fbpx

العراق: إسقاط المحافظين مقدّمة لتهاوي أحجار “دومينو” النظام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المرحلة الحالية هي مرحلة تغيير حكومات محلية، خصوصاً أن حكومة المركز لم تلبِ المطالب الأساسية، لذا فإن تغيير المحافظين، خطوة نحو إبعاد الأشخاص الذين يتبعون الأحزاب في مراكز السلطة، واستبدالهم بشخصيات مستقلة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعيش العراق التغيير على مستوى المحافظات، بالمفرّق، بعدما تعذّر حتى الآن تحقيق مطالب محتجي تشرين بتغيير جذري وبالجملة، عبر انتخابات نيابية شفافة ونزيهة، وخالية من السلاح. ولأن التغيير على مستوى البلد دونه عقبات كثيرة، يضغط النشطاء في محافظات معينة، خصوصاً في جنوب البلاد، لتغيير المحافظين، بما يمثلون من سلطة محلية متجذرة في النظام. ولم يكن تغيير محافظ ذي قار، الذي تحقق راهناً، حدثاً عابراً لمحافظات وسط العراق بل كان الشرارة التي ألهبت ساحات التظاهر من جديد نحو تغيير الحكومات المحلية متمثلة بمحافظيها.

مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار التي تمكنت خلال سبعة أيام من التصعيد الاحتجاجي المطالب بتغيير محافظها ناظم الوائلي على اثر اتهامه بالفساد المالي والإداري، دفعت سبعة قتلى وأكثر من 165 جريحاً ثمناً لمطالبها، ليصدر بعدها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمراً بتكليف رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الغني الاسدي لإدارة ملف المحافظة. وبهذه الخطوة فتحت مدينة الناصرية شراهة المدن الأخرى في وسط البلاد نحو التظاهر بشدة للمطالبة بتغيير محافظيها، وكانت النجف أولى تلك المحافظات المطالبة بالتغيير حتى وصل حالها إلى صدامات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، تسببت  بجرح العشرات.

الحراك الشعبي في محافظات الوسط والجنوب يسير بشكل منتظم ومتناغم في عملية التصعيد وبشكل متناوب ومتجه نحو تغيير المحافظين، فهذا المنصب خاضعٌ للمحاصصة الحزبية التابعة لأطراف سياسية مشاركة في الحكومة المركزية في بغداد.

الناشط المدني من  النجف اكرم شبة يقول إنهم في المدينة ينتهجون نهج الناصرية، في إشارة إلى مواصلة التظاهر من أجل تغيير محافظ النجف لؤي الياسري والمنتمي إلى “حزب الدعوة الإسلامية”، فالضغط المتواصل بحسب وصفه من متظاهري الناصرية جاء بنتيجة التغيير نحو إقالة المحافظ ناظم الوائلي والمجيء بشخصية أخرى وإن كان ذلك بشكل موقت، إلا أنها خطوة ألهمت مدن العراق بفرصة التغيير بالإصرار. أكرم يتهم الياسري ونائبيه بالفساد وقتل المتظاهرين خلال الفترات السابقة.

المرحلة الحالية هي مرحلة تغيير حكومات محلية، بحسب أكرم، خصوصاً أن حكومة المركز لم تلبِ المطالب الأساسية، لذا فإن تغيير المحافظين، خطوة نحو إبعاد الأشخاص الذين يتبعون الأحزاب في مراكز السلطة، واستبدالهم بشخصيات مستقلة غير منتمية لجهة سياسية.

الكاتب السياسي أحمد الحداد يرى أن الحراك الشعبي في محافظات الوسط والجنوب يسير بشكل منتظم ومتناغم في عملية التصعيد وبشكل متناوب ومتجه نحو تغيير المحافظين، فهذا المنصب خاضعٌ للمحاصصة الحزبية التابعة لأطراف سياسية مشاركة في الحكومة المركزية في بغداد، مبيناً أن ما يحصل في الميادين هو شكل جديد من أشكال الاعتراض للخلاص من الإرث السياسي في إدارة المحافظات ومحاولة لي أذرع الحكومة الاخطبوطية.

الصراع الموجود بين المتظاهرين والكتل السياسية بحسب مراقبين بات واضحاً، إذ تلجأ تلك الأحزاب الحاكمة إلى استخدام وسائل إيذاء مختلفة للمحافظات التي شهدت الحراك الاحتجاجي منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إذ استخدمت جميع الأساليب من الاعتقالات إلى الاغتيالات واستهداف النشطاء بهدف إنهاء التظاهرات الشبابية.

مدينة الديوانية التي تبعد من الناصرية قرابة الـ200 كلم شمالاً ويبلغ عدد سكانها أكثر من 700 ألف نسمة، شهدت هي الأخرى تظاهرات ساخنة راهناً، للمطالبة بتغيير محافظها زهير علي شعلان أيضاً، وهو مرشح من ائتلاف دولة القانون و شقيقه عضو في مجلس محافظة الديوانية. 

إقرأوا أيضاً:

الناشط محمد علي من الديوانية يشعر بخيبة أمل مما تعانيه مدينته، إذ لم تشهد تحسناً في مستوى الخدمات والبنى التحتية ولم يُحاسَب الفاسدون في المؤسسات الحكومية. ويرى أن اللجان الاقتصادية للأحزاب السياسية ما زالت هي المهيمنة وتتحكّم بموارد المحافظة وتسيطر على القرارات السياسية وتستنزف مشاريعها.

ويرى علي أن مدينة الناصرية أصبحت انموذجاً لبقية المحافظات في توجهها نحو تغيير المحافظين، “فالدماء التي سالت في تلك المدينة ليست أقل ثمناً من دمائنا لذا سنعمد إلى التصعيد حتى التغيير وجلب شخصية أكثر كفاءة واستقلالية بقرارها السياسي”.

عضو مجلس النواب العراقي حسن شاكر حذّر، في تصريحات إعلامية، من استغلال التظاهرات والمتظاهرين لأجل مصالح سياسية، وقال إن “هناك أجندات وجماعات تعمل لمصلحة الأحزاب القريبة من رئيس الوزراء لتغيير بعض المحافظين قبيل الانتخابات لتنفيذ مصالحهم الخاصة”، بحسب اتهامه.

ومنح الدستور العراقي منصب المحافظ صلاحيات واسعة تضاهي صلاحيات رئيس الوزراء في نطاق المحافظة التي يحكمها، إذ ينص الدستور على أن المحافظ يعد الرئيس التنفيذي الاعلى في المحافظة ويمنح درجة وكيل وزير في الصلاحيات الخاصة بالحقوق والخدمة الوظيفية، وله الحق في إعداد الموازنة العامة للمحافظة وفق المعايير الدستورية وتنفيذ السياسة العامة، التي تضعها الحكومة الاتحادية في حدود المحافظة والإشراف على سير المرافق العامة فيها وتفتيشها، فضلاً عن سلطته على المحاكم والوحدات العسكرية والجامعات والكليات والمعاهد. واعطى الدستور المحافظ الحق في استحداث الجامعات والكليات والمعاهد في المحافظة، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإصدار أوامر تعيين الموظفين المحليين في المحافظة، ممن هم في درجة معينة من درجات السلم الوظيفي بحسب القانون، وله صلاحية تحريك الشرطة لإجراء التحقيقات في الجرائم التي تقع ضمن الحدود الإدارية للمحافظة وفقاً للقانون، ولديه سلطة مباشرة على الأجهزة الأمنية المحلية، وجميع الجهات المكلفة بواجبات الحماية وحفظ الأمن والنظام باستثناء القوات المسلحة (قطعات الجيش) وله الحق في الاعتراض على قرارات مجلس المحافظة أو المجلس المحلي.

“الدماء التي سالت في تلك المدينة ليست أقل ثمناً من دمائنا لذا سنعمد إلى التصعيد حتى التغيير وجلب شخصية أكثر كفاءة واستقلالية بقرارها السياسي”.

الصلاحيات الممنوحة للمحافظ، تمكّنه من خدمة الأحزاب اذا كان تابعاً لها، وهو قادر على تنفيعها اقتصادياًٍ ومالياً، وله اليد الطولى بالتدخل في أي قطاع كان أو تأمين مشروع خدمي أو استثناءات معينة، في الشأن العام، وخصوصاً في الشأن الانتخابي. وهذا ما يفسر امتعاض بعض قادة الكتل السياسية من التوجه الشبابي الجديد نحو تغيير المحافظين، لأنهم بهذه الخطوة يضعون حجر عثرة في طريق نفوذ الأحزاب مع قرب الانتخابات النيابية التي يفترض أن تجرى في تشرين الأول 2021، فلا تستطيع تلك الأحزاب أن توظف هذا المنصب لغاياتها ومصالحها الانتخابية.

رئيس “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي وصف ما حدث في ذي قار خلال تظاهرات طالبت بتغيير المحافظ بـ”مقدمة لإعلان إقليم تكون مركزه الناصرية، المخطط من قبل جهات خارجية من دون أن يكون للمتظاهرين علم بذلك” ورأى أن المتظاهرين اوصلوا البلاد إلى مرحلة “لا الدولة بقيت لها هيبة ولا تحققت مطالبهم”.

مدينة السماوة التي تبعد 120 كلم شرق الناصرية، كانت على لائحة المدن المطالبة بتغيير محافظها أحمد منفي من ائتلاف دولة القانون. يقول المتظاهر هشام صاحب إن مدينتهم شهدت تظاهرات بهذا الاتجاه وأن مماطلة البرلمان في إقرار القوانين الخاصة بمحاسبة الأحزاب وتحديد موعد نهائي للانتخابات النيابية المبكرة، تدعونا إلى التفكر في خطوات تصعيدية أخرى لا تقتصر على تغيير المحافظ بل خطوة جديدة تفاجئ الأحزاب الحاكمة، في إشارة منه إلى أهمية الخطوة في تحقيق التغيير الأوسع المطلوب على مستوى البلاد بأسرها. 

إقرأوا أيضاً: