fbpx

التجنيد الالزامي في العراق: مناورة انتخابية أم محاولة تضييق على الحشد الشعبي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعاني الشباب العراقي من مستويات علمية متدنية وهذا ينعكس سلبا على واقع الجيش العراقي. فهل كان الأولى بالحكومة، تطبيق قانون التعليم الالزامي بشكل اكثر صرامة للقضاء على مستوى الامية بدل محاولة عسكرة المجتمع المدني؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يأمل ناصر شمخي، وهو رجل عراقي خمسيني، ان يتم إقرار قانون خدمة التجنيد الالزامي من قبل البرلمان بعد اقتراحه من مجلس الوزراء، لأن تطبيقه يعطي ولديه فرصة عمل بعدما تخرجا من الجامعة ويعانيان من البطالة كما معظم الشباب العراقي. كثيرون، مثل ناصر، يجدون في إقرار هذا القانون فرصة لدمج الشباب العاطل من العمل في خدمة وطنهم، ونيل فرص عمل لفترات محددة وبرواتب مقبولة في المقابل.  

قانون التجنيد الالزامي او ما يسمى خدمة العلم كان معمولا به قبل عام 2003 وتم الغاؤه من قبل الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمي ليتوقف العمل به منذ 18 عاما. أقر مجلس الوزراء العراقي في 31/8/2021 قانون الخدمة الالزامية في الجيش ورأى فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تكريساً للقيم الوطنية لدى الأبناء. كما جرى تدقيقه من قبل مجلس شورى الدولة، بحسب الناطق باسم الامانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، وأحيل إلى مجلس النواب تمهيدا لمناقشته والتصويت عليه.

تتراوح فترة الخدمة الالزامية، وفقا للقانون الجديد بحسب النائب في البرلمان العراقي عباس صروط، بين سنة واحدة لمن يمتلك ادنى شهادة اكاديمية وهي الاعدادية، لتتقلص الخدمة لأشهر قليلة لحملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وتصل إلى سنتين لمن لا يحملون أي شهادات. فيما كانت فترات الخدمة، في القانون السابق قبل عام 2003 تصل الى ثلاث سنوات لمن لا يحمل الشهادة وسنة ونصف لحملة البكالوريوس. 

اللواء تحسين الخفاجي، الناطق الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة في بغداد، يجد ان القانون قادر على ادخال دماء جديدة وشابة إلى الوزارات الأمنية ويرفع من قدرة القوات الأمنية وان الإمكانيات متوفرة لدى وزارتي الداخلية والدفاع لتنفيذ هذا القرار.

إقرأوا أيضاً:

الجندي العراقي كانت يتقاضى سابقا وفقا لقانون الخدمة الالزامية ما مقداره 3 الى 4 دولارات شهرياً، لذا كانت الخدمة الالزامية قاسية وكان الجنود يعانون للوصول إلى وحداتهم، اذ لا يكفيهم البدل المالي لسداد كلفة المواصلات، اما القانون الجديد فسيضمن راتباً شهرياً يتراوح بين 400 و 600 دولار امريكي.

سيكون للقانون الجديد دور بارز في ملأ الفراغ الذي تعاني منه القوات المسلحة الرسمية، بحسب عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية كاطع الركابي، نتيجة خروج العديد من الجنود إلى التقاعد، وارتفاع معدلات أعمار البقية، لكن الركابي يستبعد ان يتم اقراره في الفترة القريبة تحت قبة البرلمان.

المستشار السابق لوزارة الدفاع العراقية معن الجبوري يرى ان لإقرار القانون دور مهم في بناء الوحدة الوطنية فهو لا يتعامل على اساس المناطقية او الطائفية، لذا قد يجد اعتراضا من قبل بعض البرلمانيين الطائفييين او ممن لديهم ولاءات خارجية.

ولا يستبعد الباحث صلاح الموسوي ان تكون احدى اهداف القانون هي محاولة لتحجيم قوات الحشد الشعبي، التي تبلغ 170 الف عنصر، وبالتالي هيكلتها او العمل على دمجها بالجيش مع وجود قوة عسكرية خاضعة لسلطة القائد العام للقوات المسلحة ومدربة وفق القوانين العسكرية العالمية ولا سلطة للدين او الطائفة فيها، سيما بعد ما شهده العراق من ممارسات اجرامية للمليشيات المسلحة التي قامت بقتل المتظاهرين والنشطاء خلال احتجاجات تشرين والعمل على استهداف منازلهم بالعبوات الناسفة. لذا من المتوقع ان يواجه هذا القانون، بحسب الموسوي، اعتراضات من الكثير من قيادات الحشد ولكن بشكل مبطن. وعلى الرغم من الترحيب العلني من اغلب السياسيين الا انهم فعلياً لا يحبّذون اقرار القانون، “فهم يمتلكون الان السيطرة التامة على قوات الحشد فضلا عن تحكمهم ببعض القيادات العسكرية في الجيش والداخلية”.

القضاء على المظاهر المسلحة هي الخطوة التي يجب ان تسبق اقرار قانون خدمة العلم وفقا لرؤية الباحث السياسي عثمان الموصلي، اذ “يحتمل ان يتم استغلاله من بعض الجماعات المتحزبة والمسلحة لمصالحها الخاصة ويمكن ان تدفع ببعض افرادها للتطوع داخل هذه القوة العسكرية الجديدة”، كما ان سيطرة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي على اغلب القيادات العسكرية سيدفع بالعديد من البرلمانيين المتحزبين الى عدم امرار القانون لكي لا يزيدوا من نفوذ الكاظمي.

ولم يستبعد باحثون في المجال الاقتصادي ان يفتح تطبيق القانون باباً جديداً للفساد المالي اذ بلغت موازنة القوات المسلحة لعام 2021 من ضمنها الجيش والداخلية اكثر من 18 مليار دولار لذا يتطلب الامر موازنة جديدة واليات اضافية لضبط الانفاق والتأكد من ان الأموال المخصصة لهذا القانون ستصرف بالشكل المناسب.

ويشكّل إقرار القانون، بالنسبة إلأى الاستاذة في المجال الاقتصادي سلام سميسم، خطوة غير مجدية اقتصادياً، وتصفها بـ”الهروب الى الامام بدل البحث عن حلول معقولة اذ ستعمل الدولة على دفع رواتب من دون انتاج مادي وهذه تكلفة اضافية تزيد من عجز الموازنة وزيادة فجوة الموارد مقابل قلة المعروض السلعي” وهذا الامر “سيزيد من التضخم والتشوه الهيكلي”.

في المقابل يجد الكاتب احمد الحداد في اقرار القانون محاولة لانتشال الشباب من معاناتهم وتشرذمهم وتسكعهم في المقاهي، و”سيمنحهم القوة والثقة”، ولكن يخشى الحداد ان يكون اقراره مدخلاً لزيادة أعداد “الفضائيين” وهو مصطلح اوجده رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي لآلاف المنتسبين الامنيين الوهميين الموجودين على قوائم الرواتب، من دون اي وجود فعلي لهم في الخدمة. كما يمكن ان تعقد اتفاقات بين بعض المنتسبين وبعض الضباط لمنحهم جزءً من الراتب الشهري على ان لا يلتحقون بوحداتهم العسكرية، وهذا بابا جديد للفساد المالي وخرق أمنى يهدد البلد وكان هذا احد أسباب انهيار الجيش العراقي عام 2014 عند دخول تنظيم داعش.

وفي وقت استشعر مواطنون اهتمامات إنتخابية من طرح القانون على ابواب الانتخابات، لم يبد مراقبون في المجال الاجتماعي ترحيبا بهذا القرار، اذ يرون انه متسرع وغير قائم على دراسات واقعية للمجتمع العراقي، اذ يعاني اغلب الشباب العراقي من مستويات علمية متدنية وهذا ينعكس سلبا على واقع الجيش العراقي، وكان الأولى بالحكومة، بحسب هؤلاء المراقبين، تطبيق قانون التعليم الالزامي بشكل اكثر صرامة للقضاء على مستوى الامية التي يعاني منها الشعب العراقي، والتي بلغت في العام 2019 نسبة 13%، بدل محاولة “عسكرة المجتمع المدني”.

إقرأوا أيضاً: