fbpx

القاهرة تختنق: “الكباري” وأحزمة الإسمنت تحاصرها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يحدث في القاهرة الآن لا يمكن وصفه بالخطأ بل بالكارثة التي تطمس هوية العاصمة العريقة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لن يخطر في بال زائر القاهرة أن سياج جسر أو “كوبري”، قد يلاصق شرفة أحد المنازل. ومن يطمح للتجوال في القاهرة الساهرة، واستكشاف أماكنها التاريخية والتراثية المتفردة، والتقاط الصور الفوتوغرافية للطبيعة النادرة، والأشجار المعمرة، سيفاجئه تهديم عدد من المناطق الأثرية والشعبية التي اشتهرت بها العاصمة المصرية.

يصف الدكتور جمال حمدان في كتابه “القاهرة” بأنها “تاريخ مفعم، مجمد أو محفوظ، كل حجر في بناياتها مشبع بعبق الماضي وعرقه، وكل شبر منها يحمل بصمات الإنسان”. يشبه القاهرة بـ”بيت جماعي كبير، ومنطقة مبنية لا مثيل لكتلتها، فهي لم تنشأ أو تزدهر كمجرد نبت شيطاني، أو غراب طفيلي، أو بمجرد قرار بيروقراطي، إنما هي المحصلة لآلاف السنين من التجربة والخطأ، النجاح والفشل، نتيجة لعملية انتخاب جغرافي وجيوبوليتيكي قاسية ومفعمة طولها 500 سنة، في الخلاصة الصافية لكل تاريخ مصر العتيد وجغرافيتها المقطرة المرشحة”. 

الحقيقة هي أن ما يحدث في القاهرة الآن لا يمكن وصفه بالخطأ بل بالكارثة التي تطمس هوية العاصمة العريقة.  

حلول غير ناجعة 

في أيار/ مايو 2020 أعلن وزير النقل المهندس كامل الوزير، خلال افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع بشائر الخير في الإسكندرية، أنه نُفذ 600 “كوبري” ونفق بتكلفة 85 مليار جنيه مصري، و325 “كوبري” ونفقاً يتم تنفيذها على الطرق الرئيسية، ومحاور النيل ومزلقانات السكة الحديد. 

 وخلال افتتاح المرحلة الرابعة من الخط الثالث لمترو الأنفاق،  آب/ أغسطس 2020، صرّح وزير النقل المصري، بأن الوزارة بصدد تنفيذ مخطط لتشييد 1000 جسر علوي ونفق، بتكلفة 130 مليار جنيه، إضافة إلى جسور داخلية بالقرى المصرية بتكلفة 36.7 مليار جنيه مصري، لتسهيل حركة المواطنين وتفعيل التجارة بين المحافظات. 

كان من بين المحاور المرورية، الجسور التي يتم تنفيذها، في محافظة الجيزة “ترعة الزمر”، تسبب في اعتراضات واسعة من المواطنين خلال أيار 2020، لتضرر المقيمين من العمارات، إذ تلاصق شرف الشقق السكنية جدار الجسر وسياجه، إذ تبلغ مساحة الشارع 40 متراً، بينما مساحة الجسر تتراوح من 30 إلى 33 متراً بالعرض.

جسر يلتصق بالمنازل على محور الملك سلمان

وتعد الواقعة الأشهر هي الصورة التي لاقت سخرية على نطاق عالمي في أيار 2020 لـ”محور الملك سلمان” الذي يتم إنشاؤه في منطقة “ترعة الزمر” في الهرم في محافظة الجيزة في مصر، والذي يفصل بينه وبين البنايات المحيطة به 50 سنتيمتراً فقط.

غضب المواطنين، استدعى تدخل وزير النقل كامل الوزير، الذي شدد في مقابلة تلفزيونية على أهمية المحور الذي يبلغ طوله 8 كيلومترات، كونه يربط بين جنوب الجيزة وشمالها. كما أكد على أنه لا مساس بالعقارات الملتزمة بخط التنظيم، ومن يتضرر فسيُخلي وحدته السكنية ليُعوض بأخرى، من قبل لجنة مشكلة من رئاسة الوزراء.  وقال: “المحور كان لازم يشيد بالعرض ده، ورأيي الشخصي اللي عايز ياخد شقة ويغادر أو يستمر أهلاً وسهلاً، لكن لازم الكوبري يتبني وما ينفعش مساحته تقل عن كدا، ولما يؤثر على كذا بيت ولا لما يستفاد قرابة المليون راكب يومياً؟ سواء كانت البيوت دي شرعية أو غير شرعية، ولو عاوزين نخطط صح لبلدنا، أنا آسف محدش يزعل مني، أنا مش هانظر لعمارات، وأهمل مصلحة محافظة بحالها”.

حلول كارثية

يرجع المعماري محمد صبري نجم هذه الإشكالية، إلى أن الحكومات المصرية المتعاقبة، لم تخطط لهذه الشوارع منذ البداية، بخاصة أنها متسعة بشكل كاف، ولا تنتبه إلا بعد حدوث كارثة، فتلجأ لحلول موقتة أشبه بالدعامات، لتضع في أجندتها إنجازاً، من دون حل ناجز للأزمة، أو تخطيط ناجع مسبق. المثل الأبرز في هذا السياق محور “ترعة الزمر” حيث تلاصق الجسر مع شرفات المنازل. مثل هذه الأخطاء الكارثية كان يمكن تفاديها بخاصة عبر التخطيط المعماري للمنطقة كلها. 

لكن إهمال التخطيط ومع مرور الزمن وتزايد عدد السكان جعل المنطقة تعيش اختناقاً، “تعالج الحكومة الأخطاء السابقة بأخطاء جديدة، فالفترة التي أمضتها حكومة مبارك في تشييد الجسور، لتخفيف الاختناقات المرورية، خلق شوارع تعلوها شوارع، وجسر يعلوه آخر للهروب من الزحمة، وكلها مسكنات، مجرد دعامات، لكنني أعذر الحكومة، لاحتياجها لموارد ضخمة، بجانب الاصطدام بنزعات ومشكلات مع المواطنين، لكن لا أنكر الجهد المبذول، لكن أتمنى أن تكون الأولويات واضحة، وبحوار مجتمعي مع المواطنين، وإتاحة المعلومات للخطط المستقبلية، بخاصة أن أموالاً ضخمة أنفقت على المدن العمرانية الجديدة وتطوير أماكن ساحلية وهي بعيدة كلية عن المدن التي تعاني من أزمات في البنية التحتية”.

إقرأوا أيضاً:

القاهرة … رأس كاسح وجسد كسيح

ينتشر في محيط القاهرة ومصر عموماً نموذج المدن السكنية التي تنافس في مساحتها وخدماتها نموذج “دبي”. يوضح نجم أنه كان سيتم تشييد مدن جديدة لتخفيف الضغط بجوار دائري القاهرة، ونقل السكان من المناطق العشوائية، لكن هذه المناطق السكنية التي أُنشئت لمحدودي الدخل مثل منطقة “التجمع” تحولت إلى مناطق استثمارية، أو بالعكس تحولت المناطق الأخرى إلى عشوائيات، رغم أنها شيدت لحل أزمة العشوائيات داخل القاهرة، مثل مدينة “السلام”، يضيف: “المخطط تحول وتغيرت ملامحه في لحظة، وتأكد وصف جمال حمدان بأن القاهرة رأس كاسح وجسد كسيح، لكن العاصمة لم تعد تحتمل أكثر، بخاصة أنها تحتمل محافظات أخرى بجوارها مثل محافظة 6 أكتوبر، الجيزة، لذا الدولة تحتاج إلى مخططات توسعية لنقل المواطنين خارج العاصمة، وليس داخلها، وعليها خلق حوافز للمواطنين، إذ ما زالت محاولاتها في هذا الإطار ضئيلة وغير كافية”.

إشكالية التاريخي والأثري 

محور مروري آخر اصطدم بإشكالية الآثار التاريخية والأثرية، إذ تداول مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي في تموز/ يوليو 2020، صوراً فوتوغرافية وفيديوات، لأعمال هدم في منطقة “جبانة المماليك” التي تضم مقابر تاريخية وآثاراً إسلامية ترجع إلى نحو خمسة قرون. 

ونشرت وزارة السياحة والآثار بياناً، تنفي فيه أعمال الهدم، وتؤكد أن محور “الفردوس” بعيد من الآثار الإسلامية المسجلة في قرافة المماليك، و المقابر التي نُشرت صورها هي مبانٍ غير مسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية، فهي حديثة تخص أفراداً. 

وعلى رغم النفي، أكد أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، أوصى بتشكيل لجنة علمية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية لدراستها وبحث إمكان عرض بعضها المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز. 

في محاولة لاستعادة التاريخ المصري بتعاقب أزمنته داخل نفسه، حكى المعماري صبري نجم، أنه اصطدم في رحلته داخل “مدينة الأموات” في القاهرة، بواقع المقابر المزري، ابتداًء بإهمالها، إلى استيلاء بعض المواطنين الذي يقطنون داخل المقابر على مفاتيحها، يضيف: “ينتشر الشباب العاطل من العمل بين شوارع المقابر في السيدة عائشة، والمجرمون، هو ما صعّب من وجود أي زائرين بعد الساعة السابعة  مساًء، خوفاً من الخطر، في ظل عدم وجود إنارة، وتراكم القمامة التي رأيتها داخل قبة قبر الإمام الشافعي، وسيطرة أحد المقيمين على مقابر مثل ضريح رابعة العدوية، فهو لا يُفتح إلا بعد منحهم مبلغاً من المال”.  

الدكتور شريف شعبان خبير الآثار المصرية، صرح لـ”درج”، أن الأزمة أساسها هو عدم وضوح مفهوم وتعريف المكان التاريخي والمكان الأثري، حيث أن المبنى أو المنشأة التي يمر عليها أكثر من مئة عام تعد أثرية، ومن يتعرض لها يقع تحت طائلة القانون، أما الأماكن التاريخية فهي الأماكن التي مر عليها فترة زمنية ليست بعيدة، لكن لها قيمتها التاريخية والمتفردة. 

ويرى خبير الآثار المصرية شريف شعبان ، أن هناك خلطاً كبيراً بين التاريخي والأثري في التعامل مع المباني والآثار لعدم وضوح التعريف، ويحمل الدولة المصرية والإعلام المصري مسؤولية الوقوع في هذه الأزمة. ويلفت، إلى أن الأزمة نتيجة عدم وجود خطة توازن  بين الاستفادة من تشييد الجسور والمحاور المرورية والحفاظ على الأماكن التاريخية والتراثية، بخاصة أن الدول تسعى بكل إرادتها للحفاظ على تراثها وتاريخها، مثلما سعت دولة الإمارات لإنشاء متحف اللؤلؤ عام 2003، للحفاظ والتوعية بثقافة الغوص وجمع اللؤلؤ وتراثه في مرحلة ما قبل النفط، وتخليد ذكرى الغواصين، صيادي اللؤلؤ. 

اليونسكو:  “هوية القاهرة مهددة بالخطر”

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” أعربت عن قلقها على وضع التراث المصري ووضعه في قائمة التراث المهدد بالخطر، وهو ما يجعل صدقية الحكومة المصرية على المحك عالمياً، بحسب  مصادر خاصة لـ”عربي بوست”. 

وكانت أعمال الإنشاءات التي تُنفذ من دون التنسيق مع “اليونسكو” أو جهاتها المختصة دافعاً لموقفها، فسبق أن تجاهلت الحكومة المصرية طلب المنظمة بدعمها معلومات واضحة عن خطة شق طريقين سريعين عبر هضبة الأهرامات، إضافة إلى إرسال بعثة مراقبة. 

وضع بعض مواقع التراث المصري على قائمة التراث المهدد بالخطر سيعقبه آثار وخيمة على المستقبل الحضاري والسياحي، بخاصة أن المواقع المسجلة لدى “اليونسكو” عددها قليل مقارنة بواقع ما تملكه مصر، وسيترتب عليه الإضرار بصدقية مصر الدولية في ما يخص التعهد بالمواثيق الدولية مع “اليونسكو” بخاصة اتفاقية وُقعت عام 1979.

تغيرات في قلب العاصمة 

واقع الجسور ومحاور الطرق الحتمية، بحسب تأكيدات وزير النقل المهندس كامل الوزير، لم يكن بمفرده سبب نقل بعض الآثار المصرية لمواقع أخرى، إذ نقلت الكباش الأربعة ومسلة الملك رمسيس الثاني إلى ميدان التحرير بالقاهرة، بتمويل من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ضمن مشروع تطوير الميدان وخطة الدولة المصرية لإبراز حضارة مصر، وجعل “التحرير” مزاراً أثرياً وسياحياً، بحسب بيان وزارة السياحة والآثار  في أيار 2020. 

نقل التماثيل الأربعة الضخمة إلى الميدان أثار استنكاراً قوياً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، لاعتراضات أكدها الدكتور شريف شعبان لـ”درج”،  إذ يقول، إن التغيرات التي طرأت على “التحرير” أعطته طابعاً أوروبياً، لكنه يتخوف من تأثير عوامل التعرية والمناخ في القطع الأثرية الثمينة، حتى في ظل التأمينات التي فرضتها الدولة من خلال أفراد الأمن، بخاصة أنه تم نقل تمثال رمسيس الثاني من ميدان “باب الحديد” في وسط القاهرة إلى مقر المتحف المصري في الجيزة، خوفاً من العوامل البيئية الناجمة عن مترو الأنفاق والقطارات. 

جرى إضفاء صفة “التاريخي” على ميدان التحرير، الذي تغير اسمه من ميدان الإسماعيلية نسبة للخديوي إسماعيل، لارتباطه بالأحداث التاريخية الفارقة، بداية أحداث ثورة 1919 ، وثورة 23 يوليو 1952، ثم ثورة 11 يناير 2011. 

وبلغت تكلفة أعمال التطوير في ميدان التحرير، من إزالة الحدائق الموجودة في الميدان، وإعادة زراعتها بالنخيل ونباتات الزينة، وزراعة المنطقة السطحية لجراج التحرير بأشجار الزيتون والنخيل، واستحداث منظومة إنارة للميدان، وتثبت المسلة التي تزن 90 طناً، بنحو 38.5 مليون جنيه مصري. بحسب الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية. 

إقرأوا أيضاً:

هوية القاهرة تائهة وسط ضبابها

تفتح هذه التغيرات العمرانية  والحضارية على القاهرة،  مجالاً لطرح سؤال عن تأثيرها في هوية القاهرة التاريخية، محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب في جامعة القاهرة، يوضح لـ”درج”، أن “نقل المقابر التاريخية من مواقعها يحدث على مدار فترات تاريخية متعاقبة، بخاصة في ظل التوسعات التي تطرأ على مدينة القاهرة، وهو ما يجعل أمر ترحيل المقابر من أماكنها حتمياً وضرورياً”.

ويلفت أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر إلى أن “ملامح التغيرات الجارية لم تظهر آثارها بعد، بخاصة في ظل غياب المعلومات المتاحة عما سيحدث مستقبلاً، متى؟ وكيف؟ وما الذي سينفذ؟ وهو ما يجعل المشهد ضبابياً، بخاصة في ما يخص الحديث حول تحويل مجمع التحرير الذي تأسس عام 1952 لفندق، أو مكاتب إدارية في ظل وجود فنادق بالقرب منه مثل فندق رمسيس هيلتون”. 

وُضعت مخططات عمرانية للقاهرة جاهزة للتنفيذ في فترة الخمسينات، والستينات من قبل معماريين مصريين، سيد كريم، إبراهيم عبد الباقي، صلاح زيتون، ساهموا في تخطيط مدن وعواصم عربية بشوارعها، جدة، رياض، دمشق، الكويت، الدوحة، شارع الرشيد الجديد، لكن قوبلت مخططاتهم بالتجاهل وقزّمت طموحاتهم الحكومات المصرية. 

المعماري سيد كريم قدم لحكومة 23 تموز/ يوليو 1952 مقترحاً لتطوير القاهرة، والتخلص من اختناقها وزحمتها، بإنشاء مدينة جديدة، لكن اقتراحه رُفض، وطلب منه الرئيس جمال عبد الناصر مقترحاً لإنشاء عاصمة جديدة، لكن فشل تنفيذ المشروع، ويوضح المعماري صبري، أن معظم الخطط لفك اختناق القاهرة، تبوء بالفشل لأسباب متنوعة، منها، الروتين الحكومي، إنجاز أجزاء من المخطط والتخلي عن استكماله، تغير الخطط من وقت إلى آخر وتعارضها، وهو آل في النهاية إلى الاختناق المروري في القاهرة، تدهور البنية التحتية، التكدس السكاني، المرافق لم تعد تحتمل. 

كل هذه التراكمات شكلت عائقاً ضخماً أمام التغيرات التي تخطط لها الحكومة الحالية، لأنها ستحتاج في ظل هذه التخمة السكنية، إلى شق شبكات كهرباء، وصرف صحي، كي  تحتمل التوسع الرأسي في العاصمة. 

أما الدكتور شريف شعبان، فيرجح صعوبة تأثير هذه التغيرات على هوية القاهرة، قال:”القاهرة التاريخية أكبر وأعمق من أي كلام، عمرها ما هتتغير”، لكنه لا يستعبد المساس بهذه الهوية، بخاصة في ظل غياب المعلومات المتاحة بشأن التغيرات المستقبلية المراد تنفيذها. 

مذبحة أشجار وحزام إسمنتي 

طاولت التغييرات التي تشهدها العاصمة المصرية، الأشجار التاريخية، في مناطق عدة، حي العجوزة في الزمالك، أحياء مصر الجديدة، كورنيش جاردن سيتي، على رغم أن المادة 162(1) من قانون العقوبات المصري، الباب الثاني عشر “إتلاف المباني والآثار وغيرها من الأشياء العمومية”، تنص على: “كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو الملك أو المنشآت المعدة للنفع العام أو الأعمال المعدة للزينة ذات القيمة التذكارية أو الفنية، وكل من قطع أو أتلف أشجاراً مغروسة في الأماكن المعدة للعبادة أو في الشوارع أو في المنتزهات أو في السواق أو في الميادين العامة، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً عن الحكم عليه بدفع قيمة الأشياء التي هدمها أو أتلفها أو قطعها، ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 162 إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي”. 

ويرى شعبان أن قطع هذه الأشجار يمثل خطورة بيئية كبيرة، إضافة إلى فقدان قيمتها التاريخية والأثرية، بخاصة أن عمر بعض الأشجار يتجاوز المئة عام، مثل أشجار حديقة الأورمان، وحديقة الحيوان بالجيزة، أشجار حي الزمالك. 

 نجم، يوضح أنه في التخطيط للمدن السكنية الجديدة، “يجب أن تكون نسبة المسطحات الخضراء 60 في المئة في المجاورة (أصغر وحدة سكنية)، التي تُخطط لأن تتسع لعدد لا يزيد عن 5 آلاف نسمة، وهو ما تُسوق على أساسه المجمعات السكنية الجديدة في الإعلانات التجارية، بجانب حمامات السباحة، أماكن الترفيه”. يضيف “كل هذه المخططات تكون على الورق جيدة للغاية، مع مخطط للتوسع مستقبلاً، بحسب طبيعة المدينة، ساحلية وتجارية أو صناعية، وكلها موجودة في وزارة التخطيط العمراني، بجانب مقترحات أخرى، لكن هذه الخطط تتغير من فترة إلى أخرى، أو يُنفذ جانب منها ويُهمل الآخر، مع عجز القوانين عن سد الثغرات التي يُحاسب على أساسها المقاول الذي يخطأ في التنفيذ”. 

لم يعد في القاهرة متنفس للمواطنين، وهو  ما برز بشدة في ذروة أزمة فايروس “كورونا”، بعد قرار إغلاق المقاهي منعاً للتجمعات البشرية، فكان يفترض أن يهرب المواطنون إلى الأماكن الخضراء أعلى العمارات السكنية، أو بجوارها، أو الأماكن التي خُطط لها ضمن مشروع “الحزام الأخضر” بزراعة مساحات خضراء واسعة، وهو ما يتفق معه صبري، ويشير إلى أن قلة المساحات الخضراء في العاصمة، خلقت مشهداً من ازدحام المواطنين، داخل الحدائق العامة، مثل الأزهر بارك، بعدما تحول مشروع “الحزام الأخضر” إلى حزام إسمنتي، ونُسف تماماً، وتحولت تلك الأماكن إلى مقاهٍ شعبية ومحال تجارية. 

إقرأوا أيضاً: