fbpx

حزب الكتائب يحاول سرقة “هدية” حزب الله لباسيل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما من شيء لا ينقسم عليه الرأي في لبنان، تلك سمة لبنانية. وآخر وقائعها حول قرار وزير العمل في الحكومة اللبنانية مصطفى بيرم، بالسماح للاجئين الفلسطينيين والسوريين بمزاولة مهن كانت مقتصرة على المواطنين اللبنانيين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بين حسن الظن بقرار الوزير، أو السوء به، وجد الاستثمار السياسي مكاناً له. ولأن الوزير بيرم هو وزير محسوب على حزب الله في الحكومة، ففي الأمر ما يستدرج المرء إلى تقصي سياقات هذا الاستثمار عند بعض القوى السياسية، وهذا بعيداً عن وجدانيات راهنة تستقي انفعالاتها من رافضي القرار أيضاً بفعل السياسة.

 قرار الوزير بيرم، استدعى رداً عاجلاً من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، الحليف المسيحي لحزب الله،  فغرد ضد القرار مفتتحاً أفقاً لاعتراض مسيحي شبه عام. وقرار كهذا يأتي على مسافة أشهر قليلة عن الانتخابات النيابية، يستدرج بالضرورة ذاكرة مسيحية تغرف من ماضٍ طافح بالعداء للفلسطينيين والسوريين على السواء، لتتماهى مع جشع سلطوي راهن أتاح له القرار مادة لاستثمار ناجع على أبواب الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في شهر أيار.

   أغلب الظن إذن، أن قرار الوزير مصطفى بيرم في اعتقاد العونيين، يتيح لهم تخفيف نزيف شعبي ترصده كل استطلاعات الرأي، ومسارعة باسيل للرد تشي بهذا الاستثمار الشعبوي الذي وفره حزب الله من خلال وزيره في الحكومة، فيما صمت الحزب على تغريدة باسيل يكثف هذا الربط بين مكاسبه من مردود القرار، وبين الاستثمار العوني فيه، سيما أن حزب القوات اللبنانية ، كمنافس مسيحي للعونيين، سيكون مكرهاً على المواءمة بين مزاحمتهم في البيئة المسيحية ، وبين انسيابه الملحوظ في البيئة السنية التي كانت ولا تزال الأكثر التصاقاً في وجدانها، باللجوء الفلسطيني، ثم السوري.  أما الكتائب فقد سارعت لمحاولة استيعاب الاستثمار العوني، عبر ملاقاة باسيل في رفض قرار بيرم وفي التحذير من تبعاته، عبر اللغة المنفرة نفسها. 

إقرأوا أيضاً:

ومرة أخرى يلوح الاستحقاق الانتخابي بوصفه بوصلة المواقف، حتى لو أدى إلى التماهي مع خصم من نوع جبران باسيل، وإلى محاولة أن تتقاسم معه هدية حزب الله. 

لكن اتساع الرؤية عن مردود القرار في البيئة المسيحية، وتسييله في الرأي العام، يُفضي إلى أكثر من عنصرية يركن إليها الاستثمار السياسي،  أو الى  سلوك وجداني جاذب نحو الفلسطيني تحديداً. فالقرار يأتي في زمن أزمة اجتماعية واقتصادية شاملة، لم تنجُ من تبعاتها شرائح مهنية “نخبوية” كانت خارج الجدل اليومي المزمن منذ عقود، عن مزاحمة العمالة غير اللبنانية لللبنانيين، وهذه الشرائح تندرج في قطاعات كالاستشفاء والهندسة والتربية. والقرار بتوقيته الراهن يمكن أن يرفد هذه القطاعات التي تعاني اختلالاً واضحاً في كادراتها الوطنية بفعل الهجرة القسرية المطردة، والناجمة عن الأزمة الاقتصادية، لكنه إذ يفتح سوق العمل لشراكة مقوننة نظرياً، ولرتق هذا الاختلال، فإنه يفترض بالضرورة مراقبة السلطة تطبيق مآله كي لا تتحول الشراكة إلى منافسة تؤول إلى اختلال أكبر، والقياس على وقائع مهنية غير 

“نخبوية” ماضياً وراهناً، يجعل هذا النزوع بين الوجدانات المفرطة، وبين الوقائع الملموسة، أكثر قابلية.

  والحال، نحن أمام قرار يأتي متزامناً مع حدث معيشي، وعلى أعتاب حدث سياسي، وللقرار أثره في الحدثين. لكنه يفترض أن لا يتسع لحدث ثالث تصنعه هذه المرة وجدانيات مفرطة مقيمة في ذاكرة لبنانية معادية للذاكرة المسيحية البغيضة التي باشرها جبران باسيل من جديد وتلقفتها الكتائب. ذاكرة لا تزال تعيش غابرها السياسي كما لو ان حرب العام 1975 لم ينبت على قبرها حروب كثيرة، ووجدانيات كهذه تلوذ بقرار الوزير بيرم لتلتحف الكوفية الفلسطينية وتباشر حروبها الغابرة.

إقرأوا أيضاً: