fbpx

“الحياة حلوة”… وثائقي عنّ غزّة وسط تباين الآراء حول “كل” ما هو فلسطينيّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يحوي فيلم “الحياة حلوة” طوفاناً من العواطف القويّة، إذ تلتقط عدسة الكاميرا الحياة، كما هي، من دون فلاتر،كما يجب أن تكون وألا تكون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحاكي فيلم محمد جبالي “الحياة حلوة”  في عنوانه رائعة فيدريكو فيلليني (la Dolce Vita-1960)، على الرغم من أنه لا يحوي الكثير من القواسم المشتركة معه، سوى بعض التفسيرات الفلسفية العميقة.

على عكس فيلم فيلليني المرتكز بشكل كبير على قدرات المخرج السينمائية الخارجة عن إطار الواقعية،يقدّم جبالي شريطاً يوثق فيه سيرته الذاتية،  بينما يحاول بطل فيلليني، مارسيلو، أن يفهم مسار ومعنى حياته كروائي طموح تخلى عن حلمه ليعمل في الصحافة الصفراء,، سيرة جبالي هي محور الوثائقي، إذ يحكي قصته الخاصة كصانع أفلام طموح يحاول البقاء على قيد الحياة على الرغم من واقعه الصعب سواء في غزة، مسقط رأسه، أو في ترومسو، بلدة صغيرة في النرويج حيث استضافه هيرمان غرو، رئيس “مهرجان الأفلام النوردية”.

فيلم “الحياة حلوة” الذي فاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان أفلام الوثائق الدولي في أمستردام (IDFA)، يحوي كل العناصر التي تليق بوثائقي مدهش، هو فيلم  خام، عميق، شخصي، يحمل رسالة مهمة. 

قوة فيلم جبالي الذي استغرقت صناعته سبع سنوات و انتهى مونتاجه قبل أسبوع فقط من العرض الأول في أمستردام،  تكمن في صدقه.

لا يحوي الفيلم كوادر هائلة بتقنيتها الفنية، ولا صوراً استثنائية، أو نصاً مذهلاً، ولكنه يحوي طوفاناً من العواطف القويّة، إذ تلتقط عدسة الكاميرا الحياة، كما هي، من دون فلاتر،كما يجب أن تكون وألا تكون.

يلتقط جبالي أدق تفاصيل حياته اليومية بينما يكافح للحصول على إقامة نظاميّة في النرويج من دون طلب اللجوء، الأمر الذي سيضطره الى التخلي عن جنسيته الفلسطينية. من خلال هذه القصة، يقدم جبالي وصفاً قوياً وعميقاً لما كانت عليه الحياة في غزة لسنوات، وصفاً لحياة كل من تركوها ولمن ظلّوا داخل أسوارها.

راودتني في أمستردام، فكرة واحدة عن  أهمية أن يرى العالم كله، ليس فقط جمهور المهرجانات، فيلم “الحياة حلوة ” لجبالي، لأنه في لحظة من اليأس والعجز التام، يقدم لنا شيئاً أكثر بكثير من مجرد الأمل. 

يأسر صوت جبالي (راوي الفيلم) المُشاهد منذ اللحظة الأولى، نبرته تحوي مزيجاً فريداً من الحزن والحذق. لغة بسيطة، شديدة الشاعرية، ترسم صوراً لـ “أحلام تُحمل” لتمر عبر “البوابة” في غزة و “المعبر  الوحيد” إلى العالم. 

يخاطب جبالي طوال الفيلم  والدته، المقيمة مع باقي العائلة إلى القطاع. المشهد الأخير الذي يصوّر لقاءهم بعد سبع سنوات من الغياب القسري، شديد التأثر، هي واحدة من  تلك اللحظات التي ينتصر فيها عناق بسيط وصرف في وثائقي على أي عمل مُتخيّل متقن.

 يبدأ الفيلم في يوم مثلج في النرويج، حيث يحاول جبالي إدارة تحركاته على الزلاجات النوردية المصنوعة يدوياً، ما يخلق إحساساً ليس فقط بالانتماء بل أيضاً بالتأقلم مع الطقس البارد، وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء مشاكل الصحة النفسية التي يعاني منها المهاجرون مثل جبالي، الذين يأتون من بلدان دافئة.

على رغم البرد والقلق بخصوص الأوراق الرسمية، يظهر جبالي وهو يضحك متفائلاً وسط وجوه ودودة، الواضح أن برودة الطقس، مهما كانت شديدة، تبقى معنويات جبالي مرتفعة بوجود رفقة لطيفة.

الدفء الذي ينبعث من العائلة التي تستضيف جبالي لا يستمر طويلاً، إذ يقاطَع بشكل عنيف بسبب  التحديات القانونية من الدولة النرويجية، التي ترفض تجديد تأشيرته أو منحه اقامة من دون التخلي عن الجنسية الفلسطينية.  ناهيك بإغلاق معبر رفح الذي يعيق عودته إلى غزة.

 يسجّل جبالي الدوامة التي “علق” فيها وهو يخوض معركة قانونية للحصول على حق الإقامة في النرويج، بينما ينتقل من مهرجان أوروبي إلى آخر ليعرض واحداً من أفلامه السابقة “سيارة الإسعاف”،  وثائقي فاز بجوائز عدة، يصّور فيه جبالي الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2014، حيث رافق فرق الإنقاذ الطبيّة في أرجاء خطيرة من المدينة.

العلاقة بين الفيلم والوضع الحالي مذهلة، ما منحه الكثير من عناصر القوة.  ساعات قليلة تفصل  بين عرض “الحياة حلوة” في أمستردام وقصف مستشفى الشفاء في غزة، تذكير آخر بأن ما يحدث في غزة حالياً قد يكون استثنائياً في مدى نطاقه ولكن ليس في إمكان حدوثه.

امتلأت المقاعد في عرض الفيلم للمرة الأولى، واستمر التصفيق بعدها لدقائق. تحدث جبالي قليلاً عن الألم ثم صمت. كنت، مثل معظم الحاضرين، بلا كلمات، وقفت في طابور مع الآخرين، عانقته، قلت شكراً وغادرت.

الجدل في IDFA

اختيار فيلم جبالي لجائزة أفضل مخرج شأن مهم ولافت للانتباه، بخاصة بعد الجدل الذي حصل في اليوم الأول للمهرجان، فخلال حفل الافتتاح وبينما كان المدير الفني للمهرجان عروة نيربيّة، يلقي خطابه، اعتلى ناشطون خشبة المسرح وهم يحملون لافتة كتب عليها بالخط العريض شعار “من النهر  إلى البحر، فلسطين حرة”.

انتقدت شخصيات بارزة من السينما الإسرائيلية المهرجان، وأعربت عن “أقصى درجات الاستياء وخيبة الأمل والقلق” بسبب سماح المهرجان بالاحتفال  بما اعتبروه شعاراً معادياً للسامية. أصدرت إدارة IDFA بياناً بعدها، قال فيه نيربية إنه صفّق “ترحيباً بحرية التعبير لا بالشعار”، واصفاً الشعار نفسه بـ” المؤذي”، مضيفاً أن “هذا الشعار لا يمثلنا، ولا ندعمه بأي شكل من الأشكال، ونعتذر لكونه آذى الكثيرين”. لهجة البيان دفعت بعض المشاركين الفلسطينيين في المهرجان إلى سحب أفلامهم، وانطلقت حملة تتّهم المهرجان بـ”المساهمة في البروباغندا التي تُستخدم لنزع الشرعيّة عن النضال الفلسطيني للتحرر من الاحتلال منذ 75 عاماً”. 

وفقاً لمهند صلاحات، مدير معهد السينما الفلسطيني، أصدر المعهد بياناً، اعتراضاً على موقف IDFA، ولكن كان لدى الأفلام المشاركة الخيار بين البقاء أو الانسحاب. لاحقاً، أصدر المهرجان بياناً ثانياً يدعو إلى “وقف إطلاق النار الفوري، وإدخال المساعدات الإنسانيّة…” من أجل إحلال السلام.

فاتتني الجلسة الافتتاحية ولكني كنت هناك في الأيام التالية وسمعت الكثير عما حدث يوم وصولي، وقبل سماع التفاصيل، لم أستغرب  رؤية المحتجين يتجولون داخل المسرح الدولي في أمستردام ويهتفون لوقف إطلاق النار في غزة.

هذا مهرجان وثائقي في النهاية، ولم أتوقع أن يكون هناك جدل حول دعوات لوقف إطلاق النار. في أنحاء أمستردام، الملصقات في الشوارع التي تقول “حتى الحروب لديها قواعد” رسخت انطباعاتي الأولى،  لكن ذلك لم يستمر طويلاً وتم إبلاغي بأنه يجب ألا يُفترض أن التسليم بأي شيء على أنه بديهية، وقف إطلاق النار مثلاً!.

تحليل ما يحدث في المشهد الثقافي والفني حول العالم حوار يحتاج بلا شك الى أن يخاض، وأنا، مثل الكثيرين، أعتقد أن هناك حاجة حقيقية إلى محادثات عميقة وصادقة، يتم خلالها طرح الأسئلة الصعبة والتعامل معها.

ولكن لا يمكن فتح مثل هذه النقاشات بينما يُقتل الأبرياء في غزة، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية. 

أما وجود بعض المشاركين في مهرجان أفلام وثائقية ممن يقفون ضد نداءات وقف إطلاق النار، ويجدون الجرأة في الإعلان عن استيائهم واستفزازهم من شعارات وكلمات – بغض النظر عن أي جدل أو تفسيرات – محميّ بموجب قوانين حرية التعبير من المحاكم الأوروبية، فهو، بالنسبة إلي، واقع مدهش ومدمر. 

وهذا الأمر أيضاً يجب أن يكون في صميم النقاشات التي يجب أن نجريها.

راودتني في أمستردام، فكرة واحدة عن  أهمية أن يرى العالم كله، ليس فقط جمهور المهرجانات، فيلم “الحياة حلوة ” لجبالي، لأنه في لحظة من اليأس والعجز التام، يقدم لنا شيئاً أكثر بكثير من مجرد الأمل. 

قد يكون فيلليني صنع عملاً سنمائياً متخيلاً خالداً، إلا أن وثائقي جبالي أحضر الحقيقة إلى العالم.

ترجمة - هآرتس | 25.05.2024

الجيش الإسرائيلي يبتزّ الغزيين…تعاون معنا أو نتهمك بالتجسس على جيرانك لصالح “حماس”!

بدأ الجيش الإسرائيلي بنشر تفاصيل تعريفية عن سكان غزة، الذين يدّعي أنهم تجسسوا على مدنيين لصالح جهاز الأمن العام التابع لـ"حماس"؛ وحسب صحيفة هآرتس، حصل الجيش الإسرائيلي على إذن قانوني لممارسة عملية الابتزاز هذه.
18.11.2023
زمن القراءة: 5 minutes

يحوي فيلم “الحياة حلوة” طوفاناً من العواطف القويّة، إذ تلتقط عدسة الكاميرا الحياة، كما هي، من دون فلاتر،كما يجب أن تكون وألا تكون.

يحاكي فيلم محمد جبالي “الحياة حلوة”  في عنوانه رائعة فيدريكو فيلليني (la Dolce Vita-1960)، على الرغم من أنه لا يحوي الكثير من القواسم المشتركة معه، سوى بعض التفسيرات الفلسفية العميقة.

على عكس فيلم فيلليني المرتكز بشكل كبير على قدرات المخرج السينمائية الخارجة عن إطار الواقعية،يقدّم جبالي شريطاً يوثق فيه سيرته الذاتية،  بينما يحاول بطل فيلليني، مارسيلو، أن يفهم مسار ومعنى حياته كروائي طموح تخلى عن حلمه ليعمل في الصحافة الصفراء,، سيرة جبالي هي محور الوثائقي، إذ يحكي قصته الخاصة كصانع أفلام طموح يحاول البقاء على قيد الحياة على الرغم من واقعه الصعب سواء في غزة، مسقط رأسه، أو في ترومسو، بلدة صغيرة في النرويج حيث استضافه هيرمان غرو، رئيس “مهرجان الأفلام النوردية”.

فيلم “الحياة حلوة” الذي فاز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان أفلام الوثائق الدولي في أمستردام (IDFA)، يحوي كل العناصر التي تليق بوثائقي مدهش، هو فيلم  خام، عميق، شخصي، يحمل رسالة مهمة. 

قوة فيلم جبالي الذي استغرقت صناعته سبع سنوات و انتهى مونتاجه قبل أسبوع فقط من العرض الأول في أمستردام،  تكمن في صدقه.

لا يحوي الفيلم كوادر هائلة بتقنيتها الفنية، ولا صوراً استثنائية، أو نصاً مذهلاً، ولكنه يحوي طوفاناً من العواطف القويّة، إذ تلتقط عدسة الكاميرا الحياة، كما هي، من دون فلاتر،كما يجب أن تكون وألا تكون.

يلتقط جبالي أدق تفاصيل حياته اليومية بينما يكافح للحصول على إقامة نظاميّة في النرويج من دون طلب اللجوء، الأمر الذي سيضطره الى التخلي عن جنسيته الفلسطينية. من خلال هذه القصة، يقدم جبالي وصفاً قوياً وعميقاً لما كانت عليه الحياة في غزة لسنوات، وصفاً لحياة كل من تركوها ولمن ظلّوا داخل أسوارها.

راودتني في أمستردام، فكرة واحدة عن  أهمية أن يرى العالم كله، ليس فقط جمهور المهرجانات، فيلم “الحياة حلوة ” لجبالي، لأنه في لحظة من اليأس والعجز التام، يقدم لنا شيئاً أكثر بكثير من مجرد الأمل. 

يأسر صوت جبالي (راوي الفيلم) المُشاهد منذ اللحظة الأولى، نبرته تحوي مزيجاً فريداً من الحزن والحذق. لغة بسيطة، شديدة الشاعرية، ترسم صوراً لـ “أحلام تُحمل” لتمر عبر “البوابة” في غزة و “المعبر  الوحيد” إلى العالم. 

يخاطب جبالي طوال الفيلم  والدته، المقيمة مع باقي العائلة إلى القطاع. المشهد الأخير الذي يصوّر لقاءهم بعد سبع سنوات من الغياب القسري، شديد التأثر، هي واحدة من  تلك اللحظات التي ينتصر فيها عناق بسيط وصرف في وثائقي على أي عمل مُتخيّل متقن.

 يبدأ الفيلم في يوم مثلج في النرويج، حيث يحاول جبالي إدارة تحركاته على الزلاجات النوردية المصنوعة يدوياً، ما يخلق إحساساً ليس فقط بالانتماء بل أيضاً بالتأقلم مع الطقس البارد، وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء مشاكل الصحة النفسية التي يعاني منها المهاجرون مثل جبالي، الذين يأتون من بلدان دافئة.

على رغم البرد والقلق بخصوص الأوراق الرسمية، يظهر جبالي وهو يضحك متفائلاً وسط وجوه ودودة، الواضح أن برودة الطقس، مهما كانت شديدة، تبقى معنويات جبالي مرتفعة بوجود رفقة لطيفة.

الدفء الذي ينبعث من العائلة التي تستضيف جبالي لا يستمر طويلاً، إذ يقاطَع بشكل عنيف بسبب  التحديات القانونية من الدولة النرويجية، التي ترفض تجديد تأشيرته أو منحه اقامة من دون التخلي عن الجنسية الفلسطينية.  ناهيك بإغلاق معبر رفح الذي يعيق عودته إلى غزة.

 يسجّل جبالي الدوامة التي “علق” فيها وهو يخوض معركة قانونية للحصول على حق الإقامة في النرويج، بينما ينتقل من مهرجان أوروبي إلى آخر ليعرض واحداً من أفلامه السابقة “سيارة الإسعاف”،  وثائقي فاز بجوائز عدة، يصّور فيه جبالي الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2014، حيث رافق فرق الإنقاذ الطبيّة في أرجاء خطيرة من المدينة.

العلاقة بين الفيلم والوضع الحالي مذهلة، ما منحه الكثير من عناصر القوة.  ساعات قليلة تفصل  بين عرض “الحياة حلوة” في أمستردام وقصف مستشفى الشفاء في غزة، تذكير آخر بأن ما يحدث في غزة حالياً قد يكون استثنائياً في مدى نطاقه ولكن ليس في إمكان حدوثه.

امتلأت المقاعد في عرض الفيلم للمرة الأولى، واستمر التصفيق بعدها لدقائق. تحدث جبالي قليلاً عن الألم ثم صمت. كنت، مثل معظم الحاضرين، بلا كلمات، وقفت في طابور مع الآخرين، عانقته، قلت شكراً وغادرت.

الجدل في IDFA

اختيار فيلم جبالي لجائزة أفضل مخرج شأن مهم ولافت للانتباه، بخاصة بعد الجدل الذي حصل في اليوم الأول للمهرجان، فخلال حفل الافتتاح وبينما كان المدير الفني للمهرجان عروة نيربيّة، يلقي خطابه، اعتلى ناشطون خشبة المسرح وهم يحملون لافتة كتب عليها بالخط العريض شعار “من النهر  إلى البحر، فلسطين حرة”.

انتقدت شخصيات بارزة من السينما الإسرائيلية المهرجان، وأعربت عن “أقصى درجات الاستياء وخيبة الأمل والقلق” بسبب سماح المهرجان بالاحتفال  بما اعتبروه شعاراً معادياً للسامية. أصدرت إدارة IDFA بياناً بعدها، قال فيه نيربية إنه صفّق “ترحيباً بحرية التعبير لا بالشعار”، واصفاً الشعار نفسه بـ” المؤذي”، مضيفاً أن “هذا الشعار لا يمثلنا، ولا ندعمه بأي شكل من الأشكال، ونعتذر لكونه آذى الكثيرين”. لهجة البيان دفعت بعض المشاركين الفلسطينيين في المهرجان إلى سحب أفلامهم، وانطلقت حملة تتّهم المهرجان بـ”المساهمة في البروباغندا التي تُستخدم لنزع الشرعيّة عن النضال الفلسطيني للتحرر من الاحتلال منذ 75 عاماً”. 

وفقاً لمهند صلاحات، مدير معهد السينما الفلسطيني، أصدر المعهد بياناً، اعتراضاً على موقف IDFA، ولكن كان لدى الأفلام المشاركة الخيار بين البقاء أو الانسحاب. لاحقاً، أصدر المهرجان بياناً ثانياً يدعو إلى “وقف إطلاق النار الفوري، وإدخال المساعدات الإنسانيّة…” من أجل إحلال السلام.

فاتتني الجلسة الافتتاحية ولكني كنت هناك في الأيام التالية وسمعت الكثير عما حدث يوم وصولي، وقبل سماع التفاصيل، لم أستغرب  رؤية المحتجين يتجولون داخل المسرح الدولي في أمستردام ويهتفون لوقف إطلاق النار في غزة.

هذا مهرجان وثائقي في النهاية، ولم أتوقع أن يكون هناك جدل حول دعوات لوقف إطلاق النار. في أنحاء أمستردام، الملصقات في الشوارع التي تقول “حتى الحروب لديها قواعد” رسخت انطباعاتي الأولى،  لكن ذلك لم يستمر طويلاً وتم إبلاغي بأنه يجب ألا يُفترض أن التسليم بأي شيء على أنه بديهية، وقف إطلاق النار مثلاً!.

تحليل ما يحدث في المشهد الثقافي والفني حول العالم حوار يحتاج بلا شك الى أن يخاض، وأنا، مثل الكثيرين، أعتقد أن هناك حاجة حقيقية إلى محادثات عميقة وصادقة، يتم خلالها طرح الأسئلة الصعبة والتعامل معها.

ولكن لا يمكن فتح مثل هذه النقاشات بينما يُقتل الأبرياء في غزة، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية. 

أما وجود بعض المشاركين في مهرجان أفلام وثائقية ممن يقفون ضد نداءات وقف إطلاق النار، ويجدون الجرأة في الإعلان عن استيائهم واستفزازهم من شعارات وكلمات – بغض النظر عن أي جدل أو تفسيرات – محميّ بموجب قوانين حرية التعبير من المحاكم الأوروبية، فهو، بالنسبة إلي، واقع مدهش ومدمر. 

وهذا الأمر أيضاً يجب أن يكون في صميم النقاشات التي يجب أن نجريها.

راودتني في أمستردام، فكرة واحدة عن  أهمية أن يرى العالم كله، ليس فقط جمهور المهرجانات، فيلم “الحياة حلوة ” لجبالي، لأنه في لحظة من اليأس والعجز التام، يقدم لنا شيئاً أكثر بكثير من مجرد الأمل. 

قد يكون فيلليني صنع عملاً سنمائياً متخيلاً خالداً، إلا أن وثائقي جبالي أحضر الحقيقة إلى العالم.

18.11.2023
زمن القراءة: 5 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية