fbpx

أحزاب متطرفة ونفوذ سياسي يحول الجامعات الفلسطينية إلى ساحات صدام عنيف 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

باتت المعادلة أكثر تعقيدا داخل الجامعات الفلسطينية، في ظل تزايد حدة المواجهة والخلافات القائمة بين المجالس الطلابية، والتي يتمحور جوهرها في إطار الخلافات الحزبية السياسية، والتي تصل إلى حد التضارب بالأيدي والاعتداءات الجسدية وصولا الى القتل.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر 2021، ضجّت الضفة الغربية بخبر مقتل طالب، بعد تعرضه للطعن خلال شجار بين الطلبة في محيط الجامعة الأمريكية في جنين. كما أصيب ثلاثة طلاب آخرين بجروح خلال الشجار. وشهدت جامعة بيرزيت توتّراً  بين المجالس الطلابية وإدارة الجامعة بعد قيام الجامعة بإخضاع منسق القطب الطلابي للتحقيق، ما دفع المجالس الطلابية التابعة للكتلة الإسلامية أو ما يسمى بـ”الإطار الطلابي التابع لحركة حماس” إلى الاعتداء على ممتلكات الجامعة وإغلاق أبوابها، مما أدى إلى إغلاق الجامعة، وتعطل المسيرة التعليمية بشكل كامل.

باتت المعادلة أكثر تعقيدا في تفسير المشهد القائم داخل الجامعات الفلسطينية، في ظل تزايد حدة المواجهة والخلافات القائمة بين المجالس الطلابية، والتي يتمحور جوهرها في إطار الخلافات الحزبية السياسية، والتي تصل إلى حد التضارب بالأيدي والاعتداءات الجسدية والتهجم على الطرف الآخر بالسلاح داخل الحرم الجامعي.

 “أحد المشكلات التي ترهق كاهلنا يتمثل في تدني مستوى وعي الطلاب وثقافاتهم، ما يجعلنا أمام حقيقة مؤلمة لصعوبة التعامل معهم عندما يتجردون من صفتهم الطلابية، ويتحوّلون إلى عناصر حزبية”.

لين وجيدان طالبة في كلية الإعلام في جامعة بيرزيت (21 عاما)، تقول إن واقع الجامعة مقلق في ظل التوتر المستمر بين المجالس الطلابية والذي أدى إلى تعطيل الدوام الجامعي مرات عدة خلال ثلاثة أعوام دراسية: “هذا جعلني أنهي دراسة ثلاثة أعوام جامعية من دون الاستفادة من أي معلومات حقيقة”. لا يقتصر الأمر على خسائر تربوية ودراسية فقط، بل “نتعرض للشتم من قبل افراد المجالس الطلابية الإسلامية لطبيعة ملابسنا لأنني من سكان الداخل المحتل، فالأمان الذي كنا نحلم به داخل الجامعة ليس متواجداً فعلا” تقول لين.

كانت لين تطمح إلى خوض تجربة الانخراط في المجالس الطلابية مع بداية مسيرتها التعليمية، ولكن الواقع الذي شهدته جعلها تغيّر نظرتها إلى أطر العمل الطلابي الفلسطيني، الذي قرأت عنه انه كان “مساحة نضال في مواجهة الاحتلال وخرج من صفوفه العديد من القادة والمفكرين والمثقفين والمناضلين.ولكن بات الأمر مختلفاً اليوم جراء غلبة الطموحات الحزبية الفردية على المصلحة العامة”. 

جميل بركات خريج كلية القانون من جامعة الأزهر ( 26 عاما)، يرى أن بعض المجالس الطلابية خرّبت الأمان الذي يفترض أن تتمتع به الصروح الجامعية، عبر “انتهاكات جسيمة بحق الطلاب والطواقم التعليمية وإدارة الجامعات من اغلاقات واعتداءات بالضرب. بركات يعتقد أن الفئوية الحزبية هي التي تهيمن اليوم على الجامعات. 

إقرأوا أيضاً:

باحات الجامعات ساحات دموية

المحاضرة الجامعية زهوة محمد، ترى إن التوترات التي تشهدها الجامعات الفلسطينية، يحضرها معهم بعض الطلاب من الخارج عبر مخزون من الأفكار الحزبية والسياسية والإجتماعية المتطرفة والتي لا تتقبل الآخر، من دون ان يحمل هذا النوع من الطلاب أي طموح أو أفكار مستقلة، “بل تمضي في التبعية الفكرية لخدمة أهواء فئوية ضيقة ويعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة وحدهم”.

وتوضح محمد “أحد المشكلات التي ترهق كاهلنا يتمثل في تدني مستوى وعي الطلاب وثقافاتهم، ما يجعلنا أمام حقيقة مؤلمة لصعوبة التعامل معهم عندما يتجردون من صفتهم الطلابية، ويتحوّلون إلى عناصر حزبية”.

الدكتور جهاد أبو طويلة محاضر جامعي في عدد من الجامعات الفلسطينية، يلاحظ أن التنافس بين المجالس الطلابية، وبدل أن يكون متركّزاً على حقوق الطلاب وتحسين ظروف التعليم وتأمين بيئة جامعية صحية يتقبل فيها الطلاب بعضهم البعض، ويعملون على منع تعطيل المسيرة التعليمية، فإنها بدلاً من كل ذلك، تتحول إلى أداة لتعطيل التعليم وتوتير الأجواء تحت مسوغات حزبية، وهو ما ينعكس سلباً على عمق المجتمع الفلسطيني، لأن الجامعة هي صورة المجتمع، والعكس صحيح.

بير زيت تشهد الصراع 

مالك عبيدات ممثل المجلس الطلابي لـ”كتلة الشهيد ياسر عرفات”، يرى أن كافة الجامعات تعمل على تهميش الحركة الطلابية بشكل متعمد، “ما يدفعنا إلى اتخاذ موقف ورد مناسب يصل إلى محاسبة كل من يحاول تهميشنا، “وذلك ما دفعنا إلى خوض إضراب مفتوح وإغلاق الجامعة بعد نشوب خلافات بين المجالس وإدارة الجامعة وصولا إلى وصف المتحدث الرسمي باسم الجامعة الطلاب بالاحتلال”

مجلس جامعة بيرزيت أعلن عودة التعليم الوجاهي منذ منتصف شباط/فبراير بعد توقيع اتفاق مع ممثلي الكتل والمجالس الطلابية أُعلن بموجبه فتح أبواب الجامعة بعد إغلاق استمر لأكثر من أربعين يوماً. تضمنت الاتفاقية ثلاثة محاور أساسية تؤكد على ضمان استمرار حرية الأنشطة الطلابية النقابية والوطنية، وانتظام العمل الأكاديمي والإداري في الجامعة، بالإضافة إلى تجنب تكرار إغلاق الجامعة والالتزام باحترام القوانين ومدونة السلوك. كما ناقش المجلس آليات تطبيق الاتفاقية. 

المجلس أثنى على جهود لجنة الحوار وباقي الجهات التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق، واستمع الى تقرير عن عملها الذي أفضى إلى اتفاق مع الطلبة ينهي إغلاقهم للجامعة. 

إقرأوا أيضاً:

الدكتور “م ا” محاضر في جامعة بيرزيت، فضّل عدم ذكر اسمه، يقول إن حقيقة ما يحدث مخجلة، مع قيام عدد قليل من الطلبة بتعطيل دروس 15 ألف طالب، لأهداف فئوية، اذ قامت المجالس الاسلامية برفع شعارات حزبية فئوية داخل الجامعة، تنطوي على رفض الآخر واقصائه، وهو ما دفع إدارة الجامعة إلى رفض الاعتداء على الحيز العام الذي يجب ان يبقى مساحة تعبير لجميع الطلبة: “قامت الكثير من الجامعات بإجراء نقاشات مع الطلبة  للاستماع إليهم وإلى آرائهم بكل حرية، بدافع العمل على خلق دائرة تكاملية بين الطلاب والمحاضرين وإدارة الجامعات ولكن ووجهت هذه المحاولات بردّات فعل عكسية من قبل مجموعة من الطلبة الفئويين”.

الدكتور عمر رحال أعدّ دراسة علمية بعنوان “الحركة الطلابية الفلسطينية إشكالية الفكرة والممارسة وجدلية السلم الأهلي”، صدرت عام 2020، وخلصت إلى أن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تسودها لغة خطاب عنيفة، متشككة، ولغة تخوين وتكفير. هذه اللغة تستخدمها الكثير من الكتل الطلابية في المواجهة فيما بينها على السيطرة على مجالس الطلاب في الجامعة، وهذا الأمر يعكس عمق الأزمة السياسية الفلسطينية واستفحالها في كل مكونات النظام السياسي الفلسطيني.

العنف في الجامعات (العنف الطلابي) في العادة يحدث بين الطلبة أنفسهم ، ولكن في مرات كثيرة اعتدى بعض الطلبة على بعض أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، كما لم تسلم بعض مرافق الجامعة من الاعتداء عليها من خلال تخريبها وتحطيم محتوياتها .

وفي العادة تلعب الانتخابات الطلابية في مستوياتها المختلفة دوراً في تأجيج التوترات والمشاجرات بين الطلبة، سواء انتخابات المجالس أو انتخابات النوادي، وهو ما تذرعت به بعض الجامعات عندما ألغت الانتخابات بحجة الحرص على أمن وسلامة الطلبة، ولو كان ذلك على حساب حرية الكثير منهم بالتعبير عن اختلافهم.

إقرأوا أيضاً: