fbpx

 شهر من الإضراب عن الطعام : وليد شوقي
طبيب مصري يقاوم الحبس و”التدوير” مع سجناء آخرين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في فترتي إخفائه الأولى والثانية، تعرض وليد، لتعصيب عينيه، وتقييده، وإجباره على النوم على الأرض، وكان يحصل على وجبة واحدة في اليوم، وذلك كله مثبت في التحقيقات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أكتر من شهر من الإضراب… 12 واحد في سجن المزرعة معرضين إنهم يفقدوا حياتهم… معرضين إن نصحى الصبح بنتي متلاقيش والدها… طلعوا لي جوزي وكفاية كدة”… 

استغاثة أطلقتها هبة أنيس، زوجة الطبيب المصري وليد شوقي، المحبوس احتياطياً منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، بتهم الانضمام الى جماعات إرهابية ونشر أخبار كاذبة، والذي بدأ في 11 شباط/ فبراير الماضي إضراباً عن الطعام  وأنهاه  مؤقتا في 8 آذار الجاري مع 11 معتقل آخرين بينهم أحمد ماهر ريجو، والناشط السياسي عبد الرحمن طارق موكا، والشاعر جلال البحيري. 

شوقي (35 سنة)، والمولود في إحدى البلدات الصغيرة قرب مدينة المنصورة، وله أختان، درس طب الأسنان، ثمّ تزوج وأنجب نور، التي تقترب من سنواتها الخمس في غيابه. 

زارت والدة شوقي، ابنها المحتجز في سجن المزرعة جنوب العاصمة المصرية، في 22 شباط أي بعد 11 يوماً من الإضراب، ولم تتمكن زوجته، من مرافقتها بسبب الإجراءات المتعلقة بـ”كورونا”، والتي تقصر الزيارة على شخص واحد، كان وليد في حالة صحية ونفسية سيئة بحسب وصف والدته.

ليس وليد وحده فهناك عدد كبير من السجناء الذين طالت مدد توقيفهم الاحتياطي دون محاكمات، وقد طالبت 19 منظمة حقوقية مصرية ودولية بوقف الاعتقال التعسفي في مصر وإطلاق سراح جميع المحتجزين السياسيين. ولفتت المنظمات إلى إضراب عن الطعام لمدة شهر لـ 12 ناشطاً  احتجاجاً على احتجازهم المطوّل غير القانوني السابق للمحاكمة في مجمّع سجن طرة، من بينهم عبد الرحمن طارق (موكا) وأحمد ماهر (ريجو) وجلال البحيري ووليد شوقي.

أضافت المنظمات أنّ “ثمّة عشرات آلاف الأفراد المحتجزين بشكل تعسفي في مصر؛ بما في ذلك النشطاء والشخصيات السياسية والصحافيون والطلاب والمحامون وموظفو منظمات المجتمع المدني والمدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان وأفراد من أسر المعارضين السياسيين والمدافعون عن حقوق الإنسان الذين يقيمون في الخارج ونساء مؤثرات في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الأفراد الذين ينتقدون الظروف السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية”.

نبيه الجنيدي، محامي وليد شوقي، يوضح لـ”درج” أن “السجن رفض إثبات إضراب وليد وزملائه عن الطعام ما أضطرهم لإنهاءه بعد شهر خوفًا على حياتهم، أرسلنا تلغرافات للنائب العام، وبلاغ للنيابة لإثبات الإضراب، وتم تحويل البلاغ لنيابة أمن الدولة وكان يفترض أن يتم استدعاؤه لسماع أقواله في ما يخص الإضراب، ولكن ذلك لم يحدث “. 

“أكتر من شهر من الإضراب… 12 واحد في سجن المزرعة معرضين إنهم يفقدوا حياتهم… معرضين إن نصحى الصبح بنتي متلاقيش والدها… طلعوا لي جوزي وكفاية كدة”.

ما بعد الحبس… تعذيب و”تدوير” وانتظار

تم القبض على شوقي من عيادته في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وتم إخفاؤه ستة أيام قبل ظهوره بنيابة أمن الدولة بعد أيام على ذمة القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، ووجهت له النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، وتعمد نشر بيانات وأخبار كاذبة، وفق محاميه.

ويضيف الجنيدي، أن قراراً صدر بإخلاء سبيل موكله في 24 آب/ أغسطس 2020، وبدلاً من تنفيذ قرار المحكمة تم إخفاؤه للمرة الثانية ثم تدويره وعرضه مرة أخرى على نيابة أمن الدولة في 6 تشرين الأول 2020، للتحقيق معه على ذمة القضية 880 لسنة 2020 المعروفة بأحداث أيلول/ سبتمبر 2020، وسجن مرة أخرى بتهم القضية الأولى ذاتها، إضافة إلى اتهامه بالتجمهر، برغم عدم إطلاق سراحه، واحتجازه خارج إطار القانون لأكثر من شهر.

في فترتي إخفائه الأولى والثانية، تعرض وليد، لتعصيب عينيه، وتقييده، وإجباره على النوم على الأرض، وكان يحصل على وجبة واحدة في اليوم، ويؤكد الجنيدي أن ذلك كله مثبت في التحقيقات، “طالبنا أكثر من مرة بالتحقيق في تلك الوقائع، وهو ما لم يحدث حتى الآن”.

الحياة قبل السجن… حب و”نور”

تتذكر هبة، وهي زميلة صحافية، لقاءها الأول بشوقي، عام 2012، في إحدى الفعاليات، تقول لـ”درج”: “تعارفنا وشعرت بالانجذاب تجاهه، كان طيباً وحنوناً، ويحب أسرته وأختيه”. 

تصف هبة، وليد بأنه شخص مسؤول، لا يحب الاعتماد على أحد، وتتذكر كيف فاجأها في إحدى الزيارات، حين قدم لها وجهها منحوتاً على قالب من الصابون، وهي مهارة تعلمها في السجن… 

أما نور، فكانت مقربة من والدها، تمضي أيامها معه حتى الرابعة عصراً، يهتم بها وباحتياجاتها، في انتظار عودة والدتها من عملها وانطلاقه هو إلى عيادته.

تقول هبة، إن نور كانت متعلقة بوالدها، لا سيما أن القبض عليه حصل وهي لم تتجاوز عامها الثاني، ما انعكس عليها وعلى سلامتها النفسية، “الصغيرة لم تعد مقتنعة بأن والدها يعمل في السجن كما أخبرتها في صغرها بناءً على نصيحة من اختصاصي نفسي”، تقول هبة. 

تسأل الصغيرة باستمرار عن سبب غياب والدها، ولماذا يرتدي الأبيض دائماً، ولماذا تضطر للحديث معه من خلف حاجز زجاجي، ولماذا لا يعود إلى المنزل بعد الانتهاء من عمله كما تفعل أمها.

إقرأوا أيضاً:

وليد الطبيب… متفهم ومحترف 

قرب ميدان التحرير، الذي يحبه وليد، ككل أبناء يناير، اختار الطبيب الشاب أن يفتح عيادته لعلاج مرضاه، واللافت أن عدداً منهم ما زال حتى الآن بعد 3 سنوات ونصف السنة من حبسه، وإغلاق عيادته يشاركون صورهم معه ويطالبون بحريته ويسردون تجاربهم مع وليد الطبيب. 

بسمة مصطفى، هي إحدى مريضات شوقي، كانت تعاني من تروما وهلع من التعامل مع أطباء الأسنان لمرورها بتجارب سيئة ومؤلمة، لذا تركت أسنانها بلا علاج لوقت طويل، ولكن الشعور بالألم اضطرها للبحث عن طبيب جيد مجدداً. 

تقول بسمة، لـ”درج”: “ذهبت مضطرة إلى عيادة دكتور وليد، بعد ترشيحات من أصدقاء، فوجدت طبيباً متفهماً للتروما التي أعاني منها وقادراً على التعامل معها، وكان طبيب أسنان ماهراً”.

بسمة، تتذكر أنها اضطرت لإلغاء إحدى جلسات علاجها بسبب ظروف مادية، لكنها فوجئت باتصال من سكرتيرة العيادة تطلب منها الحضور في موعدها، وحين ذهبت أخبرها وليد، أن علاج أسنانها يجب ألا يتوقف وأن بإمكانها دفع تكلفة العلاج لاحقاً في أي وقت يناسبها، “دي كانت من ألطف الحاجات اللي قابلتها عند دكتور”. 

ترى زوجة وليد شوقي أن إدارة السجون لا تتعامل مع الإضراب عن الطعام بشكل جاد ما أضطر زوجها إلا فك إضرابه بعد شهر خاصة مع تدهور صحته، هناك معتقل اسمه مصطفى قاسم أضرب سابقاً عن الطعام وتركوه حتى مات، “في الحقيقة لا يؤرقهم أن يموت المعتقلون بالفعل”.

في كانون الثاني/ يناير 2020 مات مصطفى قاسم، الأميركي الجنسية ذو الأصل المصري، المسجون منذ عام 2013، وذلك بعد إضرابه عن الطعام بشكل متكرر للمطالبة بإطلاق سراحه منذ أيلول 2018، بعد صدور حكم بحبسه ضمن مئات آخرين، 15 عاماً بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

كان قاسم (64 سنة)، يعاني من السكري ومشكلات في القلب، أضرب عن الطعام لثلاثة أشهر سبقت وفاته، لكنه وبشكل مفاجئ أضرب أيضاً عن تناول السوائل التي كان يعيش عليها، لتتدهور حالته الصحية وينقل إلى مستشفى السجن ومنه إلى مستشفى المنيل الجامعي، حيث توفي متأثراً بمضاعفات الإضراب. 

لا تملك هبة، مذ علمت بالإضراب، سوى التواصل مع أسر المضربين الآخرين الذين حصلوا على زيارات خلال الأيام الماضية، للاطمئنان على سلامة زوجها، وتحميلهم برسائل تدعوه إلى فك الإضراب، حتي نجحت محاولاتها بعد شهر من الإضراب.

كانت الزيارة الأخيرة لأحد شركاء وليد في السجن والإضراب، هي زيارة أسرة أحمد ماهر ريجو، في اليوم الأخير من فبراير، وكان حينها قد بدأ يومه السابع عشر من الإضراب، وبدا عليه الإرهاق والإنهاك بفعل انقطاعه عن تناول الطعام واعتماده على السوائل فقط. 

والد ريجو، الدكتور ماهر عزت، قال لـ”درج”، إن نجله نُقل قبل أيام من سجن المزرعة إلى مكان لا تعرفه أسرته أو محاميه، ولا يعرفون إن كان سجناً آخر كعقاب على إضرابه، وأثار ذلك الإجراء قلق هبة، من اتخاذ إجراء مماثل مع وليد.

وأضاف الأب، أن ابنه بدأ إضراباً عن الطعام منذ 11 شباط الماضي، بصحبة 11 آخرين، وأن أسرته قلقة بشأن سلامته وحالته الصحية، بخاصة أنه كان بحالة صحية ونفسية سيئة أثناء زيارة أسرته الأخيرة، والتي سبقت نقله من السجن.

أشار تقرير لمركز هردو، لدعم التعبير الرقمي، بعنوان “الحق في الإضراب عن الطعام”، إلى أنه في معظم الحالات المعروفة للمنظمات الحقوقية، تخفق السلطات المصرية في توفير رعاية طبية كافية وأخلاقية للمضربين عن الطعام، وترفض مناشدات أطبائهم ومحاميهم وعائلاتهم بنقلهم إلى مستشفيات خارج السجن لتلقي العلاج، كما تخفق عادة في رصد العواقب الصحية للإضراب عن الطعام، ونوه هردو إلى أن أطباء السجون يعملون لدى وزارة الداخلية، ما يثير بواعث قلق جدية في ما يتعلق بحيادهم واستقلالهم.

أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية أن وليد شوقي أنهى إضرابه عن الطعام خوفاً على حياته، وكان شوقي قد أضرب عن الطعام ضمن  12 معتقلا آخرين قبل شهر تقريباً للضغط من أجل إطلاق سراحهم. 

وطالبت المبادرة المصرية بالتعاون مع 21 منظمة حقوقية محلية ودولية بـ”الإفراج عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً، وتقديم تعويضات شاملة عن الحرمان التعسفي من حريتهم والأضرار الأخرى التي لحقت بهم”.

إقرأوا أيضاً: