fbpx

إنجاز للصحافة الاستقصائية
: NSO الإسرائيليّة على القائمة السوداء الأميركية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليست المرّة الأولى التي تثبت تحقيقات محليّة في الدول حقيقة الانتهاكات التي ارتُكبت باستخدام تقنيّة “بيغاسوس”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


تحتفل الصحافة العالميّة اليوم بأحد أكبر إنجازاتها، فبعد أشهر من الجهد والعمل على مشروع تسريبات “بيغاسوس”، وبعد نحو أربعة أشهر من نشر هذه التحقيقات في تمّوز/ يوليو 2021، والتي كان “درج” شريكاً فيها، أصدر مكتب الصناعة والأمن (BIS) التابع لوزارة التجارة الأميركية قراراً صادماً بإضافة أربع شركات أجنبية إلى “قائمة الكيانات” المشاركة في “أنشطة إلكترونيّة خبيثة”، تتعارض مع مصالح الأمن القومي أو السياسة الخارجية للولايات المتحدة. الكيانات الأربعة موجودة في إسرائيل وروسيا وسنغافورة. ومن أبرز هذه الشركات مجموعة NSO الرقميّة الإسرائيليّة المنتجة لتقنية “بيغاسوس” التجسّسيّة التي كشف مشروع صحافي عالميّ كيف تستخدم السلطات القمعيّة هذا البرنامج لاستهداف هواتف الصحافيين والنشطاء والمعارضين والديبلوماسيين في محاولة لقمعهم وإسكات أي صوت معارض. 

يسلّط هذا الإنجاز الضوء على أهميّة العمل الصحافي الجامع والتعاون العابر للحدود، فقد جاء القرار الأميركي بعد نحو أربعة أشهر من نشر التحقيقات في سياق مشروع “بيغاسوس” الاستقصائي، والذي كان موقع “درج” الشريك العربي الوحيد فيه إضافة إلى 16 مؤسسة إعلاميّة أخرى في 10 دول حول العالم، قامت بتنسيقه منظّمة Forbidden Stories، بمساعدة تقنيّة من Amnesty International’s Security Lab. 

تمت إضافة كلّ من مجموعة NSO وCandiru الإسرائيليّتين إلى “قائمة الكيانات” بناءً على أدلّة تشير إلى أنّ هذه الكيانات طوّرت برامج تجسس وباعته إلى حكومات أجنبية استخدمتها لاستهداف مسؤولين حكوميين وصحافيين ورجال أعمال ونشطاء وأكاديميين وعاملين في السفارات، علماً أنّ هذه إحدى المرّات الأولى التي تفرض فيها الحكومة الأميركية عقوبة بناءً على قضايا مراقبة أو تجسّس إلكتروني، وإحدى المرّات القليلة التي تستهدف فيها الحكومة الأميركيّة شركات في دول حليفة كإسرائيل.

وهذا ما يؤكّد ما كشفته تحقيقات “بيغاسوس” الصحافيّة العالميّة وتؤكّد مرّة جديدة أهميّة دور الجهد الصحافي الاستقصائي في كشف الانتهاكات ضدّ حقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير والمساهمة في الحدّ من هذه الارتكابات ومواجهة محاولات القمع والابتزاز الذي يمارس بحقّ الصحافيين. 

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي تثبت تحقيقات محليّة في الدول حقيقة الانتهاكات التي ارتُكبت باستخدام تقنيّة “بيغاسوس”، فعقب نشر التحقيقات الصحفية، كشف تحقيق فرنسي خرق هواتف خمس وزراء فرنسيين بتقنية “بيغاسوس” وكشفت محكمة بريطانيّة الشهر الماضي كان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كان بالفعل يستخدم تقنيّة “بيغاسوس” التجسّسيّة التابعة لشركة NSO الإسرائيليّة، لاختراق هاتف الأميرة “هيا” وخمسة من المرتبطين بها.

“تلتزم الولايات المتحدة باستخدام ضوابط تصدير حاسمة لمحاسبة الشركات التي تطور التقنيّات أو تستخدمها للقيام بأنشطة ضارة تهدد الأمن السيبراني لأعضاء المجتمع المدني، المنشقين والمسؤولين الحكوميين والمنظمات هنا وفي الخارج”.

وأشار بيان المكتب الصادر في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 أنّ تقنيّات هذه الشركات التجسّسية مكّنت بعض الحكومات الأجنبية، تحديداً الاستبداديّة منها، من ممارسة القمع العابر للحدود لاستهداف المعارضين والصحافيين والنشطاء خارج حدودها. “إن مثل هذه الممارسات تهدّد النظام الدولي القائم على القواعد”، وفقاً للبيان.

وأصدرت وزيرة التجارة الأميركية جينا إم ريموندو البيان التالي: “تلتزم الولايات المتحدة باستخدام ضوابط تصدير حاسمة لمحاسبة الشركات التي تطور التقنيّات أو تستخدمها للقيام بأنشطة ضارة تهدد الأمن السيبراني لأعضاء المجتمع المدني، المنشقين والمسؤولين الحكوميين والمنظمات هنا وفي الخارج”.

ومن الجدير ذكره أنّ هذه القائمة السوداء، التي تعرف بقائمة الكيانات (entity list)، هي أداة يستخدمها مكتب الصناعة والأمن (BIS) التابع لوزارة التجارة الأميركية لتقييد تصدير وإعادة تصدير ونقل المواد أو البرامج الموضوعة على القائمة، إذ إنّها تقوم بأنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة. 

وبحسب البيان، يعدّ هذا القرار جزءاً من جهود إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وذلك “من خلال العمل على وقف انتشار الأدوات الرقمية المستخدمة في القمع. يهدف هذا الجهد إلى تحسين الأمن الرقمي للمواطنين، ومكافحة التهديدات السيبرانية، وتخفيف المراقبة غير القانونية”. 

ولا بدّ هنا من التذكير بأنّ منظّمة Forbidden Stories التي قادت مشروع “بيغاسوس” فازت في 14 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021 بجائزة “دافني كاروانا غاليزيا للصحافة” 2021. وكشف المشروع الذي شارك فيه أكثر من 80 صحافيّاً استخدام أنظمة وحكومات عدّة حول العالم برنامج “بيغاسوس” التجسّسي الذي تنتجه شركة NSO الإسرائيليّة، ضدّ ما لا يقل عن 50 ألف شخص حول العالم. وأظهرت البيانات المسربة أنّ حوالى 200 صحافيّ، إضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء دينيين وسياسيين وعسكريين، استُهدفوا في دول عدّة من بينها لبنان والعراق والهند والمكسيك والمجر والمغرب والمملكة العربية السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة وغيرها.

ولا شكّ في أنّ هذا القرار سيشكّل تهديداً لعمل الشركة ومستقبلها. فبدايةً ستُمنع الشركة من استخدام التقنيات الأميركية (البرامج أو الأجهزة). وعلى رغم أنّنا لا نعلم حجم استخدام الشركة الإسرائيليّة للتكنولوجيا الأميركيّة، ولكن هذا بالطبع سيؤثّر في استخدام الشركة تقنيات وتكنولوجيا من Microsoft وAmazon، خصوصاً أنّ التحقيقات الصحافية كشفت استخدام مجموعة NSO برمجيّات من Amazon. ولكن القرار هو أكبر من المنع، فهو إنذار كبير لكل من يتعامل مع الشركة، وسيكون له تأثير سلبي مباشر في سمعتها. إضافة إلى أن هذا القرار سيعيق محاولات الشركة المتكرّرة لإعادة تأهيل صورتها على أنّها تستخدم تقنيّاتها لملاحقة أفراد مرتبطين بجهات متطرّفة عنيفة أو تلك التي تشكّل خطراً على الأمن القومي. 

واستنكرت شركة NSO القرار “نظراً لأن تقنياتنا تدعم مصالح وسياسات الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال منع الإرهاب والجريمة، وبالتالي فإننا ندعو إلى عكس هذا القرار”.

إقرأوا أيضاً: