fbpx

مستشفيات اليمن… احتجاز قسري ورهن ذهب من أجل العلاج!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ألقت الحرب بحملها على أكتاف اليمنيّين على المستويات كافة، وطاولت تبعاتها أهم القطاعات الخدمية كالقطاع الصحي، فتسببت بتدهوره وإفراغه من الكادر الطبي العامل، وهجرة المختصين، ما ضاعف معاناة المرضى وضيّق الخناق عليهم بشكل كبير.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منيرة الطيار – محمد عمر

أودى الاحتجاز القسري بحياة المريض عبدالله المصروحي، الذي لم يتحمل وقع أنه أصبح “محبوساً” على ذمة مبالغ مالية لأحد المستشفيات، حتى أصيب بجلطة وهو في العناية المركزة، فضعفت ذاكرته، وأصبح عاجزاً عن النطق، ليموت بعدها بأسبوعين، فيما تتحمّل ابنته الوحيدة أعباء دفع التكاليف، لكي يسلم المستشفى جثمانه.

ألقت الحرب بحملها على أكتاف اليمنيّين على المستويات كافة، وطاولت تبعاتها أهم القطاعات الخدمية كالقطاع الصحي، فتسببت بتدهوره وإفراغه من الكادر الطبي العامل، وهجرة المختصين، ما ضاعف معاناة المرضى وضيّق الخناق عليهم بشكل كبير، بحثهم عن الأدوية يفشل مرات كثيرة، ليفقد كثيرون حياتهم، وهم في طرقات السفر، سعياً لخدمة طبية مناسبة تقيهم الموت.

تحكي ابنة المصروحي، من أبناء مديرية عبس، محافظة حجة، لـ”خيوط”، كيف وقعت في فخ المستشفى حين تعرض والدها لضعف في عضلة القلب: “تعب أبي المسن بسبب ضعف عضلة القلب، وأصيب بدوخة مفاجئة، قمت بإسعافه إلى أحد المستشفيات الحكومية، لكن لم نجد له سريراً”. لاحقاً، نصحها شخص في المستشفى، بالذهاب إلى مستشفى “يوني ماكس” في صنعاء، الذي سيقوم بمساعدتها وتخفيض التكاليف.

تتابع: “تم استقباله في المستشفى، أخبرتهم بظروفنا المادية منذ البداية، ووافقوا وأدخلوه العناية المركزة على أساس أن نخرجه في اليوم التالي إلى مستشفى حكومي”، وعندما أرادت نقله إلى مستشفى حكومي، فوجئت بأن عليها سداد فاتورة بـ150 ألف ريال، بالرغم من إبلاغها إدارة المستشفى عن حالتهم المادية المتعثرة، لكن إدارة المستشفى رفضت إخراج والدها المريض، لحين دفع المبلغ كاملاً. 

هكذا يفرض الوضع الاقتصادي الذي لم يسلم من الحرب وتبعاتها المزيد من الأعباء على اليمنيين، ليصبح المواطن هو الحلقة الأضعف، خصوصاً مع انقطاع رواتب الموظفين المدنيّين؛ فما أن يشعر المريض بألم حتى يدرك أنه سيدخل وكر لاستنزاف أمواله -كما يكشف هذا التحقيق الذي قامت به “خيوط”- في مستشفيات وقطاع صحي تجاري، لا يراعي أي اعتبار للوضع الاقتصادي الراهن، ولا يهمه سوى الأرباح التي سيجنيها.

يظهر الاستنزاف جليّاً في الأسعار الجنونية التي تضعها المستشفيات للعمليات (التدخلات الجراحية)، فعملية الولادة القيصرية يتراوح سعرها من 500 ألف إلى مليون ريال يمني، بينما عمليات القلب المفتوح تتجاوز 10 ملايين ريال، وتتفاوت من مرفق صحي إلى آخر.

لا يجوز بيع المرهون أو تملّكه، وإنّما بيع الرهن يجب أن يتم عن طريق المحكمة من خلال تقديم دعوى تتضمن بيع “المرهون”، استيفاءً لدين المريض أو الشخص الذي قدّم الرهن للمرفق الطبي، فيصدر بذلك حكم من المحكمة ببيعها وتسليمها للمستشفى.

لا تثقل “العمليات” فقط كاهل المريض؛ فثمن المبيت والعلاج تترك المريض عاجزاً عن مجابهة تلكالأسعار في ظلّ وضع اقتصادي مأساوي. فبأي حق يتم احتجاز المرضى من قبل المستشفيات، ووفق أيّ قانون يتم مصادرة حرية مريض بسبب عدم قدرته على سداد فاتورة دواء، وكيف يتحول المريض إلى زبون بغرض “الكسب غير المشروع”.

القضية لا بد أن تخضع للتسويات، مع ضرورة تدخل الجهات الأمنية لمنع حبس أي مريض ومصادرة حريته، فمن الكوارث التي تتسبّب بها المستشفيات الخاصة،  هو اتخاذ قرار مبيت المريض في قسم العناية المركزة للحالات التي أصبحت طبيّاً في حكم الموت السريري، إذ يتم إعلان موت المريض بعد أيام، حين تصبح فاتورة المستشفى بالملايين، ليصبح الأمر بالنسبة لأسرة المريض، كما يقال “موت وخراب ديار”، إذ تحتجز بعض المستشفيات الجثة حتى سداد الفاتورة.

احتجاز ورهن غير قانونيّ

لا يقتصر الأمر على البالغين فقط، فحتى الأطفال لم يسلموا من جشع المستشفيات، إذ يتم احتجازهم في المستشفى كورقة ضغط على الأسرة، كي تنصاع وتسدد المبالغ المترتبة مُقابل أتعاب المستشفى.

عرض الناشط عبد العظيم قحطان، عبر منشور له على الفيس بوك، مأساة طفل لا يتجاوز عمره خمس سنوات، تم احتجازه بمفرده لأيام في مستشفى آزال بصنعاء، لعدم قدرة الأب على دفع تكاليف فاتورة العلاج. لا يتجاوز دخل الأب اليومي 2500 ريال يمني، وأصرّت المستشفى على احتساب كل يوم تأخير في دفع التكاليف العلاجية ضمن الفاتورة، مستفيدةً من تعرض الطفل إلى حادث سيارة، ولاذ المتهم بعده بالفرار فوراً، وترك الأب يتحمّل كلّ التكاليف والحزن دون رحمة.

من حق المواطن الحصول على الرعاية الصحية، بحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن في اليمن الرعاية الصحية لمن يملك المال والوساطة، ومن لا يدفع تكاليف العلاج يتم حجزه، فيما يكتفي المستشار القانوني لوزارة حقوق الإنسان حميد الرفيق، بالقول: “هناك إدارة الشكاوى بوزارة الصحة، فإذا لم تنصف المريض عليه الذهاب إلى دائرة الشكاوى بمكتب رئاسة الجمهورية وسوف تنصفه”.

“لا حق للمستشفيات بحجز أيّ مريض نهائيّاً، ولا يجوز إلا بحكم قضائي عبر المحكمة”، كما يفيد المحامي القانوني عبدالقادر الردعي، الذي تحدّث لـ”خيوط”، ويوافقه الرأي المحامي أنور المشرع، بالقول، يدخل الحجز ضمن جريمة (تقييد الحرية) وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات.

يضيف المشرع لـ”خيوط” بخصوص حجز/ رهن أملاك المريض: “لا يجوز بيع المرهون أو تملّكه، وإنما بيع الرهن يجب أن يتم عن طريق المحكمة من خلال تقديم دعوى تتضمن بيع “المرهون” استيفاءً لدين المريض أو الشخص الذي قدم الرهن للمرفق الطبي، فيصدر بذلك حكم من المحكمة ببيعها وتسليمها إلى المستشفى”.

ويعقب المشرع قائلاً أنه يحق للمريض أو الشخص الذي قدم الرهن المطالبة ببقية المبلغ إن زاد عن المبلغ المطلوب منه، وينطبق ذلك على المستشفى، فالأمر لا يتعلق بالربح أو التجارة.

يوضح رئيس مجلس الحكماء لنقابة ملاك صيدليات المجتمع محمد النزيلي، لـ”خيوط”، أنّ النقابة مع القانون الذي يمنع الحجز، فالصحة حق إنساني للجميع كما وضح بذلك القانون، ولا يجوز ترك معالجة شخص لجأ لمنشأة صحية ولا احتجازه وتقييد حريته، -هذه “جريمة” كما يؤكد النزيلي- مقابل أن يضمن المستشفى حقه بالحسنى.

للحدّ من انتشار هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرق المجتمع، يقترح رئيس مجلس الحكماء لنقابة ملاك صيدليات المجتمع؛ تنسيق الصحة مع النيابات واتحاد المستشفيات لضمان الحق وضمان حرية الناس.

استغلال ونهب

فقدت أم محمد ذهبها (17 غراماً)، بعدما قام زوجها ناصر سليم (اسم مستعار) من أبناء محافظة عمران (شمال اليمن)، برهنه حتى يستقبل المستشفى زوجته الحامل بالشهر الثامن التي أصيبت بتسمّم حمل، قرر الأطباء بمستشفى زايد بصنعاء، إجراء عملية ولادة عاجلة بقيمة مليون ريال، إضافة إلى قيمة العلاجات والمبيت والحضانة لطفلته، ليضطر ناصر سليم لرهن ذهب زوجته وجنبيته (خنجره) حتى سداد المبلغ المطلوب.

يقول ناصر، لـ”خيوط”: “ما أن شاهدت زوجتي مغمى عليها في المنزل، حتى هرعت بها للمستشفى كالمجنون، ولم أفكر إلّا في سلامتها وسلامة الطفل، قدت السيارة لأقرب مستشفى لديّ حتى وصلت للطوارئ، ولم يكن بحوزتي سوى 150 ألف ريال يمني”.

رفض المستشفى إجراء العملية الجراحية لأم محمد حتى اكتمال المبلغ؛ الأمر الذي دفع هذا ناصر سليم- بحسب حديثه- إلى تقديم رهن عبارة عن “جنبيته” التي كان يرتديها، لكنهم لم يكتفوا بها، يقول: “قمت بالاتصال بأحد الأقارب (شقيق زوجتي) لكي يُحضر الذهب الخاص بزوجتي، ويأتي  على وجه السرعة إلى المستشفى كي يبدأ الأطباء بإجراء العملية”.

بعد نجاح العملية القيصرية، احتاجت طفلته المولودة، للحضانة كونها ولدت بالشهر الثامن، بينما احتاجت أمّها للمبيت والبقاء في المستشفى، ما تسبّب في تراكم الحساب (التكاليف المالية) عليه، والذي وصل إلى نحو مليوني ريال يمني.

اضطرّ ناصر سليم، وفق حديثه، إلى بيع قطعة أرض كان يملكها في منطقته الريفية لسداد فاتورة المستشفى، واسترداد ما كان رهنه، والذي يقدره بحوالي مليون و800 ألف ريال، إضافة إلى ذهب زوجته الذي يصل ثمنه إلى ما يقارب 900 ألف ريال.

يضيف: “فوجئت بالمماطلة والتهرب عندما طالبتهم باسترداد الرهونات، فيوم يخبروني أن مسؤول الحسابات مسافر، ويوم آخر يخبروني أنّهم يحتاجون لمراجعة الإدارة حتى مضى على الأمر فترة، لأتفاجأ بفاتورة من قبلهم تحتوي على كشف حساب يتجاوز 4 ملايين ريال يمني، بحجة إجراء عملية أخرى لزوجتي بجانب الولادة القيصرية، ورسوم تأخير السداد حتى تيقنت أنّ الأمر (مؤامرة) لأخذ الرهن”.

يتابع: “نصحني أحد الأصدقاء بتقديم شكوى ورفع قضية، إلّا أنني تراجعت، فأنا أعلم أنني سأخسر أضعاف المبلغ لأسترد حقي، وبقيت أدعو أنا وزوجتي أن ينتقم الله منهم، كما استغلوا خوفنا وهلعنا لأننا كنا نحتاج إلى العلاج”. 

يقول لؤي العز عزي، ناشط حقوقي، لـ”خيوط”، أنّ تعنت المستشفيات استغلال بشع وأمر غير إنساني، يعزز ذلك غياب القوانين الرادعة، ما جعل الظاهرة تمتد أيضاً للمشافي الحكومية، فالمستشفيات الخاصة لا يسمح لها “جشعها” بالتعامل الإنساني كمؤسسة طبية. ويضيف “يعتبر الأمر بمثابة كارثة حينما يمتنع المستشفى عن استقبال المرضى إلّا برهن أو مبلغ مالي، وغالباً ما يتوفى هؤلاء، ولا تتم مساءلة المستشفيات”.

يؤكد اتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة، عدم وجود أي حالات احتجاز بالمفهوم القانوني لأي مرضى في المستشفيات الخاصة، بخلاف ما يشاع، فهي لا تمتلك أي مواقع أو أماكن لإبقاء المريض فيها بوضع المحتجز.

حول موضوع الحجز وعدم استقبال الحالات الفقيرة، يقول محمد الكردي، وهو مدير البحث الجنائي في أحد أقسام الشرطة في صنعاء، لـ”خيوط”، إنّ المستشفيات في اليمن أصبحت عبارة عن أعمال تجارية بحتة، من أجل الحصول على المال، وليست خدمية للمرضى سواء أكانت حكومية أو خاصة.

ويرجع سبب ذلك إلى عدم وجود ضمان لتأمين تكاليف المستشفى، لافتاً إلى أنّ استثمارات المستشفيات والمدارس الخاصة عززت عدم المساواة الخدمية للجميع، حيث تبحث دائماً عن جيوب المواطنين بدرجة رئيسية.

المال مقابل الموت

توفيت أم عبدالغني بعد إسعافها إلى مستشفى الثورة في العاصمة صنعاء نتيجة بعض المضاعفات، يقول ابنها عبدالغني: “تم إسعاف أمي بعد صلاة الظهر إلى مستشفى الثورة، وعندما وصلنا لم نكن نملك تكاليف العملية (مليون و600 ألف ريال يمني)، تدبرنا جزءاً من المبلغ، إلّا أنّهم رفضوا وأصرّوا على دفع المبلغ كاملاً أو وضع رهن يساوي المبلغ، بعدها ذهبنا إلى أحد الجيران، وأعطانا سيارته لنقدمها كرهن للمستشفى”.

لم يكن ذلك كافياً، إذ يخبرنا عبد الغني كيف تم تقديم رهن آخر (ذهب) بجانب السيارة: “تم القيام بالإجراءات الخاصة بتوفير المرهونات بالرغم من عدم مراعاة حالة أمي الحرجة، وجعلوها تنتظر حتى وقت متأخر من الليل لإجراء العملية الجراحية، ما سبّب لها مضاعفات وجلطة، وتُوفيت على إثر ذلك، فيما ما زال الرهن حتى اليوم في المستشفى”.

تحت الحساب

يتحدث ماهر محمد، محاسب مالي، في مستشفى عامل في العاصمة صنعاء (نحتفظ باسم المستشفى)، عن إجراءات المستشفى في ما يخص المبالغ المالية الخاصة بتكاليف العلاجات واستقبال الحالات الطارئة، إذ يقول لـ”خيوط”، إنّ هناك مرضى يتم إسعافهم إلى المستشفى بطريقة مستعجلة، ولا يملكون مبالغة مالية كافية، وعند تسجيل المريض ودخوله غرفة المعاينة، يطلب من الأهل دفع مبلغ معين تحت الحساب حسب نوع التشخيص، وبحسب ما يقرره الطبيب.

يضيف أنّ بعض المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية، تصل تكاليف علاجهم إلى أكثر من مليون ريال في حين حالتهم المادية صعبة، وما يزال هناك وقت على خروجهم، لذلك يطلب منهم تسديد الحساب أو طرح مرهون مقابل ذلك.

فضلاً عن أنّ هناك مرهونات خاصة بالمرضى، وبعضها عبارة عن ذهب مرهون لأكثر من عام، ولم يأتِ أصحابه لدفع الحساب، ويواصل حديثه: “يرفض المستشفى استقبال الكثير ممن لا يملكون المال، وبعضهم حالته الصحية تحتاج إلى الرعاية، ولكن لا نستطيع أن نخالف تعليمات المستشفى بدفع المال أولاً (تحت الحساب)”.

يؤكّد اتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة، أنّه يعمل على تعزيز أدوار المستشفيات الخاصة وتقديم خدمات طبية متكاملة، ويمنح العضوية للمستشفيات الخاصة الحاصلة على التراخيص من الجهات المختصة، وفقاً لأحكام القانون والنظام الأساسي للاتحاد.

يشير المدير التنفيذي للاتحاد، سامي الحميدي، في تصريح لـ”خيوط”، إلى أنّ المستشفيات تقدم ما يزيد على 80 في المئة من الخدمات الطبية المقدمة للمريض، حيث تتحمل المستشفيات الخاصة كثيراً من زيادات كبيرة في نفقاتها التشغيلية في ظلّ الوضع الراهن، ومنها إيجارات المباني والأجور، وما يحصل من أزمات وقود من وقت إلى آخر، في ظلّ الانقطاع التام للتيار الكهربائي وتضاعف أسعار الأدوية والمحاليل والمستلزمات الطبية.

على رغم كل هذه الصعوبات والتحديات والتكاليف، يرى الحميدي أنّ المستشفيات لا تزال تقبل تحصيل المديونيات التي مرت عليها فترات طويلة، مضيفاً أنّ هناك حالات مرضية وصلت تكاليف علاجها إلى مبالغ كبيرة، وحصلت على خصومات مجزية وتسهيلات للسداد، ولو بإحضار ضمانات أو مرهونات، ومع ذلك ترفض الخروج حتى اللحظة على رغم عدم حاجتها للبقاء في المستشفى، نتيجة عدم إغلاق المستشفيات من قبل المستثمرين بالمقارنة مع خسائرهم الباهظة.

كما أنّ المستشفيات الخاصة، بحسب حديثه، ملتزمة بأداء واجباتها القانونية كالزكاة والضرائب وغيرها من الجبايات، إضافة إلى تقديمها للمنح العلاجية المجانية والمخفضة والمخيمات العلاجية، وتقديم خدمات إنقاذ الحياة في أقسام الطوارئ بشكل مجاني.

يؤكّد اتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة، على عدم وجود أي حالات احتجاز بالمفهوم القانوني لأي مرضى في المستشفيات الخاصة، بخلاف ما يشاع عنها، فهي لا تمتلك أيّ مواقع أو أماكن لإبقاء المريض فيها بوضع المحتجز.

ويوضح الحميدي، أنّ بعض المرضى وأهلهم يستغلون إثارة مثل تلك الأقوال المخالفة للواقع بغية التملص من دفع مستحقاتها أو ابتزازها للحصول على تخفيضات كبيرة من دون وجه حق، بل قد يصل الأمر إلى محاولة الحصول على مبالغ مالية من تلك المستشفيات. 

ويرى أنّ للمريض حقوقاً للحصول على الرعاية الطبية، يقابلها حقوق للمستشفيات والمرافق الصحية، تتمثل في تحصيل المبالغ المستحقة على الخدمة الطبية التي تقدمها للمريض.

هناك من يختلف مع هذا الأمر، كون الاستثمارات في القطاع الصحي والمرافق الطبية غرضها تجاري بحت بدون أي التزامات في تقديم خدمة طبية مناسبة، وهو ما تؤكّده نهى العريقي، استشارية طب عام، في حديثها لـ”خيوط”، إذ تشير إلى تطور أساليب جني الأموال، ولو بطرق ابتزازية والتي تتضمن الاتفاق مع الكادر الطبي لتنفيذ هذه السياسة الاستثمارية التي تتبعها، وإلزامه بطلب أموال مقابل الأدوية والفحوصات (الكشف الطبي)، التي يجريها المرضى.

يثبت ما سبق بحسب العريقي أنّ الكثير من المرافق الطبيّة والمستشفيات في اليمن لا يهمّها المريض أو ظروفه، لذا تعتمد على ممارسة هذه الآلية الخاصة باحتجاز المرضى و”المرهونات”، لضمان حقّها المالي واستخدامها كورقة ضغط على المريض وأسرته.