fbpx

وكأنّ بمقتدى الصدر يقول لقاآني:
أنا، لا أنت، خليفة قاسم سليماني!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

اللافت أن الصدر نصّب نفسه في البيان الذي أصدره “مسؤولاً عن المقاومة العراقية الوطنية”، وهي إشارة إلى تصدّيه لأخذ راية سليماني بعد مقتله. وهو من خلال تصرفه الجاف والصلد مع اسماعيل قاآني، كأنه يقول له: لا أحد غيري يرث سليماني في حكم العراق!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إذا صحّ ما نقلته وكالة رويترز عن التوتر الذي ساد اللقاء السريع الذي جمع رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر مع قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني في الثامن من شباط/فبراير الماضي في منزل الصدر في النجف، فإن فداحة مقتل سلفه قاسم سليماني بغارة أميركية في الثالث من كانون الثاني/ يناير 2020 على إيران بدأت تظهر بشكل واضح جداً، من خلال السياسة العراقية الداخلية وتراجع السطوة الإيرانية عليها.
رويترز كشفت كواليس لقاء الرجلين الذي لم يستغرق سوى نصف ساعة، استقبل خلالها الصدر القائد الإيراني “بجفاء واضح”. كان يضع على كتفيه، بحسب التقرير، “كوفية الجنوب العراقي بلونيها الأبيض والأسود، ويرتدي عباءة بنيّة، في هيئة محلية متعمّدة تتناقض مع الثياب السوداء بالكامل والعمامة الشيعية التي يعتمرها عادة في المناسبات العامة”.
ونقلت رويترز عن أربعة مسؤولين عراقيين وإيرانيين، قولهم إن “لباس الصدر ينقل رسالة سياسية قومية خلاصتها أن العراق، كدولة عربية ذات سيادة، سيشق طريقه بنفسه، دون تدخلات من جارته الفارسية، على الرغم من الروابط الطائفية بين البلدين”. فيما تحدّى الصدر القائد الإيراني، بحسب أحد المسؤولين، وقال “ما علاقة السياسة العراقية بكم؟ لا نريدكم أن تتدخلوا”.
هل كان أمر كهذا ليحدث لو كان قاسم سليماني على قيد الحياة؟ هذا السؤال على الغالب مطروح بشكل جدي في دوائر النظام الإيراني، خصوصاً تلك المعنية بالشأن العراقي، الأساسي بالنسبة إلى السياسة الإيرانية في المنطقة، نظراً إلى موقع العراق الجيوسياسي المهم جداً بالنسبة إلى الإيرانيين وحجم التبادل الاقتصادي الكبير بين البلدين، فضلاً عن غنى العراق بالنفط واحتضانه العتبات “المقدسة” الشيعية التي تعني الكثير لإيران الخمينية.

لا أحد غيري يرث سليماني في حكم العراق!


فسليماني كان قبل مقتله في العراق كما كان رستم غزالة(اللواء البعثي السوري) في لبنان في عزّ الوصاية السورية عليه، يتحكّم بأدقّ تفاصيل السياسة الداخلية اللبنانية، ويعيّن رؤساء الجمهورية والحكومات والوزراء ويتدخل في سير العمليات الإنتخابية الشكلية ليحدد الفائزين و”يؤدب” المعارضين إن وجدوا أو تجرّأوا. وبالفعل خرج عراقيون على سلطة سليماني قبل مقتله بشهور، في تظاهرات تشرين أول/ أكتوبر من العام 2019، وهتفوا ضد النفوذ الإيراني، وتعرّضوا للتنكيل من الميليشيات العراقية التابعة لإيران، وجرى قتل عشرات الناشطين وجرح المئات. وكان مقتدى الصدر حينذاك قد سبق التشرينيين إلى التمرّد على إيران، عبر خوضه انتخابات العام 2018 بخطاب قومي يدعو إلى فك الارتباط مع إيران، وقد عبّر حينذاك المرشحون الصدريون عن رفضهم للنفوذ الإيراني في العراق. ومع ان الصدر فاز بعدد مقاعد كبير في الانتخابات، إلا ان تدخّل سليماني آنذاك، نجح في التقريب بين الصدر وباقي خصومه الشيعة، خصوصاً تحالف الفتح برئاسة هادي العامري والذي يضم الميليشيات والقوى العراقية الحليفة لإيران. أدى ذلك إلى خفوت صوت الصدر الجهوري ضد إيران، ودفعه ذلك إلى الذهاب إلى طهران في أيلول/سبتمبر من العام 2019، والجلوس بين قاسم سليماني والمرشد الأعلى على خامنئي في مجلس عاشورائي، في صورة شهيرة صدمت الكثير من العراقيين في تلك الفترة، وطرحت تساؤلات عن تموضع الصدر. وفي تظاهرات تشرين، التي أتت بعد شهر من هذه الصورة، لعب الصدر دوراً مزدوجاً، فهو مع بداية التظاهرات دفع بأنصاره إلى المشاركة في التظاهرات ضد حكومة عادل عبد المهدي المدعومة من إيران بشعارات تتعلق بمحاربة الفساد والتغيير، لكنه في الآن عينه ساهم في التنكيل بالمتظاهرين، خصوصاً في بعض مدن الجنوب الثائرة، وهي المدن الشيعية المحاذية للحدود الإيرانية. وتولّى الصدر، خدمة لنفسه أولاً، ولإيران بطريقة غير مباشرة، قمع التظاهرات وتسليط مسلحين لمهاجمة التظاهرات وخيم الاعتصامات، وارتكب الصدريون جرائم قتل بحق الناشطين والمتظاهرين. حدث كل ذلك في حياة سليماني وحضوره ونفوذه. وكان الجنرال الإيراني قبل اغتياله الرجل الأقوى في العراق بلا منازع. له سطوته الأمنية وحضوره في طيف واسع من المليشيات التي تأتمر بأمره، أو ترضخ لقوته. وكان يتحكم بالأمور ويستطيع ضبط الخلافات بين الأطراف الشيعية. واستطاع إلى حدّ بعيد ضبط تمرّد الصدر وموازنته بقوة إيرانية داخلية، سرعان ما تضعضعت وتفككت مع اغتياله.

إقرأوا أيضاً:


ولا يحيد سلوك الصدر منذ مقتل سليماني عن توازن القوى داخل إيران نفسها، ويستفيد الزعيم الشيعي العراقي من الصراع على النفوذ في العراق بين جهاز “الاطلاعات” (جهاز الاستخبارات والأمن القومي) وبين الحرس الثوري، ويعتبر الصدر أقرب إلى “الاطلاعات”، التي ازداد نفوذها في إيران وفي الملف العراقي بعد مقتل سليماني وبسبب ضعف خليفته قاآني.
مقتدى الصدر أصدر بيان نعي لدى تلقيه خبر اغتيال سليماني، أعطى فيه أوامره “بجهوزية المجاهدين… لنكون على استعداد تام لحماية العراق”. وذهب الصدر، الذي كان يتواجد في تلك الفترة في إيران، إلى بيت سليماني للتعزية. اللافت أن الصدر نصّب نفسه في البيان الذي أصدره “مسؤولاً عن المقاومة العراقية الوطنية”، وهي إشارة إلى تصدّيه لأخذ راية سليماني بعد مقتله. وهو من خلال تصرفه الجاف والصلد مع اسماعيل قاآني، كأنه يقول له: لا أحد غيري يرث سليماني في حكم العراق!

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.