fbpx

هل يخلط ترشح الدبيبة
أوراق الانتخابات في ليبيا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يتجنب المجلس الرئاسي اليوم تحديد موعد الإعلان عن مبادرته، بانتظار ما سيسفر عنه التعديل المقترح ومصير تقدم الدبيبة للانتخابات الرئاسية، ولا يبدو أن الأمر سيتأخر في ظل تأكيد أن الدبيبة بات جاهزاً للترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع اقتراب موعد الانتخابات في ليبيا تظهر جملة من المستجدات التي من شأنها أن تغير مجرى هذه العملية لتسير ضمن قواعد وخطط، يبدو أنها رُسمت منذ البداية بأنامل القوى المحركة للعملية السياسية في هذا البلد. 

فمن جهة، يستعد المجلس الرئاسي لتقديم مبادرة ترى أوساط أنها ستطرح إمكانية تأجيل الانتخابات إلى آذار/ مارس 2022، بالتزامن مع تداول تقرير بعنوان “سري وعاجل”، نسب لجهاز المخابرات الليبية، على نطاق واسع، ورد فيه أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبد الحميد الدبيبة أعلن في اجتماع عقده في مدينة مصراتة، وحضره عدد من الأعيان وقادة التشكيلات المسلحة، نيته الترشح للانتخابات، وأنه خصص مبلغ 70 مليون دولار أميركي لهذا الهدف. 

تقرير لم يكذبه الدبيبة، ولكنه تزامن أيضاً مع ضغوط الأمم المتحدة على البرلمان الليبي من أجل تعديل قانون الانتخابات لصيغة يبدو أنها على مقاس الدبيبة، الذي تم تحضيره جيداً ليكون ذا حظوظ وافرة في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي.

كشفت معلومات غير رسمية أن الدبيبة كلف نائبه رمضان أبوجناح الحسناوي لإدارة مهمات رئيس الحكومة استعداداً لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

مستجدات تضع البلاد في فلك سيناريوين اثنين لا ثالث لهما على ما يبدو، الأول هو عدم تأخير الانتخابات مع ضمان توفير الفرصة أمام الدبيبة ليكون المرشح الأوفر حظاً ويقطع الطريق أمام كل الأسماء الجدلية المرشحة للرئاسة، وثانياً وفي حال تمسك البرلمان بعدم تعديل القانون الانتخابي يطرح المجلس الرئاسي مبادرة تأخير الانتخابات حتى يتسنى للدبيبة التقديم وفق الشروط التي وضعت في القانون قبل طرح مسألة التعديل والاستعداد أكثر لهذا الرهان.

منذ الإعلان عن موعد الانتخابات الليبية قبل نحو سنة، لم يتوقف الجدل حولها على أكثر من صعيد، ويبدو أن هذا الجدل سيتفاقم هذه الفترة في ظل تأكيدات أطراف من الحكومة الليبية، فضلاً عن التقرير الذي تم تداوله، عن أن الدبيبة سيترشح جدياً للانتخابات الرئاسية. 

خطوة قد لا تبدو مفاجئة نظراً إلى الهالة الإعلامية التي حظي بها الرجل وترويجه لنفسه وطرحه جملة من المشاريع والأفكار التي تحتاج تنفيذها فترة زمنية طويلة لتحقيقها ومحاولاته استدراج المواطنين الليبيين لصفه، ولكن تحركات الأمم المتحدة التي تتجه إلى تأييد هذه الخطوة تبعث على الريبة وترجح فرضية أن المجتمع الدولي قد خدع الليبيين منذ البداية، عندما أوهمهم بأن الدبيبة رئيس حكومة موقتة والحال أنهم قد اختاروه ليكون رجل المرحلة المقبلة. وهنا جملة من الاعتبارات التي من شأنها أن تؤكد هذه الفرضية.

فعندما تأكد عزم كل من المشير خليفة حفتر ونجل القذافي الترشح للانتخابات الرئاسية، لم تبادر أي دولة من الدول الراعية للعملية السياسية في ليبيا لرفض هذه الخطوة صراحة وظل الحديث يدور في فلك أن رئيس البلاد المقبل لا بد أن يكون محل توافق كل الليبيين. 

في الأثناء، كان الدبيبة يستغل منصبه لكسب دعم المواطنين عبر طرق الملفات الأقرب لدائرة اهتمام الليبيين على غرار مسألة توزيع الثروة الطائلة للبلاد عليهم، وتأكيده أنه يطمح لتحقيق هذا الهدف. ولإثبات جديته، طرح مبادرات على غرار توفير مبالغ مالية مهمة للشباب المقبولين على الزواج وغيرها من الخطوات المدروسة التي استهدفت بشكل مباشر ودقيق حاجيات الليبيين وبخاصة الشباب وتطلبت موارد مالية كبيرة ولم يتم منعه من صرفها من خزينة الدولة. 

وعندما حاول البرلمان الحد من الانفلات في المصاريف بسحبه الثقة من الدبيبة، سلطت  ضغوط دولية على البرلمان حتى لا يتمسك بقراره وتم الإيعاز للدبيبة، الذي حاول استغلال الموقف لتنظيم خطابات مباشرة مع الشعب يدعوهم فيها إلى دعمه ويطلق الوعود في ما يشبه الحملة الانتخابية المبكرة، لمواصلة نشاطه كما أن شيئاً لم يكن. بل ويبدو أن الدبيبة تلقى إذناً دولياً بأن يستمر في استثمار مركزه وسلطته للترويج أكثر لنفسه كقائد منتظر لليبيا عبر إرضاء الليبيين، حتى إذا جاء الوقت المناسب وأعلن عن ترشيحه للانتخابات يكون المرشح الأبرز والأقدر على قطع الطريق أمام المشير خليفة حفتر الذي لا يحظى برضا دول عدة بينها الولايات المتحدة الأميركية وتركيا. 

هذا ما حصل فعلاً، إذ نجح الدبيبة في توفير آلة إعلامية كبيرة تهتم بتمريره في صورة القائد المنفتح على كل دول العالم والمتفهم لمشاغل الليبيين من دون التركيز عن خلافاته الداخلية وعدم انفتاحه على محافظات مهمة في البلاد بخاصة الشرقية منها. كان المهم أن الرجل على استعداد للتفاهم اقتصادياً مع القوى المحركة للمسار السياسي الليبي عبر ضمان منحها نصيباً وافراً من الكعكة الليبية التي تعتبر الهدف الرئيسي لاقتحام كل القوى الدولية في الصراع الليبي وإن ادعت حرصها على مصلحة الليبيين.

ثانياً، عندما أعلن البرلمان الليبي قبل أسابيع عن قانون الانتخابات، تم الاعتراض عليه وقيل حينها إن القانون قد صيغ على مقاس المشير خليفة حفتر وأثار ذلك جدلاً كبيراً. حينها لم تتدخل الأمم ولا القوى الدولية لوقف ذلك الجدل وقيل إن الأمر موكول للبرلمان ومفوضية الانتخابات الليبية، اليوم وبما أن موعد الإعلان عن ترشح الدبيبة للرئاسة قد حان، بادرت الأمم المتحدة للضغط من أجل تعديل قانون الانتخابات بصيغة تلائم ترشيح الرجل وإن لم يتم الإقرار بذلك صراحة لكن بالعودة إلى التعديل المطلوب يتبين ذلك. إذ تنص المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره مجلس النواب في التاسع من أيلول/ سبتمبر الماضي على أنه “يعد كل مواطن، سواء أكان مدنياً أم عسكرياً، متوقفاً عن العمل وممارسة مهماته (قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر)، وإذا لم ينتخب فإنه يعود إلى سابق عمله وتصرف له مستحقاته كافة”، بينما يذهب التعديل المقترح من البعثة الأممية إلى أنه “يعد كل مواطن، سواء أكان مدنياً أم عسكرياً، متوقفاً عن العمل وعن ممارسة مهامه عند إعلان المفوضية عن بدء العملية الانتخابية ولمدة ثلاثة أشهر”. 

إقرأوا أيضاً:

بمعنى أن الصيغة الأولى لا تسمح قانونياً بترشيح الدبيبة لأن موعد الانتخابات بعد أقل من شهرين والحال أنه يحتاج لثلاثة أشهر من التوقف عن العمل قبل الترشح، ولتسهيل ترشحه فقد ضغطت الأمم المتحدة ومن ورائها القوى الفاعلة في الملف الليبي لسحب شرط الثلاثة أشهر وجعل تجميد مهماتهم، يبدأ من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، وبالتالي منح الدبيبة متسعاً أكبر من الوقت ليستغل منصبه وسلطته ويعمل أكثر على تلميع صورته حتى ينجح في أن يكون المرشح الأبرز للرئاسة. 

هذه المعطيات تفيد بأن المجتمع الدولي قد صاغ خطته منذ اللحظة التي أتى فيها بالدبيبة لتولي رئاسة الحكومة الموقتة، إذ تم تحضيره جيداً ليكون رجل المرحلة المقبلة في ليبيا. ولهذا لم تتم محاسبته أو مساءلته عندما انشغل بالترويج لزعامته شعبياً على حساب القضايا الأخرى التي أوكلوها إليه عندما تم تنصيبه والتي أبرزها إخراج المرتزقة وحل المليشيات. 

يبدو أن الرهان الدولي لم يكن في الحقيقة موجهاً لتنقية ليبيا من مسببات عدم الاستقرار كالمرتزقة والميليشيات، بقدر ما كان الرهان على تهيئة رجل قادر على التفاهم مع الميليشيات، بخاصة المتمركزة في طرابلس والدول الراعية للمرتزقة، إضافة إلى نجاحه في الترويج لنفسه شعبياً وقيادة البلاد لعشر سنوات مقبلة على الأقل، يكون فيها رئيس البلاد والمتحكم في القرار وفي توزيع الصفقات. 

يذكر أنه سيستمر قبول طلبات الترشح لانتخاب رئيس الدولة الليبية المرتقب حتى 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، بينما يستمر استقبال ملفات الترشح لانتخاب أعضاء مجلس النواب إلى السابع من كانون الأول/ ديسمبر.

سيقتصر قبول الترشح للرئاسيات على فروع المفوضية في طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق) وسبها (جنوب) وذلك لحساسية الموقف إزاءها، في حين سيتم قبول طلبات الترشح للانتخابات البرلمانية في فروع مكاتب الإدارات الانتخابية التابعة للمفوضية.

ومن المنتظر أن يعلن في 24 تشرين الثاني 2021، قائمة المرشحين رسمياً للرئاسيات، أي بعد يومين من إغلاق باب قبول الملفات.

مبادرة المجلس الرئاسي 

تم تمرير معلومات مفادها أن المجلس الرئاسي الليبي سيقدم قريباً مبادرة عن الانتخابات الليبية من دون تحديد موعد أو ذكر مضمونها بوضوح. لكن مصادر خاصة أكدت أن المبادرة تتمحور حول التعديلات في القانون الانتخابي وتأجيل الانتخابات إلى موعد أقصاه آذار 2022. وعلى رغم محاولات المجلس تكذيب هذه المعلومات إلا أن مجريات الأحداث في البلاد هذه الأيام كفيلة بتأكيد هذه المعطيات وتفسير الأهداف الحقيقية للمبادرة، مضمونها ومسألة التردد في تحديد موعد الإعلان عنها. 

المبادرة ستتضمن تأجيل الانتخابات ولكن لن يتم الإعلان عن ذلك إلا في حالة الفشل في تمرير التعديلات المطروحة من الأمم المتحدة ومفوضية الانتخابات الليبية على القانون الانتخابي. ذلك أن التعديل يواجه رفض 40 نائباً في البرلمان اتهموا المفوضية بالاستنجاد بالخارج لتمرير قوانين بالقوة، فضلاً عن الجدل المثار حول هذا التعديل وحول ترشح الدبيبة، داخل أطراف الحكومة نفسها. وفي حال التمسك بعدم تمرير التعديل الجديد سيكون الدبيبة في مأزق حيث لن يكون بمقدوره قانونياً الترشح للانتخابات. حينها سيكون الخيار الثاني، وسيخرج المجلس الرئاسي لطرح مبادرته التي سيكون من أبرز نقاطها تأجيل الانتخابات لمنح الدبيبة الفرصة وإمكانية الترشح بل وإعطاءه الوقت الكافي للقيام بحملته الانتخابية. ومن المتوقع هنا أن تتدخل الأمم المتحدة والقوى الراعية للعملية السياسية بقوة أكبر هذه المرة للضغط من أجل التأجيل طالما أنه سيصب في مصلحة مرشحهم. 

في حال تمرير التعديل في القانون الانتخابي، سيقدم المجلس الرئاسي مبادرة أخرى تدعو إلى الجمع بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، على رغم أن القانون الانتخابي الأول غير المعدل ينص على إجراء الانتخابات التشريعية خلال الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، أي بعد شهر من الدور الأول المقرر في 24 كانون الأول 2021. ولهذا يتجنب المجلس الرئاسي اليوم تحديد موعد الإعلان عن مبادرته، بانتظار ما سيسفر عنه التعديل المقترح ومصير تقدم الدبيبة للانتخابات الرئاسية، ولا يبدو أن الأمر سيتأخر في ظل تأكيد أن الدبيبة بات جاهزاً للترشح لهذا الاستحقاق الانتخابي.

إقرأوا أيضاً: