fbpx

العراق يعطش بعد ان سدّت إيران وتركيا مصادر المياه عنه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التوقعات حتى عام 2040 تشير إلى أن ترك الشأن المائي في العراق من دون مراقبة سيؤدي الى ضغوط واجهاد متزايد على مصادر المياه في العراق التي تواجه تحديات خطرة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خطر الجفاف والتصحر يداهم العراقيين ويضيّق عليهم مصادر رزقهم، ما اضطرّ مئات العائلات إلى النزوح من أماكن سكنهم في جنوب العراق ونفوق مواشيهم وبات التصحّر السمة الغالبة للأراضي العراقية والحكومة تكتفي بالتصريحات والخطط على الأوراق وفي وسائل الإعلام.

ناصر غالب أحد سكان أهوار جنوب العراق يعتاش على تربية الجاموس وصيد الأسماك والطيور عند بدء مواسمهم، الا ان موسم عام 2022 كان واحداً من أشد المواسم قسوة عليه وعلى من يمتهنون مهنته، إذ جفّت تلك المسّطحات المائية التي يقطنها وغيّرت الطيور المهاجرة مسارها ليُجبر على النزوح مع عائلته ومواشيه الى مناطق أكثر وفرة بالماء، ما عرّض العشرات من جواميسه إلى الموت، إذ فقد منها 4 أثناء تنقله الى أماكن أعالي الاهوار بعد ان كان يصطحب معه 30 جاموسة، وهذا الأمر تكرر مع غالبية الذين نزحوا مع مواشيهم من الأهوار. 

الإحصائيات الرسمية تشير الى تقلّص المساحات المائية في الأهوار الجنوبية التي تعد أكبر مسطّح مائي طبيعي في العراق. وهذه المنطقة كانت تمتلك تنوعاً احيائياً كبيراً، ومركزاً لجذب السياح. وعلى الرغم من ان هذا المسطح المائي الطبيعي قد جرى إدخاله ضمن لائحة التراث العالمي عام 2016 لكنه تعرّض للحصار المائي من دول المنبع، تركيا وإيران، ما أفقد هذه المساحات المائية 4600 كيلومتراً مربعاً من مخزونها في الفترة من عام 2003 وحتى 2016 وتراجع منسوب المياه كثيراً في السنوات الاخيرة بعد ان كانت المساحة الكلية للمياه 11455 كيلومتراً، أي أن ما تم فقدانه  يقارب 40% من مجمل الثروة المائية في الأهوار، وهذا يرسم مؤشراً خطيراً أمام الواقع المائي في العراق للسنوات المقبلة.

تسببت هذه المساحات المفقودة الى نزوح المئات من السكان المحليين ومربّي الماشية وخصوصاً الجواميس إلى أماكن أكثر وفرة بالماء، للحفاظ على حياتهم الاصلية التي كانوا يعيشونها منذ مئات السنين وهذا الفقدان تسبّب أيضاً بموت الكثير من مواشيهم وظهور الأمراض. الإحصاءات الرسمية للاتحاد الدولي لمربي الجواميس في العراق تشير إلى أن العراق خسر ثلثي أعداد الجواميس التي كانت متوفرة قبل أربعين سنة، وتراجعت أعداد الجواميس من مليون رأس إلى 300 ألف رأس فقط، والسبب الرئيسي لذلك هو شحّ المياه. 

وأعلنت الأمم المتحدة مؤخرا ان العراق يعد واحداً من بين الدول الخمس الأولى الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية، وفي المرتبة 39 بين الدول الأكثر حاجة للمياه وقد أدى الانخفاض القياسي في معدل سقوط الأمطار في العام الماضي – وهو ثاني أكثر المواسم جفافاً منذ 40 عامًا- إلى ازدياد التصحّر وتآكل التربة بسبب الممارسات الزراعية غير المستدامة، ما أدى إلى انكماش الغطاء النباتي وتراجعه.

الانخفاض بالمستوى المائي، وفي مقدمتها جفاف بحيرة ساوة في محافظة المثنى، تسبّب أيضاً بتراجع حاد في مساحات الأراضي الزراعية والتنوع البيولوجي في الزراعة وتدهور الأراضي والتربة وزيادة الكثبان الرملية وهجرة الحيوانات ونفوقها.

وذكر بيان الأمم المتحدة أنّ التوقعات حتى عام 2040 تشير إلى أن ترك الشأن المائي في العراق من دون مراقبة سيؤدي الى ضغوط واجهاد متزايد على مصادر المياه في العراق التي تواجه تحديات خطرة.

وزارة الموارد المائية العراقية اكتفت ببعض التصريحات والتبريرات وألقت باللوم على الموسم المطري وتقول أن الموسم المطري في البلاد انحسر لثلاثة مواسم على التوالي فضلا عن تأثيرات التغيرات المناخية على العالم والمنطقة وارتفاع معدل درجات الحرارة وإجراءات دول أعالي المنبع في تقليص أو تجفيف منابع بعض الأنهر، ما سبب نقصاً حاداً بالإيرادات المائية وحجم التخزين المائي للبلاد. كما أن الإجراءات المنفّذة من قبل الوزارة لمواجهة الشح المائي تضمنت إعداد خطط تشغيلية لإدارة المورد الذي يؤمن مياه الشرب في الدرجة الاولى ومن بعدها الزراعة والاستخدامات الأخرى.

الحكومة العراقية حفرت 200 بئر مائي في محافظة ديالى المحاذية لإيران والتي بدأت تعاني من شح الماء بعد أن تم قطع المورد المائي عنها وهذا يوضح عدم تحمّل الجارة إيران لاي مسؤولية تجاه العراق الذي يعدّ سوقاً قوية لاقتصاداها ولتصريف بضائعها في ظل حصار اقتصادي تعاني منه وعدم وجود سوق قوية مثل العراق، والحكومة العراقية متمثلة بوزارة الموارد المائية تكشف عن مساعي “في المحافل الدولية للاستحصال على حصة البلاد المائية من دول أعالي المنبع وتطبيق مبدأ تقاسم الضرر بين أوقات الشح والوفرة، مع ضرورة تعاون جميع الوزارات مع وزارة الموارد المائية من أجل تجاوز أزمة شح المياه”.

بيان الامم المتحدة أشار الى دراسة استقصائية أجريت عام 2021 شملت سبع محافظات كشفت أن 37% من مزارعي القمح و30% من مزارعي الشعير يعانون من فشل المحاصيل ورافقت هذه الإحصائيات تصريحات لوزارة الزراعة بأن العراق يمتلك أكثر من 25 مليون دونماً، بما يعادل 62500 مليار متر مربع من الأراضي الزراعية، إذا توفرت العوامل المناسبة للإنتاج، وبدرجة أساسية وفرة المياه، وأن ما جرى زراعته في فصل الصيف من مجمل المساحة القابلة للزراعة هو مليون و 700 الف دونم بما يعادل 4250 مليار متر مربع وهذا الأمر ينعكس على مستوى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل وانحسار المساحات الخضراء والذي يؤثر على البيئة. وزارة الزراعة العراقية، بحسب المتحدث الرسمي باسمها هادي هاشم “طالبت مراراً الحكومة برفع مستوى التفاوض للوصول الى نتائج مرجوة من الجانبين التركي والايراني، للحصول على حصة العراق المائية المقررة وفق الأعراف والقوانين الدولية التي ضمنت الحصص المائية للبلدان”.

إقرأوا أيضاً:

المرصد العراقي لحقوق الانسان وجّه رسائل تحذير عن مستقبل العراق المائي الزراعي وذكّر بأن مسؤولين عراقيين أكدوا أن 100 ألف دونم من الأراضي الزراعية يفقدها العراق سنويا بسبب ما أسموه “الاستثمار غير المدروس الذي قضى على نسبة كبيرة من المساحات الزراعية الخضراء في بغداد ومدن اخرى”، وأنّ العراق خسر 30% من كميات المياه التي كان يحصل عليها من نهري دجلة والفرات وهذا تسبب بالحاق الضرر بـ7 ملايين مواطن من أصل 40 مليون عراقي وفقاً لأرقام قدمها رئيس الجمهورية برهم صالح في وقت سابق.

الفساد المالي في العراق كان سبباً أساسياً في تراجع واقع المشاريع المائية، إذ كشف تقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي عن تلكّؤ وزارة الموارد المائية في تنفيذ 30 مشروعاً في السنوات الممتدة من عام 2011 وحتى 2018 بسبب عدم دقة إعداد التصاميم الخاصة بمشاريع الري من قبل مركز الدراسات والتصاميم الهندسية، إحدى الدوائر التابعة لوزارة الموارد المائية بما ينسجم مع واقع حال المشاريع وعدم أخذ نتائج تحريات التربة في الاعتبار عند إعداد التصاميم وبالأخصّ مشاريع السدود والخزانات ما أدّى إلى تعديل التصاميم وجداول الكميات خلال مراحل التنفيذ للحفاظ على سلامة المشاريع وديمومتها وتوقّف أعمال المسح الطبوغرافي في بعض المشاريع بسبب اعتراضات الاهالي ومنع الملاكات المساحية من انجاز اعمالها  ما أدّى الى تغيير مواقعها او إيقاف تنفيذها او إلغاءها  وكشف عن  وجود تجاوزات على الأراضي المخصصة لمشروعين ريّ هما “بني حسن” و”تبطين”، بسبب تأخر تنفيذ هذه المشاريع ولفترات طويلة.

إقرأوا أيضاً: