fbpx

أردنيات يعانين “فقر الدورة الشهريّة”: ضرائب “رفاهية” على الفوط الصحّية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كيف تنعكس الأزمة الاقتصادية على الأردنيات خصوصاً لجهة فقر الدورة الشهرية وصعوبة الحصول على الفوط الصحية. إنها معضلة حقيقية تعيشها فتيات ونساء كثيرات، وهذا التحقيق يوضح ما تتعرض له كثيرات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فنن الشلبي

يلازم الحيض النساء والفتيات، غالبية سنوات عمرهن، إلا أن المنتجات الصحية الخاصة بالدورة الشهرية، وتحديداً الفوط النسائية، لا تندرج تحت السلع الأساسية أو الصحية، ما يجعل سعر شرائها مرتفعاً، بسبب الضريبة المفروضة عليها؛ على رغم أنها منتجات ضرورية للفتيات والنساء، اللاتي يضطررن -أحياناً- للجوء إلى بدائل أقل تكلفة، ما قد يعرّضهن لمشكلات صحية خطيرة.

“عندي 3 بنات، نضطر أحياناً للذهاب الى الدكان؛ نشتري فوطاً صحية بالدَّين، وصاحب الدكان يصبر علينا”.  زهرة، أربعينية أردنية؛ لديها 7 بنات و7 أبناء، آخرهم وُلد قبل نحو عام ونصف العام. أسرة كبيرة، بالكاد تجد قوت يومها، إذ يعمل رب الأسرة “بالمياومة” في السوق.

 تقول زهرة مازحة: “كلهن بتيجهن بنفس اليوم، في السابع والعشرين من كل شهر”، مبينة أن الواحدة قد تحتاج إلى عبوة أو عبوتين؛ ما يعني أنها شهرياً تحتاج إلى نحو 6 دنانير على حد قولها.

في السابق، كانت تحصل زهرة على فوط نسائية مجانية، من مركز قريب من مسكنها في “صويلح”؛ إلا أن نوعية الفوط النسائية -وبحسب وصفها- كانت “رديئة، وتتفتت كلها”. كانت تحصل أحياناً على 10 دنانير، كدعم مالي لحضور جلسات توعوية، تستخدمها لشراء الفوط؛ أما اليوم فتشتري فوط الأطفال بالكيلو، وتمارس عليها فنون التقطيع والتوصيل؛ لتصنع فوطاً لبناتها.

سلمى وسعاد (أسماء مستعارة)، أختان لم تتجاوز أكبرهن الثامنة عشرة من عمرها، تبقيان حبيستَي منزلهما لأيام أحياناً؛ إن لم تتمكنا من شراء الفوط الصحية، تقول إحداهنّ: “بنيجي بدنا نشتري بالدَين، أقسم بالله، إن صاحب الدكان رفض يعطينا؛ لأنه علينا مصاري كثيرة”، وأحياناً تنتظر الأختان أحد أفراد العائلة الذكور، حتى يستطيع شراء حاجتهما؛ أثناء ذلك تلجأ الأختان إلى استخدام بدائل من ورق محارم، أو قطع ملابس.

 قد يبدو ثمن الفوط الصحية زهيداً؛ إلا أنه ثقيل على أسر بالكاد تجني قوت يومها، وتحديداً في بلد بلغ معدل الفقر فيه 15.7 في المئة، وفقاً لآخر إحصاء أُجري عام 2018؛ إضافة إلى أن البنك الدولي أشار قبل ثلاثة أعوام، إلى أن معدل الفقر الوطني قد يرتفع نحو 11 نقطة مئوية؛ ليصل إلى 27 في المئة. 

لا يوجد سعر موحد للفوط النسائية في الأسواق؛ فلقد وجدنا فوطاً يبدأ سعرها بخمسة وستين قرشاً، ومنها ما يتجاوز الـ 6 دنانير. لكن من المؤكد أن فرض ضريبة مبيعات على سلعة ضرورية، لا تقل أهميتها عن باقي المنتجات الأساسية؛ يزيد من سعرها، بل يضاعفه أحياناً. 

بدائل رخيصة

 زهرة ليست وحدها، فنساء كثيرات يلجأن إلى بدائل أقل كلفة. تقول آمنة (اسم مستعار): “كنت أستحي من أمي، ما كانت تحكي لنا، كنا نضطر أنا وأختي إلى إحضار شرائط؛ نقطعها ونلبسها، وثاني يوم نغيرها، ثمّ نتسلل إلى السطح؛ لغسلها ونشرها”. تتكرر هذه الحالة مرات عدة، إلى أن تجف “الخِرَق” كي يلبساها من جديد. 

تذكر آمنة الرائحة الكريهة؛ نتيجة ارتداء الفوطة نفسها يوماً كاملاً، والالتهابات والحكة المزمنة التي رافقتها؛ إلا أن تفاصيل معاناتها توقفت بعد الإنجاب، متزامنة مع فترة الرضاعة.

تعمل زهرة اليوم كـ”بواب” في إحدى مدارس الجنوب، تقول إن المشهد يتكرر بين الطالبات: “بنفوت الحمام كله شرائط، ما يعرفن الفوط الصحية”. 

الباحثة النسوية ريم خشمان،  تشير إلى أن استخدام “الخِرَق” هو البديل الأقل ضرراً؛ إلا أنه يصبح عبئاً في المناطق التي تعاني من انقطاع المياه، أو شحّها، أو المناطق التي يصعب معها الوصول الى دورات المياه بشكل آمن. ومن خلال زياراتها الميدانية ولقاءاتها، تنبّه خشمان إلى أن هناك نساء يستخدمن بدائل مضرة بالصحة؛ موضحة أن البعض يستخدمن الجرائد، وهو ما يعد ساماً ومضراً.

تلفت أيضاً إلى أن عدم قدرة الأسر على توفير الفوط الصحية لبناتهن؛ يدفعهن إلى ممارسات خاطئة، مثل استخدام الفوطة الواحدة على يومين، وتقول خشمان: “تحتاج المرأة -في الوضع الطبيعي- إلى علبتين”. 

هنا تأتي المفاضلة، بحسب خشمان، التي ترى أن رب الأسرة يفضل شراء “الدجاج” مثلاً، على شراء الفوط لثلاث أو أربع فتيات في الأسرة؛ ما قد يكبده 10 دنانير شهرياً؛ وتضطر الفتاة إلى عدم استخدامها إطلاقاً، فتبقى في غرفتها طيلة أيام الحيض.

تقول خشمان إن سعر الفوط مرتفع، “غالٍ، نراه رخيصاً لأننا قادرون على شرائه، ولدينا شبكة حماية اقتصادية؛ ولكن بالأماكن الأقل حظاً، وفي جيوب الفقر والمخيمات، هذه الشبكة غير موجودة، لأنه حتى الأمن الغذائي غير موجود”.

 تؤكد خشمان أن الحديث عن منتجات الحيض لا يقتصر على الفوط النسائية؛ بل يتجاوزه الى منتجات وخدمات أخرى عدة، وأن مشكلة غلاء الفوط الصحية، والوصول إليها، من بين مشكلات كثيرة، من شأنها أن تؤثر على صحة المرأة، وكلها تندرج تحت فقر الدورة الشهرية. 

الحيض ليس اختياراً

بحسب فريق “تقاطعات” و”صندوق الأمم المتحدة للسكان”، فإن فقر الدورة الشهرية -وهو مصطلح جديد- يعني “عدم الحصول أو عدم القدرة على الوصول إلى المنتجات الصحية الخاصة بفترة الدورة الشهرية، والمناسبة لها، والخدمات الصحية المرتبطة بها، ومرافق المياه الخاصة بالنظافة الشخصية، والتثقيف الصحي، وطرق إدارة النفايات الخاصة بها”.

تشير الناشطة النسوية، بنان أبوزين الدين، المديرة التنفيذية لشبكة تقاطعات، إلى أن جذر المشكلة يكمن في عدم النظر إلى الفوط النسائية كسلعة أساسية. 

 توضح أبو زين الدين أن الفوط الصحية تُعد من السلع التجارية والكمالية؛ الدليل على ذلك هو  سعر الضريبة المرتفع المفروض عليها، وقلة أماكن توافرها، وعدم تصنيفها كمستلزم طبي، وعدم إتاحتها بشكل مجاني في المراكز الصحية، ومدارس البنات؛ كلها عوامل تؤكد أنها لا تُعد سلعة أساسية. 

بحسب اليونيسف، تمضي المرأة نحو 7 سنوات وهي حائض؛ أي أقل من سبع سنوات بقليل. وبحِسْبة يسيرة، قد تنفق المرأة نحو 3000 دينار أردني طيلة حياتها، في شراء الفوط الصحية إذا ما قدّرنا أنها قد تستخدم ثلاث إلى خمس قطع يومياً، علماً أن طول فترة الحيض وغزارة تدفق الدم، يختلفان من امرأة الى أخرى. 

يُذكر أن نسبة النساء اللاتي تقع أعمارهن بين 15 سنة و54 سنة، تبلغ نحو 56.1 بالمئة من إجمالي النساء في الأردن. 

تشير أبو زين الدين إلى مشكلة ربط صحة النساء بدورهن النمطي، أو دورهن المجتمعي؛ لا “كمواطنات” يحق لهن الحصول على الرعاية الصحية، منوّهة بأن الفتيات غير المتزوجات يشعرن بالإقصاء؛ بسبب خشيتهن من الذهاب إلى مراكز الأمومة والطفل، تجنباً “للوصمة المجتمعية” بسبب حداثة سنهن، وكونهن غير متزوجات. وتبيّن أبو زين الدين، أن  الحيض يلازم المرأة غالبية سنوات عمرها، بخاصة إذا ما أخذنا في الحسبان أن الحيض نتيجة للتغيرات المناخية، قد يبدأ باكراً بعمر سبع أو ثماني سنوات. 

حين تصبح الفوط النسائية رفاهية

حصلنا، من وزارة التجارة والصناعة على قائمة بالسلع الأساسية؛ وعددها 15 سلعة، منها: القمح والشعير والحنطة والنخالة والسكر والحليب؛ وأضيف إليها أخيراً الدجاج.

 يقول وائل كلوب، مدير مراقبة أسواق التموين في وزارة الصناعة والتجارة، إن معيار اختيار السلع الأساسية يُحدد وفقاً لمصلحة المواطن. كما يحق للوزير تفويض مجلس الوزراء لإضافة أي سلعة يراها، لتكون ضمن سلة السلع الأساسية.

 ويبيّن كلوب أن الدولة تراقب أسعار السلع الأساسية بشكل مباشر، وتراقب المخزون الاستراتيجي لهذه السلع؛ ليغطي ما لا يقل عن ثلاثة أشهر لبعض السلع، مثل الأرز والسكر، وسنة للقمح والشعير. 

يرى الخبير الاقتصادي رعد التل، أن السلع الأساسية هي التي يتداولها المواطنون يومياً، وهناك معايير عدة لتحديد السلع الأساسية، أهمها مقدار الحاجة والاستهلاك وصحة المواطن.  وتحاول الحكومات في العالم إعفاء تلك السلع من الضريبة؛ لتكون في متناول الناس، وبأسعار معقولة.

تبيّن بعد التواصل مع وزارة التجارة والصناعة الأردنية، أن تصنيف الفوط النسائية وإدراجها تحت بند “مناشف وواقيات صحية وبطانات وحفاضات وفوط مبطنة للأطفال” هو تصنيف عالمي. وتُفرض على “الفوط النسائية” ضريبة مبيعات عامة، بقيمة 16 بالمئة، ورسم جمركي بقيمة 15 بالمئة، ولا تُعدل الضريبة إلا بقرار من مجلس الوزراء. 

 يوضح المستشار الضريبي، الدكتور إبراهيم الحنيطي، أن الأصل في كل السلع، خضوعها لضريبة 16 بالمئة، والبقية هي الاستثناءات. ويقول الحنيطي إن ضريبة المبيعات وغيرها من الضرائب غير المباشرة، غير عادلة؛ لأن الجهة التي تقوم بدفعها، تُحمّل عبئها للمستهلك النهائي. ويضيف الحنيطي أنها تُفرض على كل الطبقات، ولا تميز بين القدرة الشرائية والوضع الاجتماعي، والحالة الاقتصادية للفرد؛ مشيراً إلى أن الأردن يعتمد -بشكل كبير- على ضريبة المبيعات المفروضة على السلع.

ووفق جداول ضريبة المبيعات، توجد سلع مُعفاة؛ أي غير خاضعة لضريبة المبيعات، وسلع مُخفضة الضريبة.

يضيف الحنيطي أن فرض ضريبة المبيعات على السلع -بطبيعة الحال- يرفع السعر النهائي للمنتج؛ بل وقد يضاعفه أحياناً، بالإضافة الى وجود رسوم الجمرك، التي قد تصل إلى 15 بالمئة، ومن شأنها رفع الكلفة؛ وبالتالي قد يشتري المستهلك سلعة بدينار، تبلغ قيمتها في الأصل -من المصدر- نصف دينار. وكلّما توسعت سلسلة نقل البضائع بين المصدر والتجار، حتى وصولها الى المستهلك؛ زاد السعر.

يؤكد الحنيطي -الذي عمل سابقاً في الضريبة- أن قرار إعفاء السلعة، أو تغيير قيمة الضريبة، هو بيد مجلس الوزراء؛ ويأتي نتيجة ضغوط -من مؤسسات المجتمع المدني، أو مجلس الوزراء- فيحاول المجلس تخفيف العبء عن المواطن. ويوضح الحنيطي، أنه حتى ضمن السلع التي تقع ضمن تصنيف واحد؛ يُمكن تغيير الضريبة على بند واحد منها فقط، من دون الحاجة إلى تغيير كل السلع، المُدرجة ضمن هذا التصنيف.

“فوط غير صحية”

في ورقة بحثية نشرتها “تقاطعات”، أوصت -من خلالها- أن تُصنف الفوط النسائية منتجاً صحياً، وأن تكون خاضعة لـ “مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية”؛ لأن السلع التي تُصنف كدواء، تُفرض عليها ضريبة مخفضة؛ قيمتها 4 بالمئة مع بعض الاستثناءات. في دول عدة، مثل الولايات المتحدة، تُعد الفوط النسائية منتجاً صحياً؛ إذ تُعرِّف “هيئة الغذاء والدواء الأميركية” (FDA) الجهاز الطبي، بأنه “مستلزم مخصص للاستخدام في تشخيص المرض أو الحالات الأخرى، أو في العلاج أو التخفيف، أو الوقاية من المرض”.

تواصلنا مع “المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأردنية”؛ لمعرفة أسباب إقصاء الفوط “الصحية” من قائمتها. جاء في ردها، أن “الفوط النسائية” ليست مستلزمات طبية؛ إذ لا تُستخدم لغايات طبية، وبالتالي لا ينطبق هذا التعريف عليها؛ وأي موافقات بخصوص استيرادها وفحصها، ليست من اختصاص المؤسسة.

في المقابل، تخضع الواقيات الذكرية للتحليل والتسجيل لدى “المؤسسة”، من خلال مديرية المستلزمات الطبية؛ ولا يُسمح بتداولها في السوق، إلا بعد التأكد من مطابقتها المعايير العالمية، واجتيازها الفحص المخبري؛ الأمر الذي ينطبق على الضمادات، والقطن المستخدم في الكثير من المجالات الطبية. 

هذا ومن الصعب معرفة ما يدخل في صناعة الفوط النسائية؛ لأن الأنواع الموجودة في السوق، لم تكتب مكوناتها على أي منها. بالتواصل مع إحدى الشركات المُصنّعِة للفوط الصحية؛ تبيّن أنها تتكون من مواد ليفية، مصنوعة من “بولي إيثيلين”؛ في حين تتكون طبقة الامتصاص من مواد مسامية، مصنّعة من ألياف خشبية، وألياف البوليستر. وهذا يتوافق أيضاً مع ما ورد في موقع إلكتروني لنوع آخر من الفوط الصحية.

يؤكد أحمد يونس، اختصاصي في صحة المرأة والأمراض الجلدية، أن البولي إيثيلين هو نوع شائع جداً من البلاستيك، الذي يدخل في صناعة الفوط الصحية، ويُعد آمناً للاستخدام . ويلفت يونس إلى وجود أدلة تشير  إلى بعض الأضرار الصحية، الناتجة من المواد البلاستيكية؛ لكنّنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات والأبحاث العلمية في هذا المجال؛ ما يستلزم “رقابة ضرورية”، وفق تعبيره.

من جهتها، تقول الدكتورة لميس لاقي، طبيبة عامة بمؤسسة الملك حسين في منطقة دير علا، إنها تواجه الكثير من الممارسات الخاطئة من قبل المراجعات، أثناء الدورة الشهرية؛ منها عدم تغيير الفوط بالمعدل المطلوب، علماً أن “منطقة استخدام الفوط” رطبة مظلمة، ودرجة حرارتها عالية، وتُعد بيئة مناسبة لنمو الفطريات والبكتيريا؛ فكلما زادت مدة استخدام هذه الفوط، تزيد رطوبة المنطقة، وتُسبب التهابات تسمى “بالانتهازية”؛ قد تؤدي مستقبلاً إلى العقم.

كما أن الالتهابات إذا لم تعالج، يُمكن أن تصل إلى الحوض؛ فتؤثر على الحمل، أو تؤدي إلى الولادة المبكرة، ومشكلات والتهابات للجنين، وتسمم الدم عند الأجنة بعد الحمل.

  أرقام غائبة ومطالب خجولة

ترتفع المطالب المنادية بتحرير الفوط النسائية من ضريبة المبيعات والسلع، وتصنيفها كمستلزمات أساسيّة أو صحيّة. يُذكر أن اسكتلندا، كانت أول دولة تتيح منتجات الدورة الشهرية بشكل مجاني؛ أما في الولايات المتحدة، فتُصنف الفوط الصحية كمواد صحية، وتخضع لتنظيم إدارة الغذاء والدواء الأميركية، التابعة لوزارة الصحة الأميركية. وفي الهند، حيث كانت تُفرض ضريبة مبيعات بقيمة 12 بالمئة على الفوط النسائية؛ أُعفي المنتج النسائي من الضريبة عام 2018. أما في السودان، فأصبحت الفوط الصحية تُقدم ضمن حزم التأمين الصحي، وتتحمل المرأة نصف تكلفتها. في المقابل، غابت هذه “الإجراءات” عن الأردن.

وترى ريم خشمان، الباحثة والناشطة النسوية، ضرورة وجود دراسات تقيس حجم المشكلة، وأرقام تعكس حقيقة الوضع الحالي، المتعلق بفقر الدورة الشهرية. وتطالب أن تدرج الفوط الصحية ضمن قائمة المستلزمات الطبية، حينها تصبح الدولة مُكلفة بصرفها في مراكزها الصحية، وتنتجها المصانع بسعر أرخص، وتُقدم مجاناً، كالخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية. 

لا تتوقف مطالب خشمان على توصيات فقط؛ بل لها مبادرات -أقربها منذ شهرين- دعت فيها النساء الى وضع الفوط الصحية في طرود الخير: “هناك نقص في الفوط النسائية، لمَ لا تحوي طرود الخير تلك الفوط؟ السلع الأساسية ليست فقط عدساً وأرزاً وبقوليات”. وبحسب خشمان، فإن عدم الوصول الى هذه السلع؛ يعيق الفتيات من الوصول الى العمل والتعليم. تضيف، “لا يجب أن ننتظر حدوث كارثة أو زلزال أو لجوء؛ لكي نرى مدى ضرورتها”. 

في السياق ذاته، تطرح الدراسة، التي أجرتها “تقاطعات”، توصيات عدة؛ أهمها إدراج الفوط النسائية تحت “مؤسسة الغذاء والدواء”، وتوزيعها مجاناً في المراكز الصحية والمدارس، وإعطاؤها للنساء في فترة النفاس (فترة ما بعد الولادة). هذا إلى جانب خفض ضريبة المبيعات، أو إعفائها، وإعفاء مدخلات إنتاجها من الضرائب؛ بالإضافة إلى تخصيص مبالغ ضمن المعونة الوطنية؛ لشراء منتجات الدورة الشهرية.

اليوم، وبعدما أنجبت آمنة ابنها الأول، وجدت متنفساً -من الحيض ومستلزماته- في الرضاعة، ولن تحتاج إلى شراء فوط نسائية، حتى إشعار آخر. أما الباقيات ممن التقينا بهن، فسيستمر همّ شراء الفوط، وهمّ استبدالها، وهمّ إيجاد بدائل رخيصة لسنوات، بل لعقود؛ إلى أن يتمكنّ من الحصول عليها مجاناً، أو على الأقل تتوقف الدولة عن “جباية ضريبة” على سلعة بعيدة كل البعد من “الرفاهية”.