، لكنه لم يكن إخوانياً تنظيمياً، وغادرها بسبب “تدخل القناة في سياسات البرنامج”. 

العمل بالقرب من الإخوان، بالنسبة إلى النظام المصريّ، جريمة لا تسقط بالتقادم، فمن فعلها لا يتسامح معه، أو يتركه ليأكل معه في الإناء نفسه، فلم يكن معتز مطر واحداً من جنود النظام الجديد، فغادر إلى تركيا. كانت خزائن القنوات الإخوانية الحديثة لا تزال منتعشة، وهو ما جعلها مصدراً جاذباً لوجوه من التيارات كافة. لمس ذلك وتراً حساساً لدى “المستبعدين” من الصورة، فلم يكن أمامهم سوى البقاء في مصر ليظلوا خارج الصورة للأبد، أو انتهاز الفرصة المتاحة في تركيا، فكان الخيار الثاني أقرب لهم. 

لا يختلف محمد ناصر، مقدم برنامج “مصر النهارده”، كثيراً عن معتز مطر، لكن رحلته كانت أكثر ثراءً. 

ناصر شاعر ونحات ومثقف وناقد فني وسيناريست، ألف قصائد كثيرة، ورسم لوحات، وكتب أفلاماً، وتحوّلت قصائده إلى أغنيات، أبرزها “مش نظرة وابتسامة” لسيمون، و”إن مقدرتش تضحك” لأحمد زكي. لم يكن وجهاً إخوانياً أو محافظاً يوماً ما، قدم برامج على قنوات “أو تي في”، و”أون تي في”، و”المحور”، ودخل “عش الدبابير”، وبدأ يفتح ملفات ساخنة، وناقش كتاباً بعنوان “البغاء الصحفي” يكشف أسرار فساد المؤسسات الصحافية المصرية، ورؤساء التحرير، فأصدر حسن راتب، رجل الأعمال ومالك قناة “المحور”، قراراً بإنهاء خدمته، وإيقاف برنامجه. 

وأصبح محمد ناصر عاطلاً من العمل

لا يجد عملاً، ولا يظهر على أي شاشة، ولم تكن خلفيته اليسارية توحي بأنه يمكن أن يتعاون مع جماعة سياسية ذات خلفية إسلامية. وجود ناصر ومطر ومن بعدهما مجموعة فنانين كهشام عبد الله، وهشام عبد الحميد، ومحمد شومان، أوجد خليطاً يسمح بإنشاء قناة معارضة مصرية لا تضم أعضاءً حاليين أو سابقين بجماعة الإخوان، فكانت “الشرق”، التي استقدمت وجوهاً معارضة لجماعة الإخوان، وغاضبة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، كالمراسل الشهير طارق عبد الجابر، والكاتب الصحافي جمال الجمل.

معارضة ليبرالية لا تحمل موقفاً ثأرياً من النظام المصري بسبب فض اعتصامي رابعة والنهضة هي التغيير المطلوب، على عكس قنوات “رابعة” و”مكملين” و”ثورة”، التي كانت تُبث من تركيا، ويكسو شاشاتها الإسلاميون واللحى، وتبدو معارضة متسرّبة من نظام زائل يريد أن ينتقم. 

العمل بالقرب من الإخوان، بالنسبة إلى النظام المصريّ، جريمة لا تسقط بالتقادم، فمن فعلها لا يتسامح معه، أو يتركه ليأكل معه في الإناء نفسه، فلم يكن معتز مطر واحداً من جنود النظام الجديد، فغادر إلى تركيا.

تغيرت الخرائط، فأغلق الممولون قناتي “رابعة” و”ثورة”، واستحدثوا قناتي “وطن” و”مصر الآن” لتصبحا بديلاً أكثر تحرراً، يمثل الثورة، لا جماعة الإخوان. 

كان تعديلاً في الخطة والإستراتيجية، يقول إعلامي مصري منشق عن القنوات التركية – تحفظ على نشر اسمه – لـ”درج” إن انتقال أيمن نور من مقر معيشته السابق في لبنان إلى تركيا ليتولى إدارة القنوات خلفاً لباسم خفاجي، رئيس حزب “التغيير والتنمية” السابق، أحدث نقلة نوعية في أداء القنوات، فخفّت قبضة الإسلاميين عليها، وكان ما يقوله المذيع على الشاشة يتطابق مع “سكربت” متفق عليه مسبقاً، ولا يسمح لأي مذيع بالخروج عنه.

سجل حافل بالتحريض والتهديد بالقتل

السؤال الآن.. هل تبث القنوات المصرية محتوى مخالفاً لمواثيق الشرف الإعلامية يستدعي تحجيمها أو غلقها؟ لنعد إلى الوراء قليلاً. نحن الآن في 30 نيسان/ أبريل 2015.

سقطت أول ورقة من شجرة القنوات التي تبث من تركيا، واسمها “رابعة”، انطلقت مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2013 بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، وكانت تبث برامجها من مقرها في مدينة إسطنبول التركية. أعلن القمر الفرنسي “يوتل سات” إغلاقها رسمياً، عام 2015، لما تبثه من محتوى تحريضي. 

حملت القناة شعاراً على شكل “كف رابعة” الأصفر، وكان محتواها مناهضاً للنظام المصريّ، ومحرضاً ضده طوال الوقت، فكانت تبثُّ بيانات باسم تنظيمات إرهابية كـ”العقاب الثوري” و”حسم”، وتحولت إلى منصة لتنفيس الغضب الإخوانيّ على ضحايا اعتصامي “رابعة والنهضة” لتتبنى العنف منطقاً وحيداً لحل الأمور، برعاية الإسلامي وجدي غنيم ومجموعة من المشايخ الذين شاركوا في التحريض ضد الجيش المصري.

كانت القناة عبئاً على الأقمار الأوروبية، فأغلقتها. هدأت حدة اللهجة الإخوانية في ما بعد وأصبحت أكثر احترافية من حيث الصورة وإدارة برامج الهواء، لكنها لم تتعلم الدرس، سقطت في أخطاء مهنية لا تتوافق مع أيٍ من مواثيق الشرف الإعلامية، أو القوانين الدولية، عبر نشر مواد تُصنّف باعتبارها تحريضاً على العنف، عبر مذيعيها أو على لسان الضيوف.

تغيرت الخرائط، فأغلق الممولون قناتي “رابعة” و”ثورة”، واستحدثوا قناتي “وطن” و”مصر الآن” لتصبحا بديلاً أكثر تحرراً، يمثل الثورة، لا جماعة الإخوان. 

على قناتي “مصر الآن” و”الشرق” قاد محمد ناصر تحريضاً وتهديداً لزوجات الضباط المصريين: “أزواجكم هيموتوا وأولادكم هيتيتموا ومفيش سلمية خلاص ومن قتل يقتل ولو بعد حين، مفيش سلميتنا أقوى من الرصاص والجو البلدي ده، والدور الجاي العنف هيبقى جوا بيوت الضباط، هدي جوزك شوية لأنه هيتقتل أو ابنك هيتخطف”. 

وفي “الشرق” يوجه معتز مطر رسائله إلى الذئاب المنفردة: إذا رأيتموهم في الشوارع اقتلوهم (في إشارة إلى الضباط المصريين)، والدكتور أكرم كساب، الذي يعرف نفسه بأنه باحث في الفكر الإسلامي وعضو “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، يفتي عبر “الشرق” أيضاً، بأن “من يقوم بتفجير منزله في قوات الأمن فهو شهيد”، ويقول: “هؤلاء لا يجوز فيهم غير القتل”، وسلامة عبد القوي، القيادي الإخواني الذي كان وكيلاً لوزارة الأوقاف قبل 30 حزيران/ يونيو 2013، خلال استضافته في برنامج “مصر النهارده” على قناة “الشرق” أيضاً، رد على سؤال “هل يجوز إن حد يقتل السيسي؟” بقوله “اللي يطول يعمل كده، هذا قربة إلى الله عز وجل وإن قتل فهو شهيد”. إلى جانب الفيديو الشهير يضم مجموعة من مشاهد التحريض الإخواني على شاشات القنوات التركية.

تبث قناة “الشرق” كل هذا العنف، والتحريض على القتل والتدمير والتخريب بحق أفراد غير متورطين بأي شيء، وهي القناة التي ترتدي لباساً ليبرالياً ولا تظهر وجوهاً إسلامية خالصة على الشاشة، فماذا عمّا يبث إذاً عبر القنوات الأخرى، التي تعرف نفسها بأنها إسلامية وتعترف بكونها أذرعاً صريحة لجماعة الإخوان؟

إقرأوا أيضاً: