fbpx

معرض بيروت للكتاب برعاية قاسم سليماني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

السطوة الإيرانية لا يناسبها أن تغنّي بيروت أو يضحك قلبها، تريدها عاصمة للتجنيد والعسكرة وتصدير “الشهداء” وحسب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“بيروت حرّة حرّة إيران اطلعي برا”، إنه الشعار الذي حمله  الشاب شفيق ب. في وجه صورة القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني التي بدت الراعية الفعلية لمعرض بيروت الدولي للكتاب. بيروت الحرّة التي حملها شفيق، أرادت تمزيق صورة سليماني، الكبيرة بما يكفي حتى لا يرى المتجوّل هناك غيرها، وسط دور إيرانية لها حصة الأسد من المعرض وصور صغيرة لسليماني هنا وهناك. كان اشتباكاً وجودياً بالفعل، بين من يريد بيروت مدينة حرة وبين من يريدها مقاطعة إيرانية يحكمها قاسم سليماني من قبره.

في جناح “دار المودّة للترجمة والتحقيق والنشر”، شن شفيق انتفاضته ضد الهيمنة الإيرانية، إلا أنه قوبل بالضرب المبرح حتى طرده خارج المكان، دفاعاً عن الرجل الإيراني الذي تم اغتياله في بغداد.

صورة من معرض بيروت الدولي للكتاب.

خُيّل للمرء أن إصرار “النادي الثقافي العربي” على إقامة معرض بيروت الدولي العربي للكتاب في دورته الثالثة والستين برغم الأزمات المتلاحقة، كان بمثابة انتصار للفن والثقافة ولوجه بيروت الحضاري والحر والمتنوّع. وربما خُيّل للمرء أيضاً أن “نقابة اتحاد الناشرين في لبنان” أساءت إلى فكرة الثقافة يوم قررت مقاطعة المعرض، إثر خلافات مع النادي.

لكنّ تلك الخيالات سرعان ما تبدّدت إذ تبيّن صراحة أن المعرض في قاعة “سي سايد أرينا” تأكيد آخر على السطوة الإيرانية على بيروت “مطبعة الشرق” وقبلة الكتّاب والمفكّرين.

وهذه السطوة الإيرانية لا يناسبها أن تغنّي بيروت أو يضحك قلبها، تريدها عاصمة للتجنيد والعسكرة وتصدير “الشهداء” وحسب. ففيما كانت فرقة “بيكار” تحيي أمسية موسيقية غنائية في معرض الكتاب، هناك من امتعض وطلب من الفنانين التوقف عن الغناء، لأن الغناء أزعج بعض دور النشر التي هددت بالإقفال، وحين أصرّت الفرقة على المواصلة، قُطعت الكهرباء عن المعدات الموسيقية!

هكذا يُمنع اللبنانيون من العزف والغناء في مدينتهم، إرضاءً لأهواء أصحاب الأفكار الإلغائية، هكذا يطرد الناس من معرض ثقافي، يفترض أن يشجّع على الفن والحريات، مداراةً لمشاعر قادة الحروب ومعتقلي المتظاهرين. فمنع فرقة “بيكار” من الغناء لا يختلف كثيراً عن قنص المتظاهرين المعارضين في ساحات طهران، إنها حرب ضد الصوت، حرب ضد الحياة.

الدور اللبنانية والعربية المرموقة قاطعت بمعظمها المعرض، واقتصر المشاركون على دور محلية صغيرة، فيما برزت دور نشر إيرانية (عددها 10) كواجهة للفعالية رافعة صور قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني المنتشرة أيضاً على طريق المطار، حتى يشعر المتجوّل في المعرض أو في البلاد عموماً، أنه في طهران وليس في بيروت، وأن سليماني فكرة والفكرة لا تموت.

هكذا يُمنع اللبنانيون من العزف والغناء في مدينتهم، إرضاءً لأهواء أصحاب الأفكار الإلغائية، هكذا يطرد الناس من معرض ثقافي، يفترض أن يشجّع على الفن والحريات، مداراةً لمشاعر قادة الحروب ومعتقلي المتظاهرين.

بيروت الغناء والحرية والانفتاح، هي أكثر ما يجرح قلب الديكتاتورية الإيرانية الباحثة في علم الحرب والنووي، الراغبة في تحويلنا إما إلى القتلى أو إلى جنود في ولاية الفقيه، جنود يكرهون الغناء، يمقتون السلام والفرح، ويريدون شعوباً مقموعة بلا صوت وبلا ثقافة.

بعد انقطاع قسري دام ثلاث سنوات متتالية بسبب جائحة “كورونا” وتداعيات انفجار 4 آب/ أغسطس 2020 والأزمة الاقتصادية، يأتي معرض الكتاب بنسخة تفيد تشويه بيروت. والشعار الذي رفعه يبدو مؤسفاً ومضحكاً في آن، “بيروت الصمود… بيروت لا تنكسر”، الصمود في وجه من؟ في وجه الحرية والموسيقى؟ ومن الذي يكسر بيروت؟ فرقة “بيكار”- العدو الغاشم الجديد؟ وهل صورة قاسم سليماني من ضمن عدّة الصمود وعدم الانكسار؟

يوم أعلن النادي الثقافي تنظيم معرض للكتاب في ظل الانهيار الحاصل، كنا نظنّ أن المشكلات ستقتصر على غلاء أسعار الكتب، وعدم قدرة اللبنانيين على الوصول إلى ما يحبونه من مؤلّفات، وخفنا من أن يصبح الكتاب رفاهية تقتصر على الأغنياء فقط. كنا نظنّ أن هذا هو “الماكسيموم”، لكنّ المفاجآت لا تنتهي، فقد تبيّن أن بيروت الصمود، يُمنع فيها الغناء!

إقرأوا أيضاً: