fbpx

“لا مكان آمن”… حقوقيات عربيات اخترقت
حكومات هواتفهن عبر “بيغاسوس”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

للمراقبة على المرأة تأثير جسيم، نظراً إلى عدم تكافؤ القوة سياسياً واجتماعياً وجندرياً، وهو غالباً ما يُفسح المجال أمام السلطات لاستغلال المعلومات التي تحصل عليها كسلاح، من خلال التشهير والابتزاز ونشر المعلومات الحسّاسة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعدّت هذا التحقيق منظمة “اكساس ناو” ومنظمة “فرونت لاين ديفندرز”.

“الحريات الشخصية انتهت بالنسبة إلي ولم يعد لها وجود، لست آمنة في المنزل أو في الشارع أو في أي مكان…”، تقول الناشطة البحرينية ابتسام الصّايغ

ابتسام هي مدافعة عن حقوق الإنسان تعمل في منظمة “سلام للديموقراطية وحقوق الإنسان”، تعرّضت في الفترة السابقة لضغوط حكومية كثيرة بسبب طبيعة عملها. احتُجزت في 20 آذار/ مارس لمدّة سبع ساعات في مطار البحرين الدولي، إثر عودتها من الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقامت السلطات بتفتيشها بدقّة واستجوابها لخمس ساعات، كما تمت مصادرة جواز سفرها وهاتفها الجوال. واتّهمها المستجوب بأنها قدّمت تصريحات خاطئة في جنيف حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. وفي 26 أيار/ مايو، استدعاها جهاز المخابرات الوطني البحريني إلى مركز شرطة المحرق، حيث اعتدى المحقّقون عليها جنسياً، كما تعرضت للإساءة اللفظية والضرب، ثم هَدَّدَها المحققون باغتصابها إذا لم تتوقف عن أنشطتها في مجال حقوق الإنسان. 

المفارقة أن السلطات البحرينية لم تكتفِ بهذا القدر، فعندما فحص الباحثون في منظمة “فرونت لاين ديفندرز” هاتف ابتسام أثناء تقديم المساعدة التقنية، وجدوا أنه تعرّض للاختراق نحو 8 مرات، وأن عمليات الاختراق تمّت بوساطة برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع لمجموعة “إن أس أو”.

“بدأت أخاف من وجود الهاتف بجانبي وخصوصاً عندما أكون في غرفة النوم أو حتى في المنزل بين أهلي وأبنائي وزوجي، لأنني أصبحت أعرف أن هذا الهاتف يتجسس عليّ وقد يكون هناك من يحاول معرفة ما يدور الآن”، تقول ابتسام. ثم تُضيف، “أنا مؤمنة بأن للعمل الحقوقي ضريبة يجب أن أدفع ثمنها، ولكن لم أكن أرغب بأن أُوجّه طاقتي وجهدي إلى محاربة التجسس ومعالجة المشكلات التقنية التي أواجهها”. 

في أعقاب ما كشف عنه مشروع “بيغاسوس” من استخدام الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها برنامج التجسس “بيغاسوس”، لانتهاك حقوق الإنسان وقمع النشطاء والصحافيين، كشف تقرير لمنظمة “فرونت لاين ديفندرز” تعرّض مدافعات وصحافيات للاستهداف عبر البرنامج ذاته. من بينهنّ الناشطة الإماراتية آلاء الصدّيق والصحافية في قناة “العربي” رانيا دريدي، والصحافية في قناة “الجزيرة” غادة عويس. إضافة إلى المحامية الأردنية هالة عاهد ذيب، التي قالت في شهادتها للمنظمة، “كنساء، كثيراً ما تغدو مساحتنا بالتحرك، برغم كوننا مدافعات عن حقوق الإنسان، محدودة. اختراق كهذا يجعلها أكثر محدودية ويُصادر الفضاء الذي نُحاول منه توسيع مساحاتنا، ويساهم في جعل حتى الدائرة القريبة من أهل وأصدقاء تساهم في ردعك وثنيك عما تقوم به، لأنهم من جهة يخافون عليك، ومن جهة أخرى، هم متضررون من اختراق كهذا”. 

إقرأوا أيضاً:

المراقبة كوجه للعنف ضد المرأة: المستهدفات يرفعن أصواتهن

للمراقبة تأثير مروّع ومؤلم على النساء بشكل خاص، نظراً إلى إقدام الحكومات في المنطقة على استغلال المعلومات الشخصية كسلاح، من طريق برامج التجسّس بهدف التهديد والمضايقة وتشويه صورة المستهدفات وسمعتهن. ونتيجة لذلك، تعيش النساء المستهدفات بالمراقبة في حالة من الخوف والقلق، ما يؤدّي إلى انعزالهن عن المجتمع، ما يفرض قيوداً على حياتهن الاجتماعية ووظائفهن ونشاطِهن. 

للمراقبة على المرأة تأثير جسيم، نظراً إلى عدم تكافؤ القوة سياسياً واجتماعياً وجندرياً، وهو غالباً ما يُفسح المجال أمام السلطات لاستغلال المعلومات التي تحصل عليها كسلاح، من خلال التشهير والابتزاز ونشر المعلومات الحسّاسة، ويتضمّن ذلك أيضاً نشر الصور والمحادثات الخاصة والحميمية على الإنترنت.

وتُعرّف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة على أنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يُرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”. بما في ذلك “العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع”.

وقد أدت هذه المراقبة إلى العزلة الاجتماعية للمستهدفات، إذ إن القدرات الخبيثة التي يتمتّع بها برنامج “بيغاسوس” لا تُمكّن المعتدين من تجريد النساء من خصوصياتهن فقط، بل تعمل هذه المراقبة أيضاً على تدمير حرمتهن في منازلهن وفي بيئتهن المُحيطة. كما يعمد الأصدقاء والأقارب إلى الابتعاد خوفاً من تعرّضهم أيضاً للأذى أو المراقبة.

وفضلاً عن هذا، فقد قيّدت المراقبة حرية التنقّل الخاصة نظراً إلى خوف المستهدفات من التعرّض للمضايقات الجسديّة والتهديدات، وكما قالت في السابق المحامية الهندية والمدافعة عن الحقوق الرقمية فريندا بهانداري: “لا تعيش المرأة تجربة تعرّض هاتفها للاختراق كانتهاك لخصوصيتها فحسب، بل أيضاً كانتهاك لسلامتها الجسدية- أي أن ذلك يُماثل العنف الجسدي”. وعلى سبيل المثال، وقبل فاجعة وفاة آلاء الصدّيق بشكل مأساوي، أدلت إحدى صديقاتها بشهادة مفادها أن آلاء كانت غيّرت عاداتها خوفاً من المراقبة، بما في ذلك “تغيير مسار تنقّلها عبر مترو الأنفاق ومحاولتها عدم الاقتراب كثيراً من الحافة عند استعمالها القطار خوفاً من أن يدفعها أحدهم خارجه وتسقط على السكة الحديدية”.

أما بالنسبة إلى ابتسام الصّايغ، فقد حَرمتها عملية اختراق هاتفها من التمتّع بكامل حريتها في منزلها ووجدت نفسها مجبرة على لبس الحجاب حتى عندما تكون في البيت بمفردها لخوفها من أن هناك من يُراقبها.

إن المراقبة الرقمية هي بمثابة قنبلة موقوتة ضد المستهدفات، اللواتي يعشن في خوف دائم من إمكانية استغلال معلوماتهن الشخصية، بما في ذلك الصور وأشرطة الفيديو والمحادثات الخاصة ضدّهن في أي لحظة، ما يُفسح المجال للمضايقات والاعتداءات. 

إقرأوا أيضاً: