fbpx

العراق: كيف تتحول صفحة “فايسبوك”
لبيع السيارات إلى دعاية انتخابية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بالتزامن مع فتح باب الدعاية الانتخابية من مفوضية الانتخابات، ظهرت مئات الصفحات الوهمية على “فايسبوك” التي تقوم بالترويج للمرشحين بعدما كانت صفحات ذات مسمى ومحتوى غير سياسيين، من متجر لبيع المعدات أو مقهى وحتى صفحات للنكات والحزازير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد الحراك الاحتجاجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 الذي شهده العراق وما أعقبه من تخوف واضح لدى الساسة في طرح برامجهم الحكومية عبر تجمعات انتخابية أو لوحات دعائية لقوائمهم الانتخابية، لا سيما في مدن جنوب العراق التي شهدت نقمة على الأحزاب بعد سقوط مئات القتلى والجرحى من نشطاء ومتظاهرين. وبعدما توعّد المنتفضون مرشحي أحزاب السلطة وميليشياتها بإزالة لوحاتهم الدعائية ومنعهم من إقامة أي محفل أو تجمع انتخابي، لجأ كثر من هؤلاء، وغيرهم ممن لا يمتلكون تمويلاً للحملات الانتخابية التقليدية، إلى مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها “فايسبوك” الذي يعد المنصة الإلكترونية الأكثر انتشاراً في العراق، ويتزاحم عليها أكثر من 3200 مرشح بينهم قرابة 950 امرأة.

برامج الدعاية الانتخابية للمرشحين انطلقت في تموز/ يوليو الماضي لتسبق الانتخابات بثلاثة أشهر وهي مدّة غير شائعة، بعدما جرت العادة أن تكون الدعاية الانتخابية قبل شهر واحد من العملية الانتخابية، ولم تعلل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سبب اتساع المدة الدعائية للانتخابات المقبلة، لتكون أطول من سابقاتها، إلا أن مراقبين رجحوا أن يكون سبب ذلك الأوضاع التي مرت بها المحافظات العراقية من تظاهرات واعتصامات وإقفالات وإشكالات الأمنية، ما لا يعطيها الوقت الكافي للإعلان عن البرامج الانتخابية.

وبالتزامن مع فتح باب الدعاية الانتخابية من مفوضية الانتخابات، ظهرت مئات الصفحات الوهمية على “فايسبوك” التي تقوم بالترويج للمرشحين بعدما كانت صفحات ذات مسمى ومحتوى غير سياسيين، من متجر لبيع المعدات أو مقهى وحتى صفحات للنكات والحزازير، ليُفاجَأ رواد “فايسبوك” بأنها تتحول الى مسميات أخرى، وهذا ما رصده موقع “التقنية من أجل السلام” وهو موقع رقمي متخصص برصد المخالفات الالكترونية. إذ نشر عشرات الصفحات التي غيرت اسماءها ومنها “كركوك بصراحة” التي تحولت إلى صفحة “انصار الدكتورة ساهرة عبد الله الجبوري” و”إذاعة الشباب” تحولت إلى صفحة “الشيخ ليث اللامي” و”بيع وشراء السيارات بالنقد والتقسيط” الى “الديوانية تنتخب المرشح الفرد المستقل السيد محمد علي خليل القصير”.

ويبدو أن “فايسبوك” لن يكون متساهلاً مع الدعاية الانتخابية، بحسب مركز الإعلام الرقمي، وهو منظمة غير حكومية متخصصة برصد ومتابعة وتحليل آخر أخبار مواقع التواصل الاجتماعي. ويشير المركز إلى وجود سياسات جديدة يتبعها “فايسبوك” مع السياسيين للانتخابات المقبلة، وبدأ تطبيقها في أيلول/ سبتمبر 2021، إذ قررت إدارة “فايسبوك” تقييد المعلنين السياسيين على المنصة في العراق وعدم الموافقة على أي إعلان سياسي إلا بعد حصول المعلن على ترخيص من “فايسبوك”، لغرض الإعلانات السياسية وأن يكون مصدر هذا الإعلان داخل العراق، وأن يؤكد المعلن هويته الرسمية الصادرة من الحكومة العراقية لضمان قبول الإعلان، لمنع أي تأثير خارجي في نزاهة الانتخابات.

عضو المركز مؤمل الجبوري يبيّن أن الدعاية الانتخابية في “فايسبوك” للسياسيين والمبالغ التي تنفق عليها ستوثق في “مكتبة الإعلانات”، وهذه السياسة اتُّبعت في دول أخرى أجريت فيها انتخابات وتتضمن اطّلاع المواطن على الأموال التي ينفقها المرشح والحزب السياسي، وهذا الامر سيحجّم دور الجيوش الإلكترونية التي تعمل على تزييف المعلومات وتشويه صورة الخصوم.

إقرأوا أيضاً:

منصة “فايسبوك” لن توافق على أي إعلان سياسي ما لم يتم الكشف عن الجهة الممولة له، إن كان مصدرها حزباً أو أموالاً خاصة. وقد وجّه مركز الإعلام الرقمي طلباً الى شركة “فايسبوك” لإلغاء الإعلانات السياسية “التي يتم استثمارها في التسقيط والتشويه السياسي، لا سيما أن هناك عشرات الصفحات الممولة ظهرت عبر هذه المنصة الإلكترونية زعمت أنها وكالات إخبارية متخصصة في الشأن العراقي ليتبين أنها جزء من الجيوش الإلكترونية”.

مستخدمو “فايسبوك” في العراق، بحسب الجبوري، يبلغ عددهم وفق آخر إحصائية حوالى 20 مليون مستخدم وهو نصف تعداد الشعب العراقي البالغ بحسب التقديرات الأخيرة قرابة 40 مليون نسمة. هذا العدد الكبير يدلل على أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها في الشارع وجزء من هذه الأهمية هو الشأن السياسي. 

ويستخدم أكثر من 30 مليون شخص في العراق شبكة الانترنت فيما يزداد عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، فهناك 13 مليون مستخدم لـ”إنستغرام” ومليون و30 الفاً لـ”تويتر”.

منصة “فايسبوك” لن توافق على أي إعلان سياسي ما لم يتم الكشف عن الجهة الممولة له.

الاستاذ في الإعلام الرقمي الدكتور احمد محسن يجد أن خطوة شركة “فايسبوك” بمنع الإعلانات السياسية مع اقتراب الانتخابات، تأتي للكشف عن حجم الأموال التي تصرفها الأحزاب السياسية في الحملات الدعائية في المنصات الرقمية، وفي الوقت ذاته ستعمل أحزاب على استغلالها ضد خصومها عند زيادة حجم المبالغ وتطلق شعارات وعناوين أن هذه الأموال لو صرفت على فقراء البلاد او لإقامة المشاريع الخدمية، لكان نفعها أكبر.

وفي حال تطبيق هذا القرار، ستضطر أحزاب ومرشحون بارزون ممن لا يريدون الكشف عن أموالهم الدعائية، للجوء إلى مبرمجين وشركات التحايل الإلكتروني التي تعمل على استغلال بعض ثغرات الأمن الرقمي وبالتالي منع ظهور المبالغ أو تقليلها، فضلاً عن تحويل إدارة الصفحات الإلكترونية، في حال وجودها خارج العراق، الى داخله وبالتالي سيوجد هذا الأمر أشخاصاً من خلف الكواليس يقدمون خدمات مقابل مبالغ مالية للعمل على هذا الجانب.

الكاتب محمد ياسر لا يستبعد ان تسلك الأحزاب السياسية ومرشحوها جميع الطرق لمنع ظهور أي مبلغ يكشف مستوى فسادها، وستلجأ الى جهات معينة هي من تقوم بتمويلهم ليجدوا لهم الحلول. وعلى رغم أن قرار “فايسبوك” يضعهم في زاوية لا مفرّ منها، فهم في الوقت الحالي لا يمكنهم رفع أي إعلان دعائي في المحافظات التي شهدت تظاهرات تشرين، فضلاً عن عدم إقامة أي تجمع انتخابي، وهذا الامر يؤثر في حظوظهم في الفوز. إلا أن الأمر متوقف على المشاركة الفاعلة من الناخبين، خصوصاً أن كثيرين باتوا يأملون بأن يشكّل مرشّحو حراك تشرين أملاً بخرق كتلة الأحزاب الصلبة المدعومة بسلاح الميليشيات داخل البرلمان العراقي.

إقرأوا أيضاً: