fbpx

عن ماريا الكردية… حكاية نسويّة
قتلتها العشيرة والأبوية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قبل أيام من مقتلها، نشرت ماريا تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيها: “اقرأ وأتألم للإنسان، للظالم والمظلوم، أتألم لانعدام الحب والتضحية”، وفي منشور آخر قالت: “لا أخاف من الآلام، لأنها دائماً جزء مني”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قبل يوم واحد من يوم المرأة العالمي قُتلت ماريا. التوقيت قد يكون مجرد مصادفة لكنه لا يخلو من الدلالات. 

الجريمة مروّعة، جثة الشابة وجدت في أحد شوارع أربيل وقد تجمّع حولها الناس والشرطة أكدت هويتها في بيان: إيمان سامي مغديد وتدعى ماريا، وهي ناشطة في مقتبل العمر، لم تتجاوز العشرين. 

عرف عن ماريا أنها تقدّم محتوى حقوقياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لدعم الحركة النسوية في إقليم كردستان العراق، وكانت تعرضت لتهديدات بالقتل من متابعيها بحجة أن ما تقوم به مخالف للعادات والتقاليد. 

ماريا هو الاسم الذي اختارته لكي تنسى اسم إيمان، الذي يذكّرها بفترة عملها في إحدى القنوات الإسلامية الناطقة بالكردية، ولكنها تركت العمل وخلعت الحجاب، وكانت قد تزوجت في سنّ مبكرة، لكنها أيضاً انفصلت عن زوجها في تحدّ واضح للسلطة البطريركية في مجتمعها. 

بيان الشرطة في أربيل أكد أنه “تم العثور على جثة شابة مقتولة في شارع 100 الشهير بالقرب من إشارة مرور مطار أربيل الدولي”، موضحة أن “التفاصيل الأولية تشير إلى أن الضحية تدعى إيمان سامي مغديد، وتبلغ 20 سنة”.

من القاتل ؟ 

بحسب المتحدث باسم شرطة أربيل المقدم هوكر عزيز، فإن القاتل هو شقيق الضحية بمشاركة عمّها الذي اعترف بدوره بالجريمة بسبب “خلافات عائلية”. 

مضيفاً أنه تمّ إصدار مذكرة قبض بحق شقيق المجني عليها، قبل أن يلقى القبض عليه لاحقاً. كما تحتجز الشرطة عمّ الفتاة والسيارة التي استخدمت لتنفيذ الجريمة.

والد ماريا، وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية قال إنّ ابنته “لم تكن لديها مشكلة، لكنها لم تكن تستقر في منزلي ولا منزل والدتها… وحتى عندما زوّجناها لم تستقر في زواجها وانفصلت”. وأضاف أنّ “شقيقها لم يكن مرتاحاً لنشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي وذهب ليعيدها إلى المنزل لكنها رفضت المجيء معه فقتلها”.

وهذا ما أكده الصحافي نبز رشيد لـ”درج”. رشيد رافق ماريا في الأيام الأخيرة وهو يؤكد أن مقتلها كان على يد شقيقها وعمها، نافياً أن يكون السبب هو تغيير ديانتها لأنها في الحقيقة لم تفعل ذلك.

ويشير رشيد إلى أن والد ماريا ليس رجل دين كما يشاع، بل يعمل في تجارة الخضار ولكن عموماً عائلتها كانت متشددة دينياً وكانت ماريا تتعرّض لمضايقات مستمرة بسبب آرائها وأفكارها إضافة إلى طريقة عملها وملابسها. 

قبل أيام من مقتلها، نشرت ماريا تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيها: “اقرأ وأتألم للإنسان، للظالم والمظلوم، أتألم لانعدام الحب والتضحية”، وفي منشور آخر قالت: “لا أخاف من الآلام، لأنها دائماً جزء مني”.

يقول رشيد إن ماريا كانت تعاني من آثار نفسية صعبة بسبب زواجها المبكر، إذ أرغمت على الزواج في عمر 12 سنة، واستطاعت لاحقاً إنهاء هذا الزواج.

ماريا كانت تعاني من صدمة طلاق والديها، ومن ثم طلاقها، بحسب رشيد، الذي يقول إنها كانت تعاني من إهمال المجتمع معاناة النساء وضياع حقوقهن، مقابل التركيز والاهتمام على حجاب رأسها وثيابها.

ازدادت حياة ماريا صعوبة بعدما خلعت الحجاب وتركت منزل والدها، على ما يروي رشيد، لتتحول إلى ناشطة مدافعة عن حقوق المرأة ومجتمع الميم وكانت تتعرض لمضايقات مستمرة من أهلها، وتتلقى تهديدات عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت تستعدّ لإطلاق أول أغنية بصوتها ولكنها قتلت قبل تحقيق حلمها، برغم أنها أكملت تسجيلها كما يقول رشيد.

إقرأوا أيضاً:

القانون يمنع التغيير 

رئيسة هيئة حقوق الإنسان في إقليم كردستان العراق منى ياقو تشرح لـ”درج”، ان القانون العراقي يمنع تغيير الديانة من الإسلام إلى الديانات الأخرى ولكن العكس مسموح به وهذا منافي لمبدأ المساواة الذي تم إقراره في الدستور العراقي ولطالما تمت المطالبة بتغيير هذا الأمر لكنه لم يؤخذ على محمل الجد إلى الآن.

وتنقل ياقو عن والد ماريا أنها كانت تضع صليباً، لكنها لم تغير دينها إلى المسيحية. وتعتقد ياقو أن زواجها المبكر وانفصالها قد يكونان سبباً في رغبتها بتغيير دينها، ولو لجهة الطقوس، أو انقلابها على مجتمعها وانتقاده. 

ودعت ياقو إلى معاقبة الشخص الذي ارتكب الجريمة على اعتبار أنه قام بجريمة لا يمكن السكوت عنها تحت أي مبرر، لأنه من المتوقع تحويلها إلى جريمة شرف، حالها كحال الكثير من الجرائم التي تسند إلى “الشرف” لإعطاء أسباب تخفيفية للقتلة، وهذا أمر شائع في العراق.

ازدياد حالات القتل 

بحسب إحصاءات رسمية فإنه منذ بداية العام الحالي، أكثر من 10 سيدات وفتيات لقين مصرعهن في ظروف مشابهة لظروف مقتل ماريا في إقليم كردستان بحسب عضوة مجلس إدارة إتحاد نساء كردستان دلفين خلف. 

ومع أن هذا الرقم الكبير يطرح شكوكاً حول غياب الأمن والأمان للنساء في الإقليم، فضلاً عن غياب المحاسبة وإفلات المجرمين من العقاب، فإن خلف تبرّئ الحكومة الكردية من دم ماريا، وتقول إن “الحكومة تعمل بكل جهدها للحد من العنف ضد المرأة في الإقليم ورئيس الإقليم ورئيس حكومة كردستان أكدا ذلك في أكثر من مناسبة ولكن الأمر يعود الى ان السلطة العشائرية قوية في الفترة الحالية وهي السبب الرئيسي في ما يحدث للنساء”.

وتؤكد وجود قانون لمناهضة العنف ضد المرأة، لكنه يحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع وتوعية العشائر والمجتمع حوله. 

إقرأوا أيضاً: