fbpx

 في أننا كنّا سبقنا الأسد إلى أبو ظبي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سيصفق الممانعون لبشار الأسد أينما حل، بدءاً من إرساله متطوعين إلى روسيا ووصولاً إلى زيارته أبو ظبي، وهم لا تشكل اتفاقات ابراهام لهم أي حساسية فيما لو كانت الإمارات إلى جانبهم في حروبهم ضد شعوبهم، وعلاقتهم مع فلاديمير بوتين خير مثال على هذا.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أصابت زيارة بشار الأسد للإمارات العربية المتحدة ناشطين سوريين بخيبة، وعبارة “خيبة” غالباً ما ترفق بعبارة “أمل”، أي أن الخيبة تلك هي في النتيجة “خيبة أمل”، ومن هنا يجب أن نبدأ مراجعتنا، ذاك أن الزيارة فيما لو لم نقترف ذلك الـ”أمل”، كانت عادية، ولشكّلت امتداداً منطقياً لطبيعة النظامين في دمشق وفي أبو ظبي. 

الناشطون الخائبون من الزيارة، ومن بينهم أصدقاء، صادرون بمعظمهم عن تجربة في المواجهة مع النظام في سنوات الثورة السورية الأولى، ثم من سنوات تحول الثورة إلى حرب. علماً أن النظام في لحظة انتقال الثورة إلى حرب، كان بذل جهوداً ونجح في هذا الانتقال، والإمارات، وغيرها من الدول التي “احتضنت” الثورة، كانت لاقته في هذه الجهود عند منتصف الطريق. 

إنهم شركاء بشار الأسد، ومن المنطقي جداً أن يزورهم، وما يجب أن يعنينا من مشهد استقباله في أبو ظبي هو استعادة تجربتنا مع هذه الحقبة.

حازم الأمين

النظام أفرج عن الإسلاميين من سجونه، والإمارات، وغيرها من الدول، تولت تسليحهم! الجهد كان مشتركاً، والزيارة اليوم تصلح لأن تكون تتويجاً لهذا الجهد، والأسد من المفترض أن يكون قد عبر عن شكره لهذا الجميل. تسليح وتمويل جيش الإسلام في ريف دمشق، والذي تولته دول خليجية بعد أن أطلق النظام قادته من السجون، كان مؤشراً على النموذج الذي كانت تريده تلك الدول لسوريا بعد الأسد! 

والحال أن الزيارة تصلح لأن تكون مناسبة لمراجعة قاسية لنا نحن الذين لم نملك الحساسية الكافية في حينها، والتي كان من المفترض أن تحصننا من السقوط في فخ علاقات أقامتها ثورتنا مع أنظمة أبو ظبي والدوحة والرياض، وصولاً إلى العلاقة مع أنقرة وعمان، وغيرها من العواصم التي ارتمينا في أحضانها في سنوات الثورة وفي سنوات الحرب. هذا التجنب ربما لم يكن ليقينا من الهزيمة، لكنه كان ليجنبنا الخيبة التي أصابتنا اليوم. 

لنذهب بخيالنا قليلاً، طالما أنه وحده ما يعيننا في هذه الأيام الحالكة. فأي سوريا كانت ستتشكل فيما لو انتصرت الثورة برعاية إماراتية أو تركية؟ 

الأرجح أننا سنكون حيال سلطة لا تقل تمييزاً، ونظاماً كان سيمارس أكثريته على نحو ما يمارس نظام البعث أقليته. والأكثرية لن تكون أقل دموية من أقلوية النظام الحالي، وهي اذ ستستمد “شرعيتها” من صدورها عن تمثيل أكثري، ستوظف هذه الشرعية في مواجهة “الأقلويات”، طالما أننا لن نكون حيال سوريا الديموقراطية، وطالما أن رعاة التجربة المتخيلة في الخليج وفي أنقرة لا تعنيهم سوريانا التي توهمناها في بداية الثورة.

 الزيارة تصلح لأن تكون مناسبة لمراجعة قاسية لنا نحن الذين لم نملك الحساسية الكافية في بداية الثورة، والتي كان من المفترض أن تحصننا من السقوط في فخ علاقات أقامتها ثورتنا مع أنظمة أبو ظبي والدوحة والرياض، وصولاً إلى العلاقة مع أنقرة وعمان، وغيرها من العواصم التي ارتمينا في أحضانها في سنوات الثورة وفي سنوات الحرب. هذا التجنب ربما لم يكن ليقينا من الهزيمة، لكنه كان ليجنبنا الخيبة التي أصابتنا اليوم. 

حازم الأمين

إنهم شركاء بشار الأسد، ومن المنطقي جداً أن يزورهم، وما يجب أن يعنينا من مشهد استقباله في أبو ظبي هو استعادة تجربتنا مع هذه الحقبة. 

صاحب هذه السطور استجاب ذات مرة لدعوة لنقاش يتناول الثورة السورية في إحدى العواصم الخليجية! 

لماذا ارتكبت هذه الحماقة؟ وأي ثورة يمكن أن نناقشها في مدينة يمقت نظامها الثورات؟ يجب أن يبدأ التفكير في أنني أسأتُ في حينها للسوريين! هذا ليس جلداً للنفس، إنما محاولة لمراوغة الهزيمة، وللقول بأنها ليست النهاية، وأن الطريق، وان كان طويلاً، يبدأ من هنا. فالمشهد قبل الزيارة وبعدها كارثياً، ونحن إذ هُزمنا، من المفترض أن لا نتحول إلى نادي المستقبل. ربما تصلح العودة إلى أنفسنا لأن تكون ترياقاً، وهذه العودة تقتضي مراجعة قاسية، ولكن مجدية.

القول بأن خوض المواجهة مع النظام لم تكن ممكنة فيما لو كنا لوحدنا قد يكون صحيحاً، لكن الأمور تقاس بخواتيمها، والهزيمة فيما لو أصابتنا ونحن لوحدنا كانت مشرفة أكثر، وكان من الممكن أن لا تترافق مع خيبات من النوع الذي يصيبنا اليوم جراء زيارة الأسد أبو ظبي. 

أما سجال الممانعين لجهة أن شريكهم في دمشق يزور دولة “اتفاقات ابراهام”، وها هم يصفقون لهذا الخرق الكبير الذي أحدثته الزيارة لنظام الحصار والعقوبات المضروب على النظام السوري، فهو صوابي، إلا أننا كنا سبقنا بشار الأسد إلى أبو ظبي، ومرد خيبتنا اليوم هي أنها استقبلته، وليس مردها إلى أننا كنا سبقناه إليها!

الممانعون غير صادرين عن قضية وعن عدالة وعن ظلامة، سيصفقون لبشار الأسد أينما حل، بدءاً من إرساله متطوعين إلى روسيا ووصولاً إلى زيارته أبو ظبي، وهم لا تشكل اتفاقات ابراهام لهم أي حساسية فيما لو كانت الإمارات إلى جانبهم في حروبهم ضد شعوبهم، وعلاقتهم مع فلاديمير بوتين خير مثال على هذا. 

سنخسر السجال معهم إذا افترضنا أنهم معنيون بفلسطين. يجب أن نواجههم في أننا نحاسب أنفسنا على سقطة ارتكبناها، ويجب أن نعد أنفسنا بأن نُمضي سنوات “الهزيمة” في تجنب تكرارها. والزمن سنة لك وسنة عليك.    

إقرأوا أيضاً: