fbpx

“حزب الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد
مهدد بالحظر في تركيا!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حرم القضاء التركي حزب “الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد من الميزانية المخصصة له، لكن هل يحافظ الحزب على موقعه في مواجهة التحديات الجديدة لا سيما قبيل الانتخابات المرتقبة؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعاد القضاء التركي مسألة حظر حزب “الشعوب الديمقراطي” إلى الواجهة مجدداً، بعدما أصدرت المحكمة الدستورية العليا في تركيا قبل أيام، قراراً يقضي بحرمان هذا الحزب من الميزانية المالية المخصصة له من خزينة الدولة لعام 2023 الحالي. فكيف سيتعامل الحزب “المؤيد للأكراد” مع هذا القرار؟ ولماذا جاء هذا الحكم في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تشهدها البلاد بعد نحو 6 أشهر؟ وكم يبلغ حجم الأموال التي خسرها؟

يواجه حزب “الشعوب الديمقراطي” دعوى قضائية تعود الى عام 2021، طالب فيها حزب “العدالة والتنمية” الحاكم وحليفه حزب “الحركة القومية” اليميني المتطرّف، بحظر نشاطات الحزب المعارض، على رغم أنه ثالث أكبر حزبٍ في البرلمان، ويحظى بشعبية واسعة جعلته رقماً صعباً في المعادلة الانتخابية، إذ زادت سطوة الحزب منذ إطاحة المعارضة مرشّح الحزب الحاكم في الانتخابات المحلّية التي شهدتها تركيا في آذار/ مارس وحزيران/ يونيو 2019. 

تأتي الدعوى على خلفية دعم الحزب “المؤيد للأكراد” لأكرم إمام أوغلو في انتخابات بلدية اسطنبول، التي فاز فيها مرّتين نتيجة تصويت أنصار “الشعوب الديمقراطيّ” لأوغلو الممثل عن حزب “الشعب الجمهوري”، حزب المعارضة الرئيس في تركيا.

يرى مسؤولون في “الشعوب الديمقراطي” أن قرار حرمان الحزب من الميزانية المالية يهدف إلى منعه من التحرّك في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستشهدها تركيا خلال العام الحالي، تَزامن ذلك مع دعوتين مماثلتين، الأولى تهدف الى إغلاق الحزب والثانية محاكمة 108 من قادته، بينهم رئيسه السابق صلاح الدين دمّيرتاش المسجون منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016. تأتي المحاكمة على خلفية دعوة المتهمين أنصار الحزب إلى الخروج في تظاهراتٍ شهدتها مختلف المدن ذات الغالبية الكردية في تركيا مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2014، تأييداً لمقاومة مدينة كوباني ضد تنظيم “داعش” الذي حاول السيطرة عليها.
يأتي قرار حرمان “الشعوب الديمقراطي” من الأموال المخصصة له من خزينة الدولة بعد أقل من شهرٍ من تأييد محكمة تركية إدانة أكرم إمام أوغلو، عمدة اسطنبول الحالي، في قضية إهانة أعضاء “اللجنة العليا للانتخابات”، ما يعني منعه من الترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال إدانته من محكمة “الاستئناف” التركية أيضاً. تحاول السلطات المحلية من خلال حرمان الحزب “المؤيد للأكراد” من تلك الأموال، ومحاولات منع إمام أوغلو من المشاركة في الانتخابات المقبلة، إطاحة كل من يشكل خطراً على حزب “العدالة والتنمية” في تلك الانتخابات، كما أوضحت النائبة في البرلمان التركي رمزية توسون من الحزب “المؤيد للأكراد”.

يرى مسؤولون في “الشعوب الديمقراطي” أن قرار حرمان الحزب من الميزانية المالية يهدف إلى منعه من التحرّك في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستشهدها تركيا خلال العام الحالي.


تؤكد توسون لـ”درج” أن “القضاء التركي لم يبت بعد في شأن دعوى إغلاق حزبنا وحظر نشاطاته، لكن القرار الأخير الذي يقضي بحرمانه من الميزانية المالية لا يستهدف “الشعوب الديمقراطي” وحده، بل الأكراد أيضاً من خلال محاولات حظر الحزب المؤيد لهم”.

يبلغ حجم الأموال التي مُنِع الحزب من الإفادة منها “موقتاً” إلى حين اتخاذ قرارٍ نهائي في شأن دعوى إغلاقه، نحو 539 مليون ليرة تركية (أي ما يعادل نحو 28.7 مليون دولارٍ أميركي)، لكن “الشعوب الديمقراطي” سيطعن في هذا القرار، وفق ما كشف محامٍ ينتمي إلى الحزب لـ”درج”، إذ يقول: “الحزب المؤيد للأكراد يمكنه الحصول على هذه الأموال في حال قررت المحكمة الدستورية العليا عدم حظر نشاطاته عند البت في دعوى إغلاقه”.

حرمان الحزب “المؤيد للأكراد” من تلك الميزانية لم يشلّ حركة الحزب، إذ أشار مسؤولون من الحزب لـ”درج”، إلى أن “هذه الضغوطات لا يمكن أن تقف عائقاً أمام أنصارنا للتصويت في الانتخابات المقبلة، حتى في حال حُظرت نشاطات الحزب بالكامل”.

تعود مسألة الضغط على حزب “الشعوب الديمقراطي” إلى عام 2015، عندما تمكّن للمرة الأولى من دخول البرلمان بـ80 مقعداً، مُنهياً بذلك الغالبية النيابية التي كان يتمتع بها الحزب الحاكم لوحده، ما أرغم الأخير على التحالف مع حزب “الحركة القومية” الذي أصرّ على إجراء انتخاباتٍ مبكرة في خريف العام نفسه، إلا أن الحزب “المؤيد للأكراد” عاد إلى البرلمان مرةً أخرى كثاني أكبر حزبٍ معارض. ومذاك، يتعرّض “الشعوب الديمقراطي” لضغوط أمنية كبيرة منها احتجاز العشرات من نوابه ورفع الحصانة النيابية عنهم، إضافة الى احتجاز السلطات معظم رؤساء البلديات المنتمين له، وتعيين أوصياء من الحزب الحاكم عوضاً عنهم على رغم فوزهم برئاسة 71 بلدية، بينها بلديات كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في انتخابات عام 2019.


تعرّضت مقرّات “الشعوب الديمقراطي” لعددٍ من الهجماتٍ المسلّحة من دون أن تمنع الأجهزة الأمنية تكرارها. وتجدّدت تلك الهجمات بعد نحو عامٍ من دعم الحزب مرشح “الشعب الجمهوري” في اسطنبول، ففي 17 حزيران  2021، هاجم متطرّف تركي مقرّ الحزب في مدينة إزمير وقتل امرأة كردية تُدعى دينيز بويراز داخل المقر، على رغم أن مباني الأحزاب كافة في تركيا تحظى بحراسة أمنية من الشرطة، بما في ذلك مقرّات حزب “الشعوب الديمقراطي” كلها. قبل ذلك الهجوم بحوالى شهر، حاول مجهولون إحراق مقر الحزب المعارض المركزي في العاصمة أنقرة، إلا أن السلطات الأمنية لم تتحرك أو تعلن عن هوية المهاجمين، كما لم تقم بتوقيفهم إلى الآن.

استمرار هذه الضغوطات التي تهدف الى حلّ الحزب “المؤيد للأكراد”، قد تدفع قادته إلى  تشكيل حزب بديل عند صدور قرارٍ بحظره،  الأمر الذي حصل مرات عدّة في تركيا سابقاً، ففي أواخر عام 2009، حظرت أنقرة حزب “المجتمع الديمقراطي” الكردي، لكن قبلها بنحو عام حصل قادة هذا الحزب على ترخيصٍ جديد لحزبٍ آخر وهو “السلام والديمقراطية”، ما يعني أن بديل الحزب المحظور كان جاهزاً على الفور. تكرر الأمر عند حظر حزب “السلام والديمقراطية” لاحقاً، حين أُلصقت به التهمة المتكررة وهي الارتباط بـ”حزب العمال الكردستاني” الذي تصنّفه أنقرة جماعة إرهابية. ظهر حزب “الشعوب الديمقراطي” عام 2012، واستطاع أن يتخطى الشريحة الكردية، ليضمّ إلى صفوفه مختلف أقليات تركيا من الأرمن والسريان والعرب العلويين، علاوة على الأتراك أنفسهم.

إذا حُظر حزب “الشعوب الديمقراطي” في الفترة المقبلة، لن يمنعه ذلك من المشاركة في الانتخابات المقبلة، إذ كشف بعض قادته لـ”درج” أنهم سيلجأون الى تأسيس حزبٍ آخر، وهذا يعني أنه سيكون موجوداً مع ناخبيه لمواجهة أردوغان وحزبه الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا في حزيران المقبل.