fbpx

“معالي الضحية”… طرق مصر تصطاد حتى الوزراء!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تعزى أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة في مصر متعددة  وعلى رأسها حالة الطرق، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعات المقررة، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وحالة الطقس، وغياب القوانين الرادعة لبعض المخالفات الخطيرة أثناء القيادة، وغيرها. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كشف الحادث المروري الذي أصيب فيه وزير التنمية المحلية المصري اللواء هشام آمنة بعد يوم واحد من تكليفه بالوزارة عن خلل كبير في منظومة تطوير الطرق في مصر.

بحسب الرواية الرسمية، فقد اصطدم موكب الوزير المصري بجرار سيارة نقل خلال محاولة سائقها الانتقال إلى الطريق الآخر الذي عبرت منه سيارات كثيرة بالمخالفة، عند الكيلو 56 في طريق “العلمين- وادي النطرون”، حيث أصيب الوزير وستة من مرافقيه.

بضاعتكم ردت إليكم

اللافت للنظر في حادث الوزير المصري هو أن الأخير نفسه كان مسؤولاً عن هذا الطريق، ويتفاخر مع مسؤولين آخرين بتنفيذ تطويره وتوسعته قبل أشهر قليلة حين كان محافظاً للبحيرة. 

حينها اعتُبر هذا الطريق “إنجازاً حقيقياً فاق كل التوقعات، ونقلة نوعية غير مسبوقة”، لا سيما أن طوله يبلغ 135 كلم، 60 كلم منها في نطاق محافظة البحيرة، بحيث يربط مدينة وادي النطرون (شمال مصر) بمدينة العلمين، في محافظة مطروح (غرب مصر)، وتتم توسعته ليتألف من 8 حارات مرورية، بعدما كان 3 حارات ثم 6 بعد ذلك. إثر ذلك، وجه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي رسائل عبر منصات السوشيال ميديا، أبرزها “بضاعتكم ردت إليكم” و”طباخ السم بيدوقه”.

قبل شهر من حادث الوزير المصري، قضى أيضاً الشاب السكندري يوسف السيد راضي (32 سنة)، المعروف بأشيك بائع فريسكا بالإسكندرية على طريق العلمين في حادث سيارة، وبعد حادث الوزير بأيام، أصيب  6 أشخاص بينهم 5 أجانب يحملون الجنسية الروسية وآخر مصري إثر تصادم “ميني باص” وسيارة نقل في الكيلو 68 في طريق “وادي النطرون العلمين”.

كشف الحادث المروري الذي أصيب فيه وزير التنمية المحلية المصري اللواء هشام آمنة بعد يوم واحد من تكليفه بالوزارة عن خلل كبير في منظومة تطوير الطرق في مصر.

برر وزير النقل المصري كامل الوزير الحادث الذي تعرض له زميله، بأن العمل في الطريق سينجز في نهاية آب/ أغسطس 2022، مشيراً إلى فصل الحارات عن بعضها حتى لا تتكرر الحادثة، لا سيما أن هناك 5 حارات للسيارات الخاصة (الملاكي) بسرعة 120 كيلومتراً في الساعة، إلى جانب طريق خرساني آخر يضم 3 حارات للسيارات الثقيلة ذات الحمولة الكبيرة، ملقياً الذنب على “كاوتش واضاءة السيارات”، وعلى السائقين وسرعتهم. 

تعليقات الوزير لاقت نقداً على السوشيال ميديا، إذ انتقد كثيرون خطط الطرق، وتحديداً طريق “وادي النطرون العلمين” أو “طريق الموت” كما وصفه البعض، معتبرين أن توسعة الطريق أكثر من اللزوم تزيد من الحوادث لا تقللها كما يظن البعض، لأنها تشجع على تخطي السرعة المسموح بها، والخروج فجأة من حارة إلى أخرى وأحياناً السير العكسي، ما يؤدي إلى حوادث مميته بخاصة ليلاً إذ يتحول المكان إلى “طريق رعب” في ظل ظلام قاتل بدون لوحات فوسفورية أو ما يسمى بـ”عين القطة”.

مثلت برمودا الدائري الأوسطي

ومن طريق “وادي النطرون- العلمين” إلى طريق “الدائري الأوسطي” الذي كلف رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي لجنة هندسية لدراسة المشكلات الفنية فيه، بعد عشرات الحوادث المفجعة التي شهدتها الطريق، ما دفع النيابة العامة المصرية إلى مناشدة المختصين لإصلاح عيوب المكان، وهو تحديداً منحنى خطير يسبق نفق الأوتوستراد ويحجب الرؤية، إلى ما سماه البعض “مثلث برمودا”، مشيرين إلى نفق الطريق الواقع أسفل طريق الأوتوستراد، الذي وبرغم التحذيرات ما زال نزيف الأسفلت مستمراً عليه.

هذه الطرق وسواها في مصر، تحولت إلى “مصائد للموت”، لا سيما مع بروز أزمة طريق “الساحل الشمالي الدولي”، الذي يعاني من عيوب فنية في تصميمه بسبب تداخله الذي تسبب في عشرات الحوادث، إضافة إلى إلغاء الالتفاف (اليوتيرن)، ما يعني مواصلة السير نحو 5 كيلم، قبل الوصول إلى “كوبري”. وهو ما دفع الإعلاميان أحمد موسى وعمرو أديب والمحسوبان على النظام المصري لانتقاد الطريق بحدة لدرجة أن الأخير قال “بقالنا شهر الناس بتتكلم عن الطريق ده، وأظن الناس مش محتاجة نقد إضافي، بعد الكوميكسات على السوشيال ميديا.. هناك مشكلة والناس أبدت معاناتها من الطريق، ولا بد من وجود حل سريع”.

رد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ما أثير بشأن الطريق “داعياً إلى ضرورة الانتباه والحذر من المشككين في العمل والإساءة لكل الجهد والتكلفة الجارية فيه، متابعاً: لأ يا جماعة الناس بتحاول تحطلكم تراب على شغلكم، ومش الهيئة الهندسية ولا وزارة النقل وكأني مش عارفين نعمل، والداخلية هتبقى موجودة والتخطيط هيتعمل طبقا لمعايير الجودة العالمية، وإحنا لازم كمواطنين نستخدم الطريق طبقا للقواعد دي”

تشهد الطرق السريعة في مصر حوادث مروعة تسفر عن سقوط آلاف ضحايا سنوياً، بينما تشير الإحصاءات الرسمية المصرية الخاصة بالوفيات الناجمة عن حوادث السيارات على الطرق إلى أن عام 2021 شهد 7101 حالة وفاة بارتفاع 15.2 في المئة، مقارنة بعام 2020 الذي شهد 6164 حالة وفاة، بينما لقي 6722 شخصاً حتفهم في حوادث الطرق عام 2019، وفي ما يتعلق بالإصابات فإن عام 2021 شهد 51511 إصابة بانخفاض 9.3 في المئة عن العام الذي سبقه والذي سجل 56789 إصابة، وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء الحكومي.

إقرأوا أيضاً:

اللافت للنظر أيضاً هو تغيير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مصدر نشرة بيانات حوادث الطرق العام الماضي 2021 عن نشرة حوادث الطرق لعام 2020، من بيانات وزارة الداخلية إلى بيانات وزارة الصحة، لافتاً إلى أنه فعل ذلك للتوافق مع المنهجية الدولية التي تعتمد على بيانات وزارة الصحة في تقدير عدد المصابين والوفيات، ولذلك غير الجهاز اسم النشرة من “حوادث الطرق والقطارات” إلى “نتائج حوادث الطرق والقطارات”.

تعزى أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة في مصر متعددة  وعلى رأسها حالة الطرق، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعات المقررة، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وحالة الطقس، وغياب القوانين الرادعة لبعض المخالفات الخطيرة أثناء القيادة، وغيرها. 

ارتفاع مؤشر جودة الطرق في مصر – وفقاً لتقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي -إلى المركز 28 عام 2019 بعدما كانت في المركز 118 عام 2014، هو نتيجة الاهتمام بتطوير الطرق في معظم أنحاء الدولة بعد بدء “المشروع القومي للطرق” عام 2014 القائم على تطوير شبكة الطرق والبنى التحتية.

إلا أنه بالنظر إلى أعداد وفيات وإصابات “المشاة” جراء حوادث الطرق فى مصر سنجد أرقاماً مفزعة، ما يتماشى مع  شكاوى الكثير من المصريين في بعض المناطق وبخاصة “شرق القاهرة”، الذى حاز النسبة الأكبر من تطوير الطرق، على صعوبات في عبور الطريق بأمان بعد توسعة الحارات على الجانبين للضعف فى ظل شح وسائل أمان العبور، ككباري المشاة والأنفاق وإشارات المرور والمطبات الصناعية، لا سيما أن نشطاء ومختصين فى التخطيط العمراني يرون أن الحكومة المصرية أعطت الأولوية لمرونة حركة السيارات على حساب المشاة.

وترتفع الخطورة على المشاة بسبب تحديد السرعة القصوى في شوارع المدن الداخلية عند 60 كيلومتراً في الساعة، وهي سرعة مرتفعة بالنسبة إلى معظم الشوارع.

وتبلغ نسبة الوفيات بين المشاة 27 في المئة أي أعلى قليلاً من ربع الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في مصر، بحسب “منظمة الصحة العالمية”، وهي نسبة تزيد في كل عام.

وتتفاخر السلطات المصرية فى وسط الإعلان عن إنجازاتها على مدار 8 سنوات بالمشروع القومي للطرق التي تنفذها وزارات النقل والإسكان والتنمية المحلية وهيئة الطرق والكباري بأنها أنشأت 7000 كلم من الطرق الجديدة ليصل إجمالي أطوال شبكة للطرق الحرة والسريعة والرئيسية 30 ألف كلم بنسبة نمو 11 في المئة، إلى جانب رفع كفاءة 10 آلاف كلم من شبكة الطرق الحالية، بحسب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

ولفتت السلطات المصرية إلى أن الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع النقل تجاوزت 665 مليار جنيه خلال الـ8 سنوات السابقة، وذلك بمعدل يزيد عن 454 في المئة، مقارنةً بالسنوات الـ8 التي سبقتها، إذ ارتفعت الاستثمارات السنوية الموجهة للقطاع من 16.2 مليار جنيه عام 13/2014 إلى 222.5 مليار جنيه عام 21/2022 بمعدل نمو بلغ 1273 في المئة.

كما تبنت الحكومة المصرية مشروعاً يهدف إلى تنفيذ “منظومة نقل ذكي” من المقرر أن تكون جاهزة في حزيران/ يونيو 2024 لتحقيق مجموعة أهداف من بينها الكشف عن الحوادث وتفادي وقوعها.

إقرأوا أيضاً: