fbpx

ساعة “الساعاتي” حاتم علي تتعطّل: “لم يمت الإنسان ما حييَ الذكرُ”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان المخرج السوري منهمكاً طوال الوقت في محاولة إصلاح الزمن عبر أعماله. وهو ما عكسته اختياراته …

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
حاتم علي

كان حاتم علي مولعاً بالزمن. 

في مسلسل من اخراجه وكتابة زوجته دلع الرحبي وبطولة منى واصف وسلاف فواخرجي وجمال سليمان ومن انتاج العام 2005، حمل عنوان قصيدة ابو فراس الحمداني التي غنتها أم كلثوم “عصيّ الدمع”، يلعب دور قاضٍ يترك القضاء في نهاية المسلسل ليعمل في تصليح الساعات المعطّلة، بعدما يكتشف استحالة اصلاح النظام القضائي السوري المتوقفة ساعته “منذ بدايات القرن الماضي” كما يقول لصديقه المحامي في الحلقة الأخيرة. 

المسلسل فيه تشريح عميق للمجتمع السوري في حبكة درامية تجمع بين زمنين عبر الموسيقى الكلاسيكية الغربية والموسيقى الشرقية المتمثّلة بأعمال أم كلثوم. دور “الساعاتي” الذي لعبه حاتم علي في المسلسل هو دوره فعلياً في الحياة. كان المخرج السوري منهمكاً طوال الوقت في محاولة إصلاح الزمن عبر أعماله. وهو ما عكسته اختياراته للسير التاريخية التي قدمها، خصوصاً في أعمال مثل “عمر” الذي تناول سيرة الخليفة عمر بن الخطاب، أو “صلاح الدين الأيوبي”، أو “الملك فاروق” الذي أثبت مقدرة كبيرة لدى حاتم علي في “غزو” الدراما المصرية والتربّع على “عرشها”، أو “التغريبة الفلسطينية” التي تحاول سرد تفاصيل المعاناة الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني وصولاً إلى الاحتلال الإسرائيلي، او ثلاثية الأندلس (“صقر قريش”، “ربيع قرطبة” و”ملوك الطوائف”) التي تروي حكاية العرب مع الاندلس من الفتوحات وحتى سقوط غرناطة (كتابة وليد سيف)، أو “الزير سالم” (كتابة ممدوح عدوان) الذي يحكي قصة حرب البسوس عبر شخصية الشاعر الجاهلي عدي بن ربيعة، كلها أعمال بطلها الزمن، و”الساعاتي” حاتم علي يحاول تحريك عقاربه في محاولة الفهم والإفهام عبر الكاميرا التي تضبط الزمن متلبّساً في مكانه الأصلي وتعطيه أبعاده الضرورية لتفسيره ووضعه في سياقاته.  

توقّفت ساعة قلبه فجأة عن العمل، بعدما اتعبته محاولات إصلاح الزمن، بلا جدوى.

هذا الإشتغال بالزمن التاريخي، ترافق مع لعب مع الزمن الحاضر عبر الأعمال الدرامية التي تناولت المجتمع السوري وتناقضاته من “الفصول الأربعة” إلى “الغفران” و”أحلام كبيرة” و”قلم حمرة” الذي يحكي تأثير الثورة السورية والفترة التي سبقتها وتلتها على الطبقة الوسطى السورية، واضطر علي إلى تصوير المسلسل كله في بيروت ونجح في إظهارها مطابقة للعاصمة دمشق، وعرض المسلسل في رمضان العام 2014 على شاشة الأم بي سي. في هذه الأعمال التي يحضر فيها الهمّ السوري المجتمعي، يبدو الزمن كساعة رملية، يقلبها حاتم علي للمحافظة على حركة الرمال في قمقم الوقت، مع نجاحه في منعها من الإفلات من بين أصابعه. حتى عندما يغيب السياق التاريخي، بمعناه التقليدي، يحضر التوثيق بأبعاده المجتمعية، مع ما يحمله ذلك من رسائل مبطنة وذكية يضمّنها في المشاهد والحوارات واللقطات اللماّحة والموهوبة التي تقول الكثير بوقت قصير وتصفع المشاهد لإيقاظه من رتابة الحياة إلى صدمة الدراما. 

هكذا مثلاً يدخل خالد تاجا في مشهد متكرر في “عصي الدمع” يومياً إلى قصر العدل ليسأل أحد المحامين: “سؤال لو سمحت يا أستاذ؟ نحنا هون وين؟”، وحين يجيبه “نحنا هون بقصر العدل”، يستدرك تاجا: “قصر شو؟”، ليرد المحامي بثقة: “العدل”. فينفجر تاجا من الضحك. 

هل هناك مشهد اكثر تعبيراً عن غياب العدالة في سوريا من مشهد بسيط وذكي كهذا؟ 

لماذا كثرة الإستشهاد بـ”عصيّ الدمع”؟ لأن هذا المسلسل لم يأخذ حقه تماماً من بين أعمال حاتم علي الأخرى، ولأن الشخصية التي يؤديها حاتم علي أمام الكاميرا تشبه شخصيته التي يعيش فيها وراء الكاميرا كمخرج، ولأن عنوانه يعبّر تماماً عن حال كثيرين من محبّي حاتم علي الذين غصّوا بدموعهم مع سماع خبر وفاته بأزمة قلبية قبل يومين من نهاية هذا العام المشؤوم.

في قصيدة ابو فراس الحمداني بيت غنته أم كلثوم يقول: “اذا الليل أضواني بسطتُ يد الهوى/ وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر”. وهذه حال كثيرين سيجدون دمعهم يخونهم حينما يقعون على مشاهد من إخراج “الساعاتي” الذي توقّفت ساعة قلبه فجأة عن العمل، بعدما اتعبته محاولات إصلاح الزمن، بلا جدوى. لكن العزاء يبقى في بيت شعري آخر من قصيدة “عصي الدمع”: “هو الموتُ فاختر ما علا لك ذكره/ فلم يمت الإنسان ما حييَ الذكرُ”.

إقرأوا أيضاً:

المقالات العشرة الأكثر قراءة خلال عام 2020

مرفأ بيروت:
اختفى تحت الإهراء…!

“ظللتُ أقولُ له: ستذهب إلى المرفأ وتتركني هنا مع الأطفال، فماذا لو حدث شيء؟ وكان يقول لي: أقلقُ عليكم في المنزل، ولا أقلقُ على نفسي في المرفأ”…

تقصي ثروة رياض سلامة في أوروبا:
شركات وعقارات و”5 أبعاد من المتعة”

استثمرت شركات خارجية (أوفشور) مملوكة لحاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة بهدوء في أصول خارجية، بلغت قيمتها نحو 100 مليون دولار أميركي في السنوات الأخيرة، فيما كان سلامة يشجع الآخرين على الاستثمار في بلاده.

قصة “طبيب النظام السوري” الذي عذّب قريبي

كان يُمنع على أحد أن يقترب من غرفته باستثناء الحراس والمحققين وطبيب يعاينه لعشر دقائق صباحاً. أما الحراس الآتون من “الخطيب” ومن إدارة المخابرات الجوية، فكان “صفعهم إياي أمراً طبيعياً لهم”.

في حقيقة البحث عن علاج للكورونا

دخلت شركة سانوفي الفرنسية ومعهد باستور في سباق مع ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل للتوصّل إلى لقاح ضدّ الكورونا. المسألة لن تكون سهلة