fbpx

العراق: محمود الحسني الصرخي
“ظاهرة” شيعية عراقية بأفكار… وهّابية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الدستور العراقي ورغم انه حفظ حرية المعتقد والرأي والفكر الا انه وضع مادة منفصلة تؤكد على حماية المقدسات الدينية وصيانة حرمتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد اكثر من 200 عام على دعوات وتحركات الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية نحو هدم المراقد الدينية في مدن النجف وكربلاء وسط العراق عادت هذه الدعوة من جديد ولكن هذه المرة على لسان احد اتباع رجل الدين الشيعي محمود الحسني الصرخي.

دعوة هدم المراقد الدينية جاءت على لسان أئمة صلوات الجمعة التابعين للصرخي، وبينهم علي المسعودي الذي قامت السلطات العراقية بإعتقاله بعد الضجة التي أثارها الخطاب الصادم الذي ألقاه وانتشر بالصوت والصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. والصرخي رجل دين شيعي مثير للجدل في الوسط العراقي، يدّعي انه مرجع ديني وانه يمتلك من العلم في الدين ما لا يمكن لاحد مناظرته فيه، حتى التف حوله أنصار في العراق، لا يتجاوزون بحسب التقديرات 30 الفاً موزعين في مدن كربلاء وبابل والديوانية والناصرية والبصرة. 

بزغ نجم الصرخي بعد سقوط النظام الحاكم عام 2003 ويبلغ من العمر 58 عام وكان احد تلامذة المرجع الديني محمد الصدر، والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وقد اغتيل من قبل نظام الرئيس الأسبق صدام حسين في العام 1999.

الصرخي الحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية اتخذ من مدينة كربلاء وسط العراق مستقراً له دون النجف، واتباعه كانوا فيما سبق من انصار المرجع الديني محمد الصدر، وقد اثار الجدل واللغط حوله بعد ان هاجم بكلامه علماء الدين في النجف وطعن بمرجعية السيد علي السيستاني ووصفها بانها الاسوأ بحسب ادعائه ورفضه لفتوى الجهاد الكفائي ضد تنظيم داعش اذ يجدها مثيرة لحرب طائفية واهلية.

الصرخي أجاز في احدى فتاويه استخدام أغاني “الراب” على ان تحمل الكلمات والمعاني صبغة إسلامية ليسمي ذلك “الراب الإسلامي” وهي محاولة من قبله لجذب الشباب وعودتهم الى المسجد كما يقول أتباعه.

وواجه رجل الدين الشاب مطاردات من قبل القوات الامريكية خلال تواجدها في العراق في عامي 2003 و2004 بعد ان اصطدم انصاره مع جنود أميركيين وتسببوا بمقتل جندي، ليختفي بعد ذلك لعدة سنوات، وعُرف عن الصرخي مواقفه المناهضة للسياسيين الحاليين ودعمه لتظاهرات المنطقة الغربية ضد حكومة نوري المالكي وانتقاده لإيران في العلن ودائما ما يصف نفسه بالمرجع العربي العراقي في إشارة الى ان اغلب المرجعيات الدينية في النجف هي إيرانية ولها اجندات خارجية، وأظهرت مقاطع مصورة له وهو يلعب كرة القدم مع أنصاره او يقوم بالتصوير عبر الكاميرا وهي ممارسات غير مألوفة لرجال الدين التقليديين في العراق.

عاد الى الظهور بعد خروج القوات الامريكية حتى عام 2014 اذ نفذت القوات الأمنية العراقية في كربلاء هجوماً على مقره عندما تجمع أنصاره بالقرب من منزله ووفقا لتصريح المحافظ كربلاء الأسبق عقيل الطريحي، فقد توفرت معلومات امنية مفادها وجود معمل لتفخيخ السيارات وجرى ضبط مراسلات مع دولتين اجنبيتين تعملان ضد امن الدولة وعلى اثرها حصلت مواجهات مسلحة بين القوات الأمنية وانصاره وقتل البعض من أنصاره واعتقل البعض الاخر لتنتقل هذه المواجهة الى عدد من مدن العراق ولكنها انتهت بعد ساعات وتوارى عن الأنظار منذ ذلك الحين، ولم يظهر إلا عبر تسجيلات صوتية يتناقلها أنصاره.

الصرخي أجاز في احدى فتاويه استخدام أغاني “الراب” على ان تحمل الكلمات والمعاني صبغة إسلامية ليسمي ذلك “الراب الإسلامي” وهي محاولة من قبله لجذب الشباب وعودتهم الى المسجد كما يقول أتباعه، 

خطب صلوات الجمع التابعة له في العراق عادة ما تكون موحدة يتم تلاوتها على المصلين موحدة من قبل امام الجمعة وعلى غير العادة فانهم يرتدون الستر وربطة العنق خلال الخطبة والصلاة وقصة شعر حديثة.

خطبة الجمعة في 8 نيسان / ابريل 2022 الماضي تضمنت طروحات مغايرة ومخالفة لأدبيات الجماعة، اذ أعلن ائمة المساجد التابعين للحرصي أن بناء المقامات والأضرحة هو خلاف الدين وتشييد المراقد لا أساس له في الشريعة، مستندين بذلك إلى رواية منقولة عن النبي محمد تتحدث عن اعطائه أوامر للامام علي بهدم القبور وتسطيحها.

هذا الاعتقاد الديني من قبل اتباع رجل الدين الصرخي أعاد الى اذهان العراقيين تاريخ الحركة الوهابية التي نشأت في السعودية وتبنت هذا الراي وقامت بمهاجمة مدينتي النجف وكربلاء في محاولة هدم المراقد الدينية عام 1801، وسقط في الهجمات عدد من العلماء والزائرين ونهبت الأموال وتكررت هذه الهجمات لعدة مرات وتكرر المشهد عند دخول داعش لمدن العراق اذ قاموا بتفجير وهدم قبر النبي يونس وبعض المراقد الدينية في نينوى وديالى.

مقتدى الصدر كان اول من وجه رداً شديد اللهجة على الصرخي اذ وصف عقائدهم بالمنحرفة مطالبا زعيمهم بالتبرؤ من دعوة هدم المراقد وامهله ثلاثة ايام وبعدها سيكون الصدر ملزماً بالتعامل بنفسه مع مدعي هذه المعتقد.

مدن وسط وجنوب العراق شهدت تظاهرات شبابية قرب المساجد التي أقيمت فيها صلوات الجمعة التابعة لهم مطالبين بإغلاقها وعدم الترويج لأفكارهم، كما أحرقت مكاتبهم في بعض المدن فيما نفذت القوات الأمنية حملة اعتقالات بحق أنصار الحرصي اذ اعلنت خلية الاعلام الامني بان وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية تقوم بحملة ملاحقة لعناصر أسمتها “احدى الحركات الدينية المتطرفة التي تريد الاساءة للرموز الدينية”، وجرى القبض على 34 متهماً على مدار يومين في محافظات البصرة وكربلاء وميسان وذي قار وبابل والديوانية.

محكمة تحقيق العمارة جنوب العراق اصدرت مذكرة قبض بحق محمود الحسني الصرخي وفق احكام المادة 372 من قانون العقوبات والتي تنص على معاقبة من يعتدي بأحد الطرق العلانية على معتقد إحدى الطوائف الدينية المتواجدة في العراق او تحقير شعائرها.

إقرأوا أيضاً:

دائرة بلدية قضاء الحمزة التابع اداريا لمحافظة بابل وسط العراق نفذت حملة لهدم حسينية “الفتح المبين” والتي هي المأوى الرئيسي لاتباع الصرخي ويقيمون فيها صلاة الجمعة أسبوعياً.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أشاد في تغريدة بالرد الشعبي اتجاه دعوات اتباع الصرخي بهدم المراقد الدينية وطالبهم بالتورع عن هدم المساجد وحرقها والاكتفاء بغلقها ومنع اصحاب الفتن على حد وصفه من اقامة شعائرهم ويختم تغريدته “هدم المساجد لا يقل خطورة عن هدم المراقد”.

الشيخ محمد الازيرجاوي وهو أستاذ في الحوزة العلمية بمدينة النجف يرى في هذا المعتقد احياء لدعوة وهابية بامتياز مؤطرة بإطار شيعي ولا يستبعد ان تكون هناك جهات خفية تقف وراءها. 

الدستور العراقي ورغم انه حفظ حرية المعتقد والرأي والفكر الا انه وضع مادة منفصلة تؤكد على حماية المقدسات الدينية وصيانة حرمتها.

الحقوقي احمد الموسوي يرى ان ما حصل “ليس طرحاً فكرياً فقط بل حمل في طياته تعديا على المقدسات الدينية ودعوة للعنف وان الدستور العراقي بحسب المادة العاشرة منه أشار وبشكل صريح ان العتبات المقدسة والمراقد الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية وتلتزم الدولة بتأكيد حرمتها وضمان ممارسة الشعائر بحرية. وبحسب قانون العقوبات العراقي، يتابع الموسوي، يحاكم بالسجن لفترة لا تزيد عن ثلاث سنوات وغرامة مالية لا تزيد عن 200 الف دينار كل من اعتدى بطرق علانية على معتقد لأحد الطوائف الدينية المعترف فيها في العراق.

الكاتب احمد الحداد يرى ان ظهور الحركات الدينية الجدلية يأتي نتيجة للظروف السياسية الحرجة في البلاد، وفي ظهورها إشارة إلى “وجود ايادي خفية تحاول العبث في المشهد العام وتوجيه بوصلة الراي العام نحو تفاصيل بعيدة عما يدور في أروقة أخرى لا سيما وان الوضع العام يخضع لضغوط خارجية مستمرة أثرت وبشكل كبير على قطف ثمار الانتخابات ووضعت الشأن السياسي في زاوية حرجة وتحت خطر اللعب بالنعرات الطائفية والمذهبية”.

إقرأوا أيضاً: